رئيس البعثة الأممية يصل السودان الشهر المقبل

السفير عمر الشيخ قال إن مهامها تتجلى في «مساعدة الحكومة على الانتقال الديمقراطي»

رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (رويترز)
TT

رئيس البعثة الأممية يصل السودان الشهر المقبل

رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (رويترز)
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (رويترز)

يصل إلى الخرطوم، مطلع فبراير (شباط) المقبل، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، الألماني فولكر بيرتس، لمباشرة مهامه رئيساً للبعثة الأممية (يونيتامس)، قصد مساعدة ودعم الحكومة السودانية في الانتقال الديمقراطي، حتى إجراء انتخابات عامة بنهاية الفترة الانتقالية (4 سنوات).
وتضم البعثة التي تكونت تحت الفصل السادس 269 موظفاً مدنياً، ولا تتضمن وجود قوات عسكرية. ويجري فريقها الذي يوجد في البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويضم كبار الموظفين الدوليين، مشاورات مع اللجنة الوطنية المستقلة بشأن أحكام التنسيق بين الحكومة والبعثة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لعملية الانتقال.
وأنهى مجلس الأمن الدولي، في 31 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مهام البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد)، بعد أكثر من 13 عاماً من تأسيس البعثة عملياتها في الإقليم تحت البند السابع.
وقال رئيس اللجنة، السفير عمر الشيخ، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن رئيس البعثة أبلغه هاتفياً بحضوره إلى البلاد في الثاني من فبراير (شباط) المقبل، معبراً عن سعادته باختياره لقيادة البعثة الأممية في ظروف الانتقال الحالية.
وأوضح الشيخ أن مهام البعثة الرئيسية تتجلى في مساعدة الحكومة في الانتقال الديمقراطي، من خلال المساهمة في بناء السلام، وكتابة الدستور الدائم، وإجراء التعداد السكاني، والإشراف على إجراء انتخابات حرة نزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، مبرزاً أن الأهداف الاستراتيجية للبعثة تساعد الحكومة في خلق أوضاع آمنة، وحشد الموارد الدولية، وربط السودان بالمؤسسات الدولية لدعم مرحلة الانتقال، حسب قوله.
ومن جانبه، قال ممثل وزارة الخارجية في اللجنة، يوسف أبو علي، إن الأمم المتحدة أجازت ميزانية للبعثة في العام الأول بمبلغ 34 مليون دولار للبدء في أعمالها، مشيراً إلى أن الدعم سيرتفع تدريجياً لمقابلة احتياجات البلاد، ووجود مقترح لتكوين صندوق ائتماني بهدف حشد الموارد اللازمة من المانحين ووكالات الأمم المتحدة، قصد مساندة أعمال البعثة في تنفيذ أهدافها الاستراتيجية.
وأضاف أبو علي أن البعثة ستفتح 8 مكاتب إقليمية، 3 منها في إقليم دارفور، و3 في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، و2 في ولايتي البحر الأحمر وكسلا (شرق البلاد)، علماً بأن هذه الولايات تعد من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة وتوترات أمنية.
وأكد أبو علي كذلك أن البعثة تأتي في إطار الدعم السياسي والفني، موضحاً أنها لا تضم أي قوات عسكرية، وأنها ستركز أولوياتها في العمل على بناء ودعم عملية السلام في المناطق التي شهدت نزاعات، والتي لا تزال تشهد توترات أمنية.
وسبق لرئيس البعثة الأممية في السودان، فولكر بيرتس، أن عمل مبعوثاً للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا بين عامي 2015 و2018. كما ترأس مجموعة أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قد أصدر في يوليو (تموز) 2020 قراراً بتشكيل لجنة وطنية تنفيذية للتنسيق مع البعثة الأممية المتكاملة (يونيتامس) لدعم الانتقال في السودان. وتضم اللجنة الوطنية السودانية ممثلين عن وزارات الخارجية، والداخلية، والحكم الاتحادي، والمالية والتخطيط الاقتصادي، والعمل والتنمية الاقتصادية، علاوة على ممثلي هيئة الاستخبارات العسكرية، وجهاز المخابرات العامة، ومفوضية نزع السلاح والتسريح، ومفوضية العون الإنساني، إلى جانب عدد من السفراء.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً بتكوين بعثة سياسية تحت البند السادس، للمساعدة في التحول الديمقراطي في السودان، ودعم عمليات السلام، وتنفيذ اتفاقات السلام في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.