معنى القبح المتغير من زمن أرسطو إلى القرن الـ21

ترجمة عربية لـ«التاريخ الثقافي للقباحة»

معنى القبح المتغير من زمن أرسطو إلى القرن الـ21
TT

معنى القبح المتغير من زمن أرسطو إلى القرن الـ21

معنى القبح المتغير من زمن أرسطو إلى القرن الـ21

طالما طرحت القباحة تحدياً للذوق والمفاهيم الجمالية، وشغلت الفلاسفة وأغضبتهم، وأضافت بعداً معقداً على الأسئلة حول وضع الإنسان والعالم الواسع الذي يعيش فيه ويتفاعل معه.
في كتاب «التاريخ الثقافي للقباحة» للمؤلفة غريتش. أي. هندرسن، الصادر عن دار المدى بترجمة رشا صادق، تتساءل المؤلفة: «هل القباحة بحث ثقافي؟ ماذا يقترح استعمال مفردة (قبيح) عبر الزمن متداخلة مع كل المصطلحات المرتبطة بها والجدالات حول الفن والإنسانية؟»، وهي هنا تستشهد بردود الأفعال الغاضبة عندما عرضت أعمال هنري ماتيس في معرض آرموري شو عام 1913، إذ كتب ناقد من «نيويورك تايمز» ما يلي: «في المقام الأول، يمكننا أيضاً القول إن لوحاته بشعة، وإنها فظة ومحدودة ومقرفة بسبب لاإنسانيتها». أما مجلة «نايشن» فكتبت: «قباحة المظهر تجعلنا نشدد على خطورة أن يتكرر العرض».
تكشف غريتشن إي هندرسن في هذا الكتاب المشوق تصورات القبح عبر التاريخ، من الأعياد الرومانية القديمة إلى الغرغول الغريب في العصور الوسطى، ومن وحش ماري شيلي المرصوف بالحصى من الجثث، إلى المعرض النازي لـ«الفن الانحطاطي»، وأيضاً ما يشمل الأدب والفن والموسيقى وحتى الدمى القبيحة. وتظهر هندرسن كيف شكّل القبح منذ فترة طويلة تحدياً للجمال والذوق، فالقبح كما تقول: «تاريخ ثقافي يعتمد على ثروة من الحقول لعبور الثقافات والأزمنة، ورسم الخريطة المتغيرة للقبح كما تشحن خيال الجمهور».
تنقب المؤلفة في تاريخ القباحة، وتنتقل لما هو أبعد من الجدل الفلسفي التقليدي، أو مجرد التضادّ البحت مع الجمال، وتطالعنا بما هو أهم من تشكيلة معلومات ساحرة منتقاة، متتبعة الأجساد البشعة ومفككة الحواس القبيحة عبر الأزمان والقارات.
تقول هندرسن في كتابها: «الجمال هو على ما نحو ما، ممل، رغم أن مفهومه يتبدل عبر العصور، لكن على الشيء الجميل دائماً أن يتبع قواعد معينة... القباحة غير متوقعة وتقدم مجالاً لا نهائياً من الاحتمالات. الجمال محدود، أما القباحة فلا نهائية».
وتقول المؤلفة إن اهتمامها بالقباحة انبثق عن تقاطع الدراسات في حقول تاريخ الفن، والأدب، والإعاقة الجسدية. وخلال قيامها بالبحث في مفهوم «التشوه» وجدت بالصدفة نادياً لـ«أخوية غامضة» من القرن الثامن عشر في ليفربول، بريطانيا، يدعى «نادي الوجه القبيح».
وتاريخ النادي الكاريكاتيري هذا، انبثق من سلالة طويلة من نوادي القباحة في بريطانيا وأميركا وكذلك في إيطاليا، وانتشرت أكثر في القرون اللاحقة. وترجع جذور النادي إلى العصور القديمة، إلى زمن ادعاء أرسطو الشهير بأن النساء هن ذكور «مشوهون».
وركز الفصل الأول «الأفراد القبيحون» على أولئك الذين مثلوا ما هو هجين بين الإنسان والحيوان، عبر التاريخ، حيوانية الإنسان طرحت تهديداً ظاهرياً بأن الثقافة والطبيعة قد تنحرفان، أو بمعنى آخر، قد تشوهان إنساناً مثالياً وتجعلانه وحشاً (قبيحاً): دايم راغنل (الوحش البغيض) التي تحولت إلى حسناء في العصور الوسطى، و(المسخ) الفيكتوري المشعر جوليا باسترانا التي روجت لها الإعلانات بأنها أقبح امرأة في العالم، هما مثالان من بين أمثلة عديدة أخرى تمتد بين الماضي والحاضر. ويستكشف الفصل الأول من خلال ذلك كيف وصم «القبيح» والمصطلحات المرتبطة به الأفراد بطريقة نشأت وتفرعت عن التركيب الثقافي المتغير للمفهوم، عندما تتلاقى الممارسات الجمالية والفنية. إن الأجساد في الفن وفي المجتمع، كما تقول، لا تكتفي بالإسهام في جينالوجيا القباحة فقط، بل تقوم بشكل جمعي بزعزعة أي تعريف وحيد للقبيح.
فيما يتجاوز الفصل الثاني من الكتاب وهو بعنوان «حول الجماعات القبيحة» التعريف بالأفراد (القبيحين) إلى المجموعات. محاولات التمييز ضد المجموعات (القبيحة) أو تحويلها إلى أداة فيتيشية تتوازى أحياناً مع مسائل مرتبطة بالعرق، الجندر، الجنسانية، الطبقة الاجتماعية، الدين، الجنسية، العمر، والإعاقة. وتقديم القباحة من خلال دراسة بعض الحالات والفئات الاجتماعية المعاصرة هو مسألة إشكالية، عوضاً عن التركيز على الأجساد الجمعية، ويستجوب الممارسات المتخذة بحق الجماعات (القبيحة) بما في ذلك تحويل «القبيحين» إلى كبش فداء، أو موضوع ايروتيكي، أو استعمار أولئك الأفراد، أو عسكرتهم، أو تشريعهم أو الاتجار بهم، أو اتخاذ إجراءات تطهريّة ضدهم، رغم أن الجماعات (القبيحة) تختلف جذرياً بصفاتها، ما يجعلها عصية على التصنيف. لكن بعضها يشترك، حسب المؤلفة، بتلقي المعاملة ذاتها والناجمة عن المخاوف الثقافية.
وكان فصل «الحواس القبيحة» يستوجب التأكيد البصري على القباحة الذي يحرض - تناقضياً - على الابتعاد عن المسائل «القبيحة» الموجودة وسطنا. فالقباحة الحسية تغير الحدود الثقافية وتختبرها من خلال الإزاحات، كما في الجاز مثلاً الذي كان محطة الازدراء ذات يوم - وكذلك الروك آند رول. الأصوات القبيحة تهز أذن من يسمعها، الروائح القبيحة تتسرب أبعد من مشهد المدينة العفن الذي يستكشفه المتسكع، واللمس القبيح يتلاعب بالأزياء وبالبشرة. ومن التحديث الطائش إلى المقطوعات الموسيقية التي تستوحي موسيقى الشيطان في القرون الوسطى. تجربة «الحواس القبيحة» تعرض الأجساد إلى حقول معرفية غير مألوفة تحرض بدورها قلقاً حول القيم الثقافية.
«التاريخ الثقافي للقباحة» المزدان بمجموعة من اللوحات والرسومات، يتكئ على ثروة معرفية عابرة للثقافات والتاريخ، ويرسم لنا خريطة القباحة كما صورتها المخيلة الشعبية، مثلما يقدم لنا وجهة نظر تغوص عميقاً لاستكشاف ما هي «القباحة» حقاً رغم معناها المتقلب.



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).