جولة للسفيرة الأميركية في بيروت تحيي ترسيم الحدود البحرية

لبنان يعلن استعداده لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل

عون مجتمعاً مع السفيرة شيا أمس (دالاتي ونهرا)
عون مجتمعاً مع السفيرة شيا أمس (دالاتي ونهرا)
TT

جولة للسفيرة الأميركية في بيروت تحيي ترسيم الحدود البحرية

عون مجتمعاً مع السفيرة شيا أمس (دالاتي ونهرا)
عون مجتمعاً مع السفيرة شيا أمس (دالاتي ونهرا)

أعادت زيارة السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أمس للرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تحريك ملف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل التي توقفت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث أعلن الجانب اللبناني عن استعداده لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت، و«لتثبيت حقوقه السيادية واستثمار ثرواته».
وقامت السفيرة شيا بجولة وصفتها مصادر وزارية مطلعة بأنها «استطلاعية» لأبرز الملفات اللبنانية العالقة في ظل إدارة أميركية جديدة، ويتصدرها ملف ترسيم الحدود البحرية التي توقفت، وملف تشكيل الحكومة اللبنانية.
وتضطلع الولايات المتحدة بدور الوسيط والمسهل للمفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية التي انطلقت في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعقدت أربع جلسات، واصطدمت بسقوف مرتفعة من المطالب لدى الطرفين. ولا تزال الولايات المتحدة على استعداد لمتابعة دورها كوسيط ومسهّل، ولم تتخلّ عن هذه المهمة بعد تعثر المفاوضات.
وأعلن لبنان أمس عن استعداده لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، إذ أكد الرئيس عون «موقف لبنان لجهة معاودة اجتماعات التفاوض انطلاقا من الطروحات التي قدمت خلال الاجتماعات السابقة»، فيما أثار الرئيس بري مع السفيرة شيا موضوع المفاوضات، مشددا على «أهمية استئنافها بزخم نظرا لأهمية النتائج المتوخاة منها للبنان ولتثبيت حقوقه السيادية واستثمار ثرواته».
وبعد إعلان اتفاق الإطار للشروع بمفاوضات ترسيم الحدود، أخرج لبنان خريطة جديدة تطالب بمساحة 2290 كيلومتراً بحرياً، رد عليه الإسرائيليون بخريطة أخرى تطالب بمئات الكيلومترات الإضافية في المياه الاقتصادية اللبنانية تصل إلى قبالة مدينة صيدا جنوب بيروت. وعليه، عُلقت المفاوضات في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إثر إلغاء جلسة تفاوض خامسة كان مقرراً أن تُعقد في 2 ديسمبر (كانون الأول)، وتم الاستعاضة عنها بجولة محادثات ثنائية قام بها الموفد الأميركي في بيروت وتل أبيب. ولم تُستأنف حتى الآن المفاوضات، ولم يحدد أي موعد لجلسة جديدة، فيما تسرب أن لبنان ينوي إيداع الأمم المتحدة خريطة جديدة تثبت حقه بالـ2290 كيلومتراً الإضافية من النقطة التي تزعم إسرائيل أنها حدودها البحرية، وذلك بمعزل عن الوساطة الأميركية.
وأعربت السفيرة شيا عن أمنيتها أن تُستأنف المفاوضات، وقابلها لبنان بالإعلان عن استعداده لاستئناف المفاوضات من المكان الذي توقفت فيه، بحسب ما قالت مصادر وزارية مواكبة للملف لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن أمر استئناف المفاوضات ينتظر الآن الموقف الإسرائيلي.
والملف جزء من ملفات أخرى طُرحت خلال اللقاءين، حيث شددت شيا على ضرورة تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، كي تتمكن واشنطن من مساعدة لبنان، بحسب ما قالت المصادر، وفي المقابل، طرح عون ملف التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والإدارات الرسمية.
وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان أصدرته، إن عون بحث مع شيا التطورات الراهنة وسبل تطوير العلاقات اللبنانية - الأميركية بعد تسلم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مسؤولياته الرئاسية. وأكد الرئيس عون خلال اللقاء «حرص لبنان على استمرار علاقات الصداقة والتعاون بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية في إطار من التفاهم والاحترام المتبادلين والتمسك بالقيم المشتركة».
وفي عين التينة، حيث مقر إقامة رئيس مجلس النواب، عرض بري مع السفيرة الأميركية الأوضاع العامة لا سيما تداعيات الأزمة الخانقة التي تعصف بلبنان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».