أنباء في دمشق عن اعتقال زوجة نجل القذافي

بعد دهسها مدنيين وشرطة

TT

أنباء في دمشق عن اعتقال زوجة نجل القذافي

علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر خاصة، أن توجيهاً رسمياً صدر من أحد الأجهزة الأمنية بدمشق باعتقال ألين سكاف زوجة هانبيال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، على خلفية قيادة رعناء للسيارة ودهس ثلاثة رجال من الشرطة ومدنيين في حي الشيخ سعد بمنطقة المزة بدمشق، ليل الأحد - الاثنين، وترويع المدنيين والأجهزة الأمنية.
وجاء التوجيه باعتقال سكاف بعد افتضاح أمر تدخل شخصية متنفذة، ومنع أجهزة الأمن والشرطة التي حاصرتها وكانت بحالة هستيرية بسبب توقفيها بالقول: «اتركوها. هي تخصني»، حيث تداول الشارع الدمشقي أنباء الحاثة بكثيرٍ من الاستياء، وقالت سيدة من سكان حي الشيخ سعد مكان وقوع الحادثة: «لا أحد مهتم لأمر رجال الشرطة المعترين والمدنيين الذين لا ذنب سواء ماتوا أم أصيبوا بعاهة، المهم كنة (زوجة ابن) معمر القذافي تكون مبسوطة لأن هناك من يدعمها». وأضافت: «عندما سمعنا دوي إطلاق الرصاص ظننا أنها ملاحقة لإرهابيين، ولم يخطر لنا أن القضية تخص امرأة مخمورة تشتم الشرطة والأمن وأكبر مسؤول بالبلد، ومع ذلك لم تعاقب، في حين أن أفقر صاحب بسطة تمرغ لحيته بالأرض إذا حاول رفع صوته».
وعمت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات غاضبة، لا سيما وأن المرأة التي تصرفت بشكل مخل بالآداب العامة، وتطاولت على الأجهزة الأمنية، هي لاجئة سياسية تعيش بحي المالكي أرقى أحياء دمشق بحماية الأجهزة الأمنية.
ولم يكشف عن هوية الشخصية السورية ذات السطوة التي تدخلت لفض تجمع لرجال قوى الأمن الداخلي وأجهزة الأمن الأخرى إثر محاصرتها ألين سكاف، التي قادت سيارتها برعونة إثر مخالفتها من قبل أحد رجال شرطة المرور في منطقة الشيخ سعد ودهسها لثلاثة من الشرطة ومدنيين من الذين تجمهروا في موقع الحادث. وإذ تكتمت الجهات الرسمية على الحادثة التي شهدت إطلاق نار من قبل عناصر المرافقة لألين سكاف، نشر موقع «صوت العاصمة» المعارض عدداً من الصور لموقع الحادث، وقال إن «فتاة دهست عناصر شرطة ومدنيين اثنين ودراجات نارية خلال قيادة رعناء في حي المزة». وقالت مصادر محلية من الأهالي إن سيارة نوع «رانج» تقودها سيدة، وتتبعها سيارة مرافقة، أوقفتها شرطة المرور عند مشفى المواساة بسبب مخالفتها السير، فغضبت السيدة، وبدأت بتوجيه شتائم للشرطي بينما تجري مكالمات هاتفية طالبة العون من معارفها، ومع تشدد الشرطي قامت بقيادة سيارتها برعونة، ودهست ثلاثة من الشرطة ودراجة للشرطة ومدنيين، كما أطلقت مرافقتها النار لفتح الطريق، قبل أن يتم توقيفها بالقوة مع محاصرة دوريات الشرطة والأمن للسيارة، أثناء ذلك حضر شخص «مهم» لم يعرف من هو، وقال للمتجمعين «اتركوها. هي تخصني»، وأخذها ومضى، حسب ما ذكرته مصادر أهلية قالت إنها كانت قريبة من الحادث. مع تأكيد جهلها بهوية المرأة وهوية الشخص المسؤول الذي خلصها. وحسب مصادر محلية، جرى نقل المصابين الذين لم يكشف عن أسمائهم ولا حالتهم الصحية إلى مشفى المواساة القريب من الحادث.
يشار إلى أن ألين سكاف زوجة هانبيال معمر القذافي، وهي لبنانية الجنسية ولاجئة سياسية في دمشق قد جاءتها مع زوجها بعد سقوط نظام القذافي في ليبيا عام 2012، حيث انتقلت ألين مع زوجها وأبنائها الثلاثة إلى الجزائر، وبقيت في استضافة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بو تفليقة، تحت الإقامة الجبرية، ثم جاءت العائلة إلى دمشق. وفي عام 2015 جرى اختطاف هانبيال معمر القذافي ونقل إلى لبنان، ليقبع في سجن فرع المعلومات التابع للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني على خلفية اتهام بإخفاء معلومات تتعلق بمقتل الإمام الصدر 1978.



دور «السلطة الفلسطينية» يُعقّد اتفاق إدارة معبر «رفح»

معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
TT

دور «السلطة الفلسطينية» يُعقّد اتفاق إدارة معبر «رفح»

معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)
معبر رفح في الجانب الفلسطيني قبل احتلال إسرائيل له (هيئة المعابر في غزة)

بدا أن الاتفاق على إدارة معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة من الجانب الفلسطيني حجر عثرة كبير اليوم، بعدما أكدت إسرائيل تمسكها بالسيطرة الأمنية على إدارته، في وقت تحدثت مصادر مصرية وفلسطينية بأن «توافقاً جرى على دور السلطة الفلسطينية في إدارة المعبر».

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، أن الاتفاق بشأن عودة معبر رفح الفلسطيني للعمل تم منذ أيام في القاهرة بحضور ممثلين عن مصر وفلسطين وإسرائيل، ويقضي بعودة موظفي هيئة المعابر الفلسطينية والأمن العام الفلسطيني إلى المعبر طبقاً لاتفاق 2005 مع وجود المراقبين الدوليين.

واحتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو (أيار) الماضي بعدما قصفته ودمَّرت أجزاء منه، وطالبت بأن يكون لها ممثلون دائمون بالمعبر، وهو ما رفضت مصر التعاطي معه.

مجدلاني أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أول من أمس كان هناك اجتماع لممثلي الاتحاد الأوروبي مع حسين الشيخ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من أجل وضع الترتيبات اللوجيستية لفتح المعبر وعودة المراقبين الأوروبيين له».

وفي 15 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، وقّعت السلطة الفلسطينية، بصفتها طرفاً أول، وإسرائيل بصفتها طرفاً ثانياً، اتفاقاً عُرف باسم «اتفاق المعابر»، جرى من خلاله وضع الشروط والضوابط والمعايير التي تنظم حركة المرور من الأراضي الفلسطينية وإليها من خلال هذه المعابر، واتُفق خلاله على أن يكون هناك طرف ثالث هو الاتحاد الأوروبي.

ويتضمن الاتفاق أن تخطر السلطة الفلسطينية إسرائيل بمن يمرون من خلال المعابر لمنع أي أشخاص مشتبه بهم من العبور وأن يضمن الاتحاد الأوروبي تنفيذ ذلك، وأيضاً يتم عقد اجتماعات دورية بين الجمارك الفلسطينية والإسرائيلية بحضور الجمارك المصرية، كلما أمكن، لبحث المستجدات فيما يخص المعابر.

انسحاب إسرائيلي

وشدد مجدلاني على أنه وفق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة أخيراً «فسينسحب الجنود الإسرائيليون من المعبر، أما بالنسبة لخروج الجرحى ومرافقيهم فطبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار فيجب عرض الأسماء على الجانب الإسرائيلي من أجل الموافقة عليها».

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح مايو الماضي (رويترز)

ونوه إلى أنه في أغسطس (آب) الماضي تلقت السلطة الفلسطينية عرضاً للعودة إلى المعبر، لكنه كان عرضاً ينتقص من دورها وسيطرتها على المعبر؛ فلذلك رفضته. وقال مجدلاني إن «المعبر سيعود للعمل لخروج الجرحى ومرافقيهم بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي تتضمن تبادل الأسرى والرهائن».

رسائل نتنياهو للداخل

ورغم التأكيدات المصرية والفلسطينية على وجود دور للسلطة في تشغيل المعبر، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بياناً رد فيه على تقرير نشرته «الشرق الأوسط»، الثلاثاء، نقلاً عن مصادر مصرية قالت إن «اتفاق عودة معبر رفح يضمن أن تعود السلطة الفلسطينية للسيطرة عليه». ورأى مكتب نتنياهو أن السلطة الفلسطينية «تحاول خلق صورة زائفة مفادها أنها تسيطر على المعبر»، على حد زعمه.

وزيرا «الصحة» و«التضامن» المصريان أمام معبر رفح من الجانب المصري (الصحة المصرية)

وفي حين أن بيان مكتب نتنياهو قال إنه لا صحة لوجود دور للسلطة في المعبر؛ فإنه عاد وأقر بأن «التدخل العملي الوحيد للسلطة الفلسطينية هو ختمها على جوازات السفر، الذي وفقاً للترتيب الدولي القائم، هو الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لسكان غزة مغادرة القطاع من أجل الدخول أو الاستقبال في دول أخرى، وأن هذا الإجراء صحيح بالنسبة للمرحلة الأولى من الإطار وسيتم تقييمه في المستقبل».

وتابع مكتب نتنياهو: «بموجب الاتفاق، تتمركز قوات الجيش الإسرائيلي حول المعبر، ولا يوجد ممر دون إشراف ورقابة وموافقة مسبقة من الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)».

وأشار إلى أن «الإدارة الفنية داخل المعبر تتم من قبل سكان غزة غير المنتمين إلى (حماس)، بعد فحص جهاز الأمن العام، الذين يديرون الخدمات المدنية في القطاع، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، منذ بداية الحرب. ويشرف على عملهم قوة المساعدة الحدودية الأوروبية».

وعدّ مجدلاني أن «نتنياهو لديه مصلحة في إرسال رسائل للقوى الداخلية في إسرائيل، وخاصة للمتطرفين الذين يرفضون اتفاق وقف إطلاق النار وما يتضمنه».

عودة للأصل

ولفت الخبير العسكري المصري العميد محمود محيي الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاتفاق الذي تم يقضي بعودة الشيء لأصله، أي عودة السلطة الفلسطينية لممارسة الدور القنصلي الكامل على معبر رفح وفق اتفاق 2005».

وأوضح أن «ما تقوله إسرائيل يشبه فرض السيطرة بالعضلات وهذا أمر بعيد تماماً عن الاتفاق الذي تم، فهي التي قالت إنها لن تنسحب من محور فيلادلفيا، ولكن مصر رفضت ذلك وستنسحب إسرائيل في النهاية».

واحتلت القوات الإسرائيلية حدود غزة مع مصر بما فيها محور فيلادلفيا، بعد الاستيلاء عليه في مايو، بزعم أن مصر «لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق بطول هذه الحدود لقطاع غزة» وهو ما نفته القاهرة.

وكانت إسرائيل انسحبت من حدود مصر مع غزة ومنها محور فيلادلفيا بموجب اتفاقية لإدارة المعابر والحدود بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 2005.

أسقف تفاوضية

الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر عمرو الشوبكي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليست كل البيانات الرسمية ولا التصريحات الإعلامية تعبر عن الواقع، وأحياناً تكون بغرض دعائي لتوصيل رسائل معينة خصوصا للرأي العام الداخلي».

وأضاف: «في أثناء عمليات التفاوض المرهقة كثيراً ما تلجأ الأطراف لوضع أسقف تفاوضية عالية، بينما على الأرض يظل الوصول إلى الحلول الوسط ممكناً».

رفض لوجود جنود إسرائيليين

من جانبه، قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «رئيسي الموساد والشاباك في اجتماعهما مع مدير المخابرات المصرية، الاثنين، عرضا فكرة استمرار جنود إسرائيل بالمعبر في ظل عمل السلطة الفلسطينية، لكن هذا الاقتراح قوبل بالرفض خاصة أن السلطة الفلسطينية رفضته من قبل، ومصر لا تقبل سياسة الأمر الواقع»، حسب تعبيره.

وتزامن ذلك مع تصريحات أدلى به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، خلال احتفال بـ«عيد الشرطة»، قال فيها إن «مصر ستدفع بمنتهى القوة في اتجاه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل سعياً لحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين وإعادة الخدمات إلى قطاع غزة ليصبح قابلاً للحياة ومنع أي محاولات للتهجير، لأن هذا الأمر ترفضه مصر بشكل قاطع، حفاظاً على وجود القضية الفلسطينية ذاتها».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

فيما تواصلت في رابع أيام الهدنة جهود إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري مروراً بالعوجة وكرم أبو سالم، حيث دخلت أمس وفق إحصاء رسمي 300 شاحنة تحمل 25 منها الوقود، ليرتفع إجمالي الشاحنات التي دخلت لغزة من الجانب المصري حتى الآن إلى 1290 شاحنة منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، فضلاً عن الشاحنات التي تدخل بمعرفة الأمم المتحدة من معابر أخرى.