«دفعة بيروت»... دراما تعيد الحنين للبنان في السبعينات

إنتاج عربي مشترك يكرّم المدينة

لقطة من إحدى حلقات «دفعة بيروت»
لقطة من إحدى حلقات «دفعة بيروت»
TT

«دفعة بيروت»... دراما تعيد الحنين للبنان في السبعينات

لقطة من إحدى حلقات «دفعة بيروت»
لقطة من إحدى حلقات «دفعة بيروت»

لا يناقش مسلسل «دفعة بيروت» موضوعاً درامياً عادياً أو مشكلة اجتماعية محددة تعنوِن أحداثه. فحبكة نصّه مبنية على قصة طلاب جامعيين عرب مروا على بيروت من بابها الثقافي والعلمي. تقرأ بين سطورها رسائل مباشرة وعكسها، عن الإعجاب الكبير الذي يكنه أهل الخليج العربي للبنان. وتحكي هذه السطور عن ميزة عاصمة عربية لا تشبه غيرها منذ تكوينها. فهي تحتضن التعددية بين شرائحها الاجتماعية، وتؤلف بحضارتها وثقافاتها منارة الشرق.
انفتاحها وتطورها قبل غيرها من العواصم المحيطة بها، جعلها محط أنظار وحلم الشباب العربي. كل هذه العناصر جمعتها كاتبة العمل الكويتية هبة مشاري حمادة في مادة درامية سلسة ومشوقة تعبق بأيام بيروت بين الستينات والسبعينات. كشفت فيها عن عمق علاقة وطيدة بين لبنان وجواره. ولعل تعداد مزايا بيروت والإشارة إلى من أسهم في خرابها كان بمثابة تكريم مباشر لها. يقدّم العمل تحية لبيروت وينحني لها تقديراً إلى حد بذل الحياة كي تبقى نابضة.
«دفعة بيروت» هي قصة عدد من الطلاب العرب الذين أكملوا دراستهم الجامعية في العاصمة اللبنانية. فاختاروا يومها الجامعة الأميركية لينتسبوا لأقسام كلياتها، التي منذ تأسيسها في عام 1866، على يد دانيال بلس، نافست بمنهجها أهم الجامعات العالمية، فشكّلت صرحاً تعليمياً يفتخر به الطلاب الذين ينضوون تحت جناحه.
واجه المسلسل تحديات كثيرة وعانى طاقمه الأمرين بسبب جائحة «كورونا». توقف تصويره لفترة. اعتذر عدد من الفنانين عن استكمال تصوير مشاهدهم وانسحبوا من المسلسل. عُدّل النص بحيث تكون شخصياته بجنسيات مختلفة. أسندت شخصية «مشعل» للفنان محمود نصر بدلاً من الفنان بشار الشطي، وشخصية «مازن» للفنان كارلوس عازار بدلاً من الفنان خالد أحمد، وكان الفنان حمد أشكناني يؤدي شخصية «مساعد» بينما يؤدي شخصية «مبارك» الفنان عبد العزيز النصار، فحصل تبديل بالشخصيات.
إنتاج العمل يعود إلى تعاون لبناني - كويتي توقعه شركة «إيغل فيلمز» لصاحبها جمال سنان. وعلّق هذا الأخير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ولكنها تعود إليك بنسيم عليل. وهو ما حصل معنا في (دفعة بيروت)، إذ إنّ تعديل النص وتحويل شخصياته إلى عربية متعددة الجنسية انعكس إيجاباً عليه وزوده بزخم درامي خاص».
يتألف مسلسل «دفعة بيروت» من 30 حلقة يجري عرضها عبر تطبيق «شاهد في أي بي» الإلكتروني. ومؤخراً تابع مشاهده حلقتيه النهائيتين، إذ كان يجري عرض حلقتين منه مرة كل أسبوع.
كتبت المسلسل هبة مشاري حمادة وأخرجه علي العلي. يشارك فيه مجموعة ممثلين كويتيين بينهم حمد أشكناني وناصر الدوسري ويوسف البلوشي ولولوة الملا وعلي كاكولي وآخرون. كما تلون بممثلين من سوريا كمحمود نصر (مشعل) وأنس طيارة (مساعد). ومن لبنان أطل فيه كارلوس عازار ومجدي مشموشي وأنطوانيت عقيقي كضيوف شرف. وكذلك كل من سارة أبي كنعان وناتاشا شوفاني ووائل منصور. واختير ممثلون آخرون من البحرين كخالد الشاعر وسلوى الجراش ونور الشيخ. وشارك فيه أيضاً كل من ذولفقار الخضر من العراق والممثلة الإماراتية فاطمة الحوسني والمصرية نور غندور ومهند الحمدي من السعودية.
ويعلق الممثل كارلوس عازار لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عشنا تجربة درامية رائعة في هذا العمل كممثلين. فكنا جميعاً متعاونين لم نفكر سوى في إنجاح العمل. لم يحاول أي منا سرقة وهج الآخر أو التقدم عليه في الأداء. فكل منا قدّم أفضل ما لديه وأنا شخصيا وكمشاهد أعجبت بأداء الممثلين الكويتيين علي كاكولي وحمد أشكناني».
تضمنت حلقات «دفعة بيروت» الـ30، قصصا مثيرة فيها الكثير من التشويق. روت علاقات حب مختلفة بينها حزينة وأخرى رومانسية. تناولت موضوعات سياسية ودينية واضعة أصبعها على جرح بيروت الذي لا يزال ينزف حتى اليوم. عرّفت المشاهد على نقاط تشابه كثيرة تجمعه بالوطن العربي. حرّرت العلاقات المرتكزة على الطبقية والعنصرية من قوقعتها. عرضت عادات وتقاليد خليجية ومن بلاد الشام كمادة استكشافية قلة تعرفها. حلّت معضلة اللهجات العربية فدخلت بسلاسة إلى أُذن وقلب المشاهد. كما حرّكت الحنين الذي يخالج اللبنانيين والخليجيين عندما يستذكرون بيروت أيام العزّ. ومع كاميرا ناضجة للمخرج علي العلي ارتكزت على نص دسم لهبة مشاري حمادة ضمن إنتاج رائد لـ«إيغل فيلمز»، تشكّل ثلاثيا ناجحا أثمر قطعة فنية فريدة من نوعها في الدراما العربية.
بعض الثغرات تخللت مجريات العمل ولكنّها لم تؤثر على سياقه. ومن بينها تضمنه طلابا يدرسون الحقوق مع أنّ هذا القسم غير موجود في الجامعة الأميركية منذ تأسيسها حتى اليوم.
رسائل صغيرة يتلمسها المشاهد في سياق العمل تحكي عن وجه بيروت المشرق. ترجمتها الكاتبة في تفاصيل صغيرة أطلّت من خلالها على موضوعات كبيرة كإبداء الرأي الحر والعيش المشترك والثورة على التقاليد.
أمّا الموسيقى التصويرية التي تعود للمصري أمير هداية فلعبت دورها في اكتمال دورة العمل وبلوغه الشفافية المطلوبة. فعانقت مشهدية المسلسل وتماهت مع لحظات الحزن كما مع لحظات الفرح، والإثارة. وفي الحلقة الأخيرة من العمل برهن الكويتي حمد أشكناني (مبارك) عن حرفيته العالية كممثل هو الذي جسد شخصية طالب عبقري بتفكيره ومتخلّف في تصرفاته. وليقلب خيوط شخصيته رأساً على عقب في المشاهد الأخيرة من العمل. ويبرز حب طالب جامعي عربي للبنان إلى حدّ التضحية بحياته لإنقاذ زملائه المحتفلين بتخرّجهم.
وعلى أنغام أغنية ماجدة الرومي «يا بيروت» تسدل ستارة العمل على مشهد مؤثر وصوت يروي لنا عن بطولة مبارك. «مات مبارك وشيّع جثمان البركة في الجامعات والجرائد والمدارس ومراكز الباعة المتجولين ونشرات الأخبار. وبدأت الحرب الأهلية لما نسينا أن الله أنزل الدين لنعرفه لا لنجهل بعضنا». ولتتلاحق عرض صور لبيروت الساكنة قبل هبوب العاصفة، وأخرى عن انطلاق الثورة وانفجار المرفأ.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.