محكمة إسرائيلية تجيز توزيع «شارلي إيبدو».. ورجال دين يهود ومسلمون ومسيحيون يعترضون

الراب ديفيد أبو حصيرة: ليبرمان أشعل فتيل النار وعلينا جميعا إطفاؤها

محكمة إسرائيلية تجيز توزيع «شارلي إيبدو».. ورجال دين يهود ومسلمون ومسيحيون يعترضون
TT

محكمة إسرائيلية تجيز توزيع «شارلي إيبدو».. ورجال دين يهود ومسلمون ومسيحيون يعترضون

محكمة إسرائيلية تجيز توزيع «شارلي إيبدو».. ورجال دين يهود ومسلمون ومسيحيون يعترضون

رفضت المحكمة المركزية في حيفا أمس إصدار أمر يمنع شبكة مكتبات «ستيماتسكي» من بيع العدد الخاص من مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، والذي صدر بعد العملية التي استهدفت هيئة تحرير المجلة، وبذلك أجازت للشبكة أن تواصل التوزيع عبر الإنترنت، رغم المعارضة الجماهيرية الواسعة لذلك، والتي يقف ضدها في إسرائيل أهم رجال الدين اليهود والمسيحيين والمسلمين والدروز.
وكان مركز ميزان لحقوق الإنسان، وعدد من الشخصيات العربية (فلسطينيي 48)، قد قدموا الطلب إلى المحكمة، مؤكدين أن المجلة الفرنسية تهتم بالاستفزاز بغرض الشهرة على حساب دوس مشاعر المسلمين. وبهذا تجعل حقها بالحرية اعتداء على حرية الآخرين. وردت إدارة شبكة «ستيماتسكي» بالقول إنها ليست شريكة في الاستفزاز وكل غرضها هو أن تقدم لمن يريد من قرائها وزبائنها الخدمة التي يطلبونها. وقال مندوبها: «في اللحظة التي توجه فيها إلينا الشيوخ وأعضاء الكنيست العرب أوقفنا بيع المجلة الفرنسية في مكتباتنا وحوانيتنا وسمحنا لها بواسطة الإنترنت فقط». وأضاف: «يتبين من الرسم الظاهر على غلاف المجلة أنه حتى النبي محمد يبكي احتجاجا على عملية القتل، ولا ينطوي الرسم على أي إهانة أو تحريض عنصري، وبالتأكيد ليس من طرفنا نحن في الشبكة. ومنذ فتح موقع الإنترنت، جرى بيع 550 نسخة خلال سبع دقائق. فالجمهور يريدها».
والمعروف أن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، كان قد أعلن أن شبيبة حزبه سوف يشترون هذه الأعداد بكميات ويوزعونها مجانا على المواطنين، بدعوى دعمه لـ«حرية التعبير عن الرأي». ولا يستبعد أن يكون هو وراء شراء هذه الكمية.
واستنكر عدد من أعضاء البرلمان الإسرائيلي العرب والأحزاب العربية بيع المجلة في إسرائيل، إذ أدانت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بشدّة هذه الخطوة وقالت: «إنها خطوة وقحة ودنيئة لا تمت لحرية التعبير بأي صلة، وإنما تندرج ضمن حملة عنصرية تحريضية على الجماهير العربية، وهي تعبير عن إرهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) الذي يسعى حكّام إسرائيل إلى تأجيجه واستغلاله». وأضاف البيان: «نرفض بشكل قاطع الاستهزاء بمعتقدات الناس ومشاعرهم الدينية، ونحترم الأديان والأنبياء كافة، ونرفض الإساءة لهم ونربأ عن زجّهم في الملعب السياسي بأي شكل من الأشكال».
وحذرت القائمة المشتركة، التي تضم تحالف الأحزاب العربية في إسرائيل ضمن قائمة واحدة لخوض الانتخابات البرلمانية، من تسويق المجلة في إسرائيل. وجاء في البيان: «نعبر بهذا عن موقف موحد يرفض، بحجة حرية التعبير، الإساءة بأي طريقة وحال للرسول العربي الكريم ولكل المعتقدات الدينية والمقدسات وفي نفس الوقت تعبر عن موقف واضح وحازم مع حرية التعبير بما لا يشمل خطاب الكراهية العنصري، وكذلك الإساءة للمعتقدات والمقدسات الدينية، التي نرى فيها فعلا جنائيا يجب أن يعاقب عليه القانون».
وبدعوة من الجماعة الإسلامية الأحمدية، أقيم في حيفا، الليلة قبل الماضية، مؤتمر بمشاركة رجال دين يهود ومسيحيين ومسلمين ودروز، ردا على ليبرمان. وشارك في هذا المؤتمر متضامنا، رئيس بلدية حيفا، يونا ياهاف. وبرز حضور رجال الدين اليهود: الراب دوف حيون، والراب ديفيد أبو حصيرة، والراب غولان بن حورين. ورجال الدين المسيحيين، الأب صالح خوري كاهن رعية الروم الأرثوذكس في سخنين، ومن الطائفة الدرزية: الشيخ توفيق حلبي، ومن المسلمين كل من الشيخ سمير العاصي إمام مسجد الجزار في عكا، والشيخ سليمان سعيد السطل، إمام مسجد النزهة في يافا. وتخلل المؤتمر كلمات كثيرة استنكر فيها الحضور من كل الشخصيات الدينية والاجتماعية ما قام به ليبرمان بتسويق مجلة «شارلي إيبدو» في إسرائيل.
وقال محمد شريف عودة إمام الجماعة الأحمدية، إن «حرية التعبير هي قيمة مهمة ينبغي المحافظة عليها، وهي وضعت أصلا لتحقيق الأمن والسلام والحياة الأفضل، لكي يطّلع الناس بحرية على ما يدور حولهم، ولكن استخدامها بخلاف الهدف الذي وضعت من أجله بحيث تصبح سببا للإخلال بالأمن وإيذاء مشاعر الناس يحرفها عن هدفها. لذلك ينبغي ألا ننجر خلف من يستغلون هذا الحق لتحقيق مآربهم الشخصية ومكاسبهم معرِّضين أمن العالم وسلامه للخطر. هؤلاء ليسوا أمناء على القيم والمبادئ الإنسانية، وينبغي التنبه إلى أفعالهم ومخططاتهم».
وقال الراب ديفيد أبو حصيرة: «اليوم نحن نرفع صرخة للسماء آملين أن توقف صرختنا هذا العمل، يوجد خط أحمر ومشاعر يجب مراعاتها». أما الراب دوف حيون فجاء في كلمته: «كلنا من أجل حرية التعبير، وكلنا سنحارب حرية الإهانة، إنه لمن الصعب جدا إطفاء حريق مثل الذي أشعله ليبرمان، ولكن نحن معا ومن حيفا سنطفئ هذا الحريق». أما الأب صالح خوري فقد ألقى كلمة أكد من خلالها على قيم المحبة والسلام والاحترام المتبادل واختتمها بالقول: «جئنا إلى هنا لنستنكر الإساءة للإنسان فما بالك إذا كان هذا الإنسان شخصية مقدسة مثل محمد رسول الإسلام»، ودعا لمحاكمة المسؤولين عن هذه الإساءة.
وبدوره، أشاد الشيخ توفيق حلبي من الطائفة الدرزية بحيفا كنموذج للتآخي وحذر من التطرف، وأبدى رفضه واستنكاره لكل ما يسيء للأديان والمقدسات تحت اسم حرية الصحافة، واختتم كلمته بشكر أمير الجماعة على هذه اللفتة الكريمة وعلى خطابه المعبر. أما الشيخ سمير العاصي، إمام مسجد الجزار في عكا فقد أشاد بالجماعة الإسلامية الأحمدية لاختيارها لهذا الأسلوب الذي وصفه بالحضاري المحمدي، للرد على من يتسلقون على دماء الأبرياء من خلال إثارة الفتن ونقلها من فرنسا إلى البلاد!



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.