ملف استدعاء حاكم «المركزي» يتفاعل... وسلامة ينفي الأرقام المتداولة عن التحويلات

نائب لبناني يتقدم بطلب لإدراجه بصفة «شاهد طوعي» أمام القضاء السويسري

وزير الخارجية مستقبلاً سفيرة سويسرا أمس (الوكالة الوطنية)
وزير الخارجية مستقبلاً سفيرة سويسرا أمس (الوكالة الوطنية)
TT

ملف استدعاء حاكم «المركزي» يتفاعل... وسلامة ينفي الأرقام المتداولة عن التحويلات

وزير الخارجية مستقبلاً سفيرة سويسرا أمس (الوكالة الوطنية)
وزير الخارجية مستقبلاً سفيرة سويسرا أمس (الوكالة الوطنية)

تفاعل ملف استدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل القضاء السويسري، دبلوماسياً وسياسياً، مع اتهام الحاكم لمسربي الأرقام المتداولة في وسائل الإعلام بالسعي إلى «ضرب صورة المصرف المركزي وحاكمه»، فيما تقدم النائب جميل السيد بطلب رسمي إلى القضاء اللبناني لإدراجه بصفة «شاهد طوعي أمام القضاء السويسري حصراً».
وتجري السلطات السويسرية تحقيقاً في مزاعم عن تحويلات مالية إلى سويسرا، وقال محققون سويسريون الأسبوع الماضي، إنهم ينظرون في أمر المزاعم المرتبطة بمصرف لبنان المركزي، من غير أن يذكر مكتب المدعي العام السويسري ما إذا كان سلامة مشتبهاً به أم لا، ولم يقدم أي تفاصيل أخرى عن القضية، بينما أعلن سلامة عن استعداده للمثول أمام القضاء بعدما طلبت سويسرا من السلطات اللبنانية من خلال السفارة توجيه «أسئلة محددة» لسلامة وشقيقه ومساعدته بشأن تحويلات للخارج، جرت في السنوات الأخيرة، تصل إلى نحو 350 مليون دولار.
والتقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه سفيرة سويسرا لدى لبنان مونيكا شموتز كيرغوتس أمس (الاثنين). ودعا وهبه بعد اللقاء إلى «وجوب الحفاظ على السرية المطلقة إلى أن يقول القضاء كلمته». وتمنّى على وسائل الإعلام تغطية الخبر كما هو «دون تأويل أو إضافة أو تحوير في الكلام».
وقال وهبه: «أمام القضاء اللبناني طلب من القضاء السويسري ولم أطلع على محتوى الملف الذي أودعته سفيرة سويسرا لدى جانب وزارة العدل قبل فترة من زيارتها لي»، متمنياً «أن يترك للقضاء اللبناني كامل الحرية للإدلاء واتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن».
ولم تعلق السفيرة السويسرية بدورها على الملف، قائلة: «المسألة تعود إلى وزير العدل السويسري والمدعي العام في سويسرا الذي وجه الطلب للمساعدة القضائية، ولا شيء عندي أدلي به».
وقادت وسائل الإعلام المحلية حملة تكهنات بحجم الأموال المحولة إلى سويسرا، وتحدث النائب السويسري الاشتراكي فابيان مولينا في حديث لقناة «الجديد» المحلية عن أن «الأموال التي وصلت من لبنان إلى سويسرا بعد عام 2016 زادت على ملياري دولار»، لكنه نفى أن يكون لديه أي تأكيد بأن «جميع هذه الأموال من مصادر شرعية». وفي الوقت نفسه، لم يؤكد ما إذا كان تم تجميد ملايين الدولارات في حسابات سلامة، قائلاً إن الأرقام وردت في الصحافة.
وأمام اتساع رقعة التداولات والتكهنات، أكد سلامة أمس، أن «كل الأخبار والأرقام المتداولة في بعض الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مضخمة جداً ولا تمت إلى الواقع بصلة، وتهدف بشكل ممنهج إلى ضرب صورة المصرف المركزي وحاكمه».
وأوضح بيان أصدره مكتبه الإعلامي أمس، أن «الحاكم يمتنع عن الخوض علناً في الأرقام والحقائق لدحض كل الأكاذيب في ملف بات في عهدة القضاء اللبناني والسويسري». وأكد أن «منطق (اكذب... اكذب... فلا بد أن يُعلق شيء في ذهن الناس)، لا يمكن أن ينجح في هذه القضية وفي كل الملفات المالية، لأن كل الحقائق موثقة».
وطرأ تطور جديد على القضية، بإعلان النائب جميل السيّد عن استعداده ليقدم إفادة طوعية في الملف أمام القضاء السويسري. وتقدم السيد «بصفته الشخصية كمواطن لبناني وبصفته النيابية كممثل عن الشعب اللبناني»، بطلب رسمي إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عبر وزارة العدل أمس، لإدراجه بصفة «شاهد طوعي أمام القضاء السويسري حصراً، للإدلاء بالمعلومات التي يملكها أو التي قد يسأل عنها في التحقيق الذي تجريه السلطات السويسرية حول تحويلات مالية من حاكم مصرف لبنان وآخرين». وأضاف في بيان نشرته «الوكالة الوطنية للإعلام»، أنه مستعد للإدلاء بالمعلومات «لا سيما حول القوانين والتعاميم والوقائع المتعلقة بعمل مصرف لبنان وبالتعاميم الصادرة عنه بما فيها تصريحات الحاكم العلنية التي كان يدعو فيها اللبنانيين ويطمئنهم تكراراً لإيداع دولاراتهم في لبنان في الوقت الذي كان يخرج فيه أمواله منه، وبما يعد بمثابة سوء استغلال للوظيفة العامة ومخالفاً لقوانين الفساد والإثراء غير المشروع».
وطلب السيد من القاضي عويدات «ضم نسخة عن طلبه كمستند رسمي إلى المراسلة التي سيحيلها عويدات لاحقاً إلى السلطات السويسرية جواباً على طلب المساعدة القضائية الذي كان تلقاه منذ أسبوعين للتحقيق في هذا الموضوع».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.