الحزب الحاكم في موريتانيا ينتزع رئاسة البرلمان من المعارضة

89 صوتا لصالح وزير الداخلية السابق ونائب رئيس «الاتحاد من أجل الجمهورية»

محمد ولد ابيليل
محمد ولد ابيليل
TT

الحزب الحاكم في موريتانيا ينتزع رئاسة البرلمان من المعارضة

محمد ولد ابيليل
محمد ولد ابيليل

انتخبت الجمعية الوطنية الموريتانية (البرلمان)، يوم أمس، بأغلبية ساحقة (89 صوتا من أصل 147) نائب رئيس حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم والوزير السابق محمد ولد ابيليل، رئيسا جديدا للبرلمان خلفا لرئيس حزب «التحالف الشعبي التقدمي» المعارض مسعود ولد بلخير.
وجرت عملية التصويت، التي شارك فيها 147 نائبا هم مجموع أعضاء البرلمان، خلال الجلسة الافتتاحية لدورة برلمانية استثنائية دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لعقدها في مرسوم رئاسي صدر أول من أمس، وتعد هذه أول دورة برلمانية يعقدها البرلمان الجديد منذ انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2013.
وحصل ولد ابيليل على 89 صوتا مقابل 34 لصالح نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الإسلامي محمد غلام ولد الحاج الشيخ، وسبعة أصوات فقط لصالح مرشح حزب الكرامة المصطفى ولد عبد العزيز.
ويعد الرئيس الجديد للبرلمان الموريتاني أحد أبرز شخصيات حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم، ذلك أنه يشغل منصب نائب رئيس الحزب، كما أنه واحد من أشهر الإداريين في موريتانيا وأحيل إلى التقاعد العام الماضي؛ كما شغل خلال السنوات الأخيرة منصب وزير الداخلية واللامركزية، حيث أشرف على مشاريع حساسة مثل إعادة تصحيح الحالة المدنية وتأمين الوثائق، بالإضافة إلى مواجهة التحدي الأمني خلال السنوات الأخيرة.
ويرى المتابعون للشأن السياسي في موريتانيا، أن انتخاب ولد ابيليل كرئيس جديد للبرلمان، يحمل رسالة «غير ودية» لأحزاب المعارضة الموريتانية التي سبق أن شاركت في حوار مع الحكومة، ورفضت دعوات بقية أحزاب المعارضة لمقاطعة الانتخابات، وبشكل خاص حزبي «التحالف الشعبي التقدمي» الذي يقوده مسعود ولد بلخير؛ الرئيس السابق للبرلمان؛ و«الوئام الديمقراطي الاجتماعي»، الذي يقوده بيجل ولد هميد، أحد أبرز الخصوم السياسيين لرئيس البرلمان الجديد.
واستطاع ولد ابيليل المرشح من طرف الحزب الحاكم، أن يحسم الأمور لصالحه، في ظل استحواذ حزبه على أغلبية مطلقة تحت قبة البرلمان؛ بالإضافة إلى حضور معتبر لأحزاب أخرى منضوية في إطار ائتلاف أحزاب الأغلبية الرئاسية؛ بينما لم يستفد منافسه الأول محمد غلام ولد الحاج الشيخ إلا من أصوات أحزاب المعارضة الثلاثة الحاضرة تحت قبة البرلمان («التحالف الشعبي»، «الوئام الديمقراطي»، «تواصل»).
وغاب عن لائحة المرشحين لرئاسة البرلمان، رئيسه السابق مسعود ولد بلخير، في خطوة فاجأت الجميع، خاصة أن ولد بلخير أكد في أكثر من مرة تمسكه برئاسة البرلمان، بينما يرى مراقبون أن ولد بلخير رفض الترشح بعدما اتضحت له قوة مرشح الحزب الحاكم، وانعدام حظوظه في الفوز.
في غضون ذلك، نظمت حركة 25 فبراير الشبابية المعارضة، وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان عبرت خلالها عن رفضها البرلمان المنبثق عن انتخابات نوفمبر 2013، عادة البرلمان الحالي «لا يمثل الشعب الموريتاني، وإنما هو أداة بيد الطغمة العسكرية الحاكمة، وامتداد للوجاهات القبلية والفئوية»، وردد المشاركون في الوقفة شعارات من قبيل «برلمان القبيلة لا يمثلني» و«برلمان العسكر لا يمثلني».
تجدر الإشارة إلى أنه بفوز الحزب الحاكم في موريتانيا برئاسة البرلمان، وهو ثالث منصب من حيث الأهمية في البلاد، تنتهي سبع سنوات من هيمنة المعارضة على قبة البرلمان، من خلال رئاسة ولد بلخير «الجمعية الوطنية»، وهي حقبة استطاع خلالها ولد بلخير أن يفرض شخصيته داخل وخارج قبة برلمان كان الأكثر إثارة في تاريخ البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».