الشارع يراهن على الحكومة الجديدة لإخراج «المرتزقة» من ليبيا

TT

الشارع يراهن على الحكومة الجديدة لإخراج «المرتزقة» من ليبيا

وسط ترقب ومخاوف من تأثير عدم إخراج «المرتزقة» من ليبيا على المسار السياسي الجاري، بعد انتهاء المدة التي حددتها اللجنة العسكرية المشتركة في اتفاق جنيف، يراهن سياسيون وأعضاء في مجلس النواب على قدرة الحكومة الجديدة على إنهاء هذا الملف، ويؤكدون أن الدول التي جلبتهم «هي التي تسببت في إفشال ترحيلهم عن البلاد، بهدف ضمان مصالحها أولاً، وفقاً للترتيبات الجديدة».
وقال النائب وعضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، محمد لينو، إن الحكومة الوطنية الجديدة «ستملك فرصة إنهاء الانقسام السياسي، والعمل على المصالحة الوطنية بين أطياف المجتمع، وقد تكون قادرة أيضاً على دعم اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وتفعيل قراراتها على الأرض، ومنها إخراج المرتزقة» من البلاد.
وأضاف لينو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه في حال الاتفاق على تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة، «فستكون الحكومة المقبلة قوية ومستقرة، لأنها ستلقى دعم الأقاليم الليبية الثلاثة، ما يعزز قدرتها على التحرك، ومخاطبة أطراف عديدة، ومنها الدول الراعية للمرتزقة في بلادنا».
ولم يستبعد لينو أن تلجأ الحكومة الجديدة إلى منح مزايا اقتصادية لتحفيز هذه الدولة على ترحيل «المرتزقة»، لافتاً إلى أنه سيكون في استطاعة هذه الحكومة مستقبلاً مخاطبة مجلس الأمن الدولي لمساعدتها في إنجاز هذه المهمة، «ومن دون الحكومة الجديدة لن يرحل المرتزقة بشكل كلي عن بلادنا».
ونصّت النقطة الثانية من بنود اتفاق جنيف، الذي تم توقيعه في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية، والمجموعات المسلحة، وإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، براً وبحراً وجواً، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار، وتجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج أطقم التدريب إلى حين الاتفاق.
وسبق أن طالبت اللجنة العسكرية المشتركة بضرورة إخراج القوات الأجنبية و«المرتزقة» من البلاد فوراً، وتفعيل حظر السلاح والتقيد به، وتوقيع عقوبات على المعرقلين لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، سواء كانوا دولاً أم أشخاصاً.
وعلى عكس ما ذهب لينو، رأى النائب حسن الزرقاء أن دور حكومة الوحدة الوطنية بخصوص هذه القضية لن يختلف عن سابقتها «الوفاق»، بل ستكون بديلة لها، مشيراً إلى أن الفترة الماضية «لم تشهد ما ينبئ بخروج المرتزقة، فالمجتمع الدولي كان سلبياً جداً في هذه القضية، وبالتالي استغل الأتراك الأمر، وشرعنوا وجودهم في منطقة غرب ليبيا».
ورأى الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه طالما بقيت حكومة «الوفاق»، والميليشيات التابعة لها في السلطة، «فسيستمر الوجود التركي في ليبيا يزيد»، مضيفاً أن «الجميع بات يرصد الوجود الكثيف للأتراك في مصراتة، وقاعدة الوطية ومنطقة أبو قرين. بالإضافة إلى رصد شحنات السلاح والذخائر التي ترسلها إلى بلادنا، وإرسال الطائرات، وتجهيز القواعد العسكرية واستمرار التدريبات العسكرية».
من جهته، أرجع عضو مجلس النواب، ميلود الأسود، ما وصفه بالتعثر في عملية ترحيل «المرتزقة» عن الأراضي الليبية، رغم توافق كل الأفرقاء على ذلك، إلى ما سماه «رغبة الدول التي جلبتهم في ضمان مصالحها أولاً في ليبيا... فهذه الدول تنتظر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لتتفاوض معها على مقابل لسحب المرتزقة».
وأضاف الأسود: «بالنسبة لنا كمجلس نواب نرفض هذا الربط بين الملفات، ونؤكد أن مطلب إخراج المرتزقة، الذين يدعمون طرفي الصراع في ليبيا هو مطلب لا حياد عنه».
وحذر الأسود من مخاطر استمرار وجود «المرتزقة» على اتفاق وقف إطلاق النار، وحالة التهدئة في البلاد بشكل عام، وقال: «هناك حالة تملل كبيرة في الشارع الليبي، قد تتسع وتفعل في شكل تحركات لمهاجمتهم، فضلاً عما يتم استقطاعه من خزينة الدولة لصالح دفع رواتبهم، لأن هؤلاء لم يأتوا مجاناً».
وسبق لمبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، القول أمام الاجتماع الافتراضي الثالث في إطار الجولة الثانية من ملتقى الحوار السياسي الليبي، إن «هناك الآن 20 ألفاً من القوات الأجنبية والمرتزقة في بلادكم، وهذا انتهاك مروّع للسيادة الليبية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.