رئيس «دافوس» يدعو إلى ميثاق عالمي لمواجهة التحديات

برنده يؤكد لـ الاهتمام الواسع بفرص السعودية الاستثمارية

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغه برنده خلال مشاركته في فعاليات المنتدى في 2018 (المنتدى الاقتصادي العالمي)
رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغه برنده خلال مشاركته في فعاليات المنتدى في 2018 (المنتدى الاقتصادي العالمي)
TT

رئيس «دافوس» يدعو إلى ميثاق عالمي لمواجهة التحديات

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغه برنده خلال مشاركته في فعاليات المنتدى في 2018 (المنتدى الاقتصادي العالمي)
رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغه برنده خلال مشاركته في فعاليات المنتدى في 2018 (المنتدى الاقتصادي العالمي)

لن تُزيّن الثلوج صور قادة العالم هذا العام، ولن يختلط صُنّاع القرار بالمستثمرين وكبار رواد الأعمال في أروقة قصر المؤتمرات المطل على جبال الألب السويسرية، بل سيكتفي المنتدى الاقتصادي الأبرز في العالم بعقد أجندته رقمياً، على خلاف دوراته الخمسين الماضية، استجابة لجهود مكافحة جائحة «كوفيد-19».
ودعا رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عشية انطلاق أعمال «أجندة دافوس»، إلى «ميثاق عالمي» لمواجهة التحديات المشتركة، محذراً في حوار هاتفي مع «الشرق الأوسط» من حالة «التمزّق» التي يشهدها العالم، ومن التفاوتات الاقتصادية والمناخية والاجتماعية المتنامية بين الدول. كما توقّف عند بعض أبرز محاور «أجندة دافوس» وأهدافها، التي تمهّد نتائجها لعقد اجتماع حضوري استثنائي في سنغافورة في مايو (أيار) المقبل.
إلى ذلك، أمل برنده في أن ترسل الإدارة الأميركية الجديدة مؤشرات على التزامها بالتعددية والعمل الدولي المشترك، وشدّد على أهمية عودة مستويات الناتج العالمي الخام إلى ما كانت عليه قبل الجائحة، على أن يكون النمو أكثر استدامة وشمولاً. كما تطرّق برنده إلى الاهتمام الواسع الذي لمسه لدى الرؤساء التنفيذين ورواد الأعمال بالفرص الاستثمارية السعودية التي استعرضها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جلسة حوار استراتيجية.
وفيما يلي أبرز ما ورد في الحوار:

إعادة الثقة
يهدف المنتدى الاقتصادي العالمي من خلال تنظيم «أجندة دافوس» رقمياً هذا العام إلى إعادة بناء الثقة، لأن «الثقة هي أساس التقدم». وحذّر بورغه من عدم تعاون القادة، واستمرار حالة «التمزّق» التي يشهدها العالم، والتي ستؤدي إلى مواجهة «صعوبات في إيجاد حلول لتغير المناخ، ومكافحة الوباء، فضلاً عن ضمان استمرار تعافٍ اقتصادي يشمل الجميع».
وعبّر بورغه عن أمله في أن ترسل الإدارة الأميركية الجديدة مؤشراً قوياً على الالتزام بالتعددية، عبر تجديد التزامها بالتعاون الدولي. وأوضح: «انضمام الولايات المتحدة مجدداً إلى اتفاقية بروتوكول باريس، وكذلك منظمة الصحة العالمية، سيرسل إشارة واضحة إلى أن أكبر اقتصاد في العالم سيعتمد على المنظمات الدولية والاتفاقيات متعددة الأطراف أساساً للتعاون». وأمل في أن يكسر ذلك بعض «الاندفاعات» في قضايا أخرى، خاصاً بالذكر هيئة الاستئناف الخاصة بمنظمة التجارة العالمية التي تواجه شللاً بسبب عدم تسمية قضاتها.

نحو ميثاق عالمي
ورغم تأكيد الإدارة الأميركية الجديدة على أهمية العمل المشترك، وتقوية دور المنظمات الدولية، فإن رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي التزم الحذر في تفاؤله، لافتاً إلى استمرار الخلافات بين الاقتصادات الكبرى. وقال: «لا أعتقد أننا تجاوزنا الأزمة، إذ لا شكّ أننا سنشهد اشتداد المنافسة بين الاقتصادات الكبرى. أعتقد أنه يمكننا أيضاً رؤية خلافات واضحة في بعض المجالات، فيما توجد في المقابل إرادة واضحة من مختلف الأطراف لإيجاد حلول مشتركة».
وأشار بورغه إلى أن الأزمة الصحية التي تواجه العالم هي مثال على مجالات التعاون الدولي. وأوضح: «نحن نعلم أن (كوفيد-19) لا يعترف بالحدود. فإن انتشر في مكان ما، يكون قد انتشر في كل مكان. نحن نعلم كذلك أن تغير المناخ لا يعترف بالحدود. لذلك نحن بحاجة إلى ميثاق عالمي» لمواجهة التحديات المشتركة. وتابع أن سبيل إعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، وإعادة مستويات الناتج العالمي الخام إلى ما كانت عليه قبل الجائحة «يمرّ عبر الاستثمار في بلداننا بعضها مع بعض، من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر الذي انخفض بشكل كبير في العام ونصف العام الماضي». وأضاف: «نعلم أيضاً أن سلاسل القيمة العالمية والتجارة تكافح للعودة إلى مستويات ما قبل (كوفيد-19)»، مشدداً على ضرورة دعم التبادل التجاري العالمي الذي «كان خلال العقود الثلاثة الماضية محركاً للنمو، مما سمح بانتشال ملايين البشر من الفقر المدقع».

مستويات الفقر
وفي هذا السياق، حذّر رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي من أنه للمرة الأولى منذ عقدين من الزمن، يشهد العالم زيادة في مستويات الفقر المدقع في العالم، وليس انخفاضاً. وقال إن «الحقيقة هي أنه في العام ونصف العام الماضي، أصبح ما يقرب من مائة مليون شخص ضمن فئة الفقر المدقع»، مشيراً إلى أن وقع الجائحة كان قاسياً للغاية على البلدان الفقيرة والنامية، وكذلك البلدان الناشئة.
وتابع: «نحن نعلم أن العالم كان يواجه تفاوتات متزايدة قبل الوباء، ليس فقط بين البلدان النامية، ولكن أيضاً داخل البلدان الصناعية. أما الآن، فإننا نجد أن المواطنين الذين حظوا بتعليم جيد وبوظائف جيدة تمكنوا من التكيّف مع الوضع الجديد عبر العمل من المنزل. لكن الأمر يختلف بالنسبة لأولئك الذين يعملون في محل بقالة مثلاً أو فندق أو على متن سفينة سياحية، أو من هم عاطلون عن العمل».
وشدد بورغه في هذا السياق على أهمية التوزيع العادل للقاحات «كوفيد-19» لمكافحة الجائحة. وقال: «ينبغي علينا حقاً التأكد من نجاح تحالف (كوفاكس)» العالمي، في إشارة إلى المبادرة التي يقودها كل من التحالف العالمي من أجل اللقاحات (غافي)، والائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة، ومنظمة الصحة العالمية، الساعية إلى تسريع استحداث وتصنيع لقاحات مضادة لمرض «كوفيد-19»، وضمان إتاحتها بشكل عادل منصف لكل دول عالم. ويوفر تحالف «كوفاكس» ملياري جرعة من اللقاح، إلا أن ذلك «لا يكفي، وعلينا أن نفعل المزيد»، على حد قول بورغه.
وتحدث بورغه الذي شغل منصب وزير خارجية النرويج سابقاً عن أهمية معالجة التباينات الكبيرة بين الدول، من حيث تداعيات التغير المناخي والتطور الرقمي. وقال: «بعد إعادة مستويات النمو إلى المسار الصحيح، فإنه ينبغي علينا معالجة تغير المناخ الذي يصيب البلدان الفقيرة أكثر من غيرها، فضلاً عن الفجوة الرقمية المقلقة، وحقيقة أن 3.6 مليار شخص غير متصلين حتى الآن بشبكة الإنترنت». وتابع: «إذا لم نصلح هذه الفجوة الرقمية، فإنني أعتقد أننا سنشهد تزايداً في عدم المساواة في السنوات المقبلة».

تحفيز تريليوني
يرى بورغه أن الدول المتقدمة تعتمد في استراتيجياتها لمواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة على حزم تحفيزية تريليونية. ويقول: «أُطلقت حزم تحفيزية تقدّر بنحو اثني عشر تريليون دولار أميركي، غالبيتها من دول متقدمة. فهذه الدول تقوم بكل ما يتطلبه الأمر لاستعادة النمو، لأنها تستطيع ذلك». في المقابل، فإن «كثيراً من الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية لا تتمتع بالقوة المالية نفسها التي نجدها في البلدان المتقدمة»، معتبراً أن «هذه كلها إشارات مقلقة للغاية يجب أن ننظر إليها بجدية، وأن نأخذها بعين الاعتبار لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، على أن يكون النمو مدفوعاً بخلق فرص العمل والشمول والاستدامة».

الدعوة الصينية
وكان لافتاً في «أجندة دافوس» لهذا العام أن تُفتتح أعمال المنتدى بكلمة من الرئيس الصيني شي جينبينغ. فقد ألقى شي خطاباً تاريخياً من منصة دافوس في عام 2017، قبل أيام من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب آنذاك دونالد ترمب. وبدت الأدوار متبادلة بين الرجلين، إذ فاجأ الأول العالم بدفاعه عن التجارة الحرة والعولمة، فيما صدم الثاني بنزعات انعزالية، وهدّد الحلفاء بحروب تجارية.
وعبّر رئيس المنتدى الاقتصادي عن سعادته بعودة الرئيس الصيني إلى دافوس، وإن كان بصيغة رقمية هذا العام، وقال: «اشتهر خطاب الرئيس شي في عام 2017 بصفته خطاباً شددت فيه الصين على أهمية التعددية والعولمة».
وانضم بورغه إلى شي في هذا السياق للتشديد على أهمية العولمة والاقتصاد الحر في مواجهة الفقر. وحذّر من منتقدي العولمة الذين يعدون أنها أخفقت في «حل مشكلات مختلفة»، وقال: «منذ عام 1990، عندما انطلقت العولمة بالفعل، زاد عدد سكان العالم من 5 مليارات نسمة إلى 7 مليارات على مستوى العالم. وفي الوقت نفسه، انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع من 40 في المائة إلى 10 في المائة، حتى مع إضافة ملياري شخص لسكان العالم».
وتابع أن العولمة «حققت كثيراً من النجاحات، لكن لا ينبغي لنا أن نتقاعس. وفي تقرير المنتدى عن المخاطر هذا العام، وجدنا أن أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها العالم هو معالجة انعدام المساواة، إذ لا يمكن أن يكون لدينا اقتصادات لا تُوزّع فيها الثروة»، مضيفاً: «تستند شرعية اقتصاد السوق إلى إتاحة فرص للعيش الكريم برواتب لائقة».

اجتماع سعودي «حاسم»
ولمس رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «اهتماماً واسعاً» باجتماع استثنائي حول الشرق الأوسط والثورة الصناعية الرابعة، كان يُفترض أن ينعقد في العاصمة السعودية الرياض في ربيع 2020، وتسببت الجائحة في تأجيله.
وقال بورغه: «كان هناك اهتمام واسع بهذا الاجتماع الحاسم في السعودية، لذلك قررنا أنه في الوقت الحالي على الأقل، نودّ إتاحة فرصة للرؤساء التنفيذيين الذين كانوا سيشاركون في الاجتماع للقاء ولي العهد السعودي (رقمياً)»، في جلسة حوار استراتيجية انعقدت في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي. وتابع: «كان من المثير للاهتمام متابعة جميع الأسئلة التي طرحها الرؤساء التنفيذيون، بدءاً من تنويع مصادر الطاقة إلى الإصلاحات الهادفة إلى تمكين النساء، مروراً بفرص الاستثمار المتاحة للأجانب».
وقد استعرض ولي العهد السعودي، بحضور أكثر من 160 من قادة ورواد الأعمال المؤثرين الدوليين الذين مثلوا 28 قطاعاً و36 دولة، الإنجازات التي حققتها بلاده منذ الإعلان عن «رؤية 2030»، لناحية تضاعف الإيرادات غير النفطية، وتمكين المرأة في سوق العمل، ورفع مستوى التنافسية في بيئة الأعمال، وتفعيل دور صندوق الاستثمارات العامة، والتحسن الكبير المحرز في حماية البيئة، ومبادرة المملكة بخصوص الاقتصاد الدائري للكربون التي أقرتها قمة مجموعة العشرين برئاسة السعودية.
وتطرق الأمير محمد بن سلمان كذلك للفرص الاستثمارية الكبرى في بلاده، التي تصل قيمتها إلى 6 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، منها 3 تريليونات دولار استثمارات في مشروعات جديدة، في إطار ما توفره «رؤية 2030» من فرص لإطلاق قدرات المملكة غير المستغلة، وتأسيس قطاعات نمو جديدة وواعدة.
إلى ذلك، أفاد بورغه أنه تم الإعلان عن إنشاء «مركز للثورة الصناعية الرابعة في الرياض، وهو مركز المنتدى الاقتصادي العالمي للتقنيات، مثل الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة، وكذلك إنترنت الأشياء».

تأقلم المنتدى
استشهد برنده بقول لأحد القادة، مفاده أن «بعض العقود تمرّ من دون أخبار، فيما تجتمع أخبار عقد كامل في أسبوع واحد»، وقال: «أما أنا، فأشعر أننا مررنا بعقد كامل في عام واحد». وعليه، عد برنده أن المنتدى الاقتصادي العالمي تأقلم مع التحديات الجديدة التي يشهدها العالم.
وأوضح: «كان علينا استبدال 300 اجتماع رقمي بجميع اجتماعاتنا الفعلية في العام الماضي. كما أطلقنا كثيراً من المبادرات الجديدة». وتابع رداً عما إذا كانت الأحداث المتسارعة تجاوزت المنتدى الذي يرأسه بالقول: «أعتقد أن قوة المنتدى الاقتصادي العالمي تكمن في حقيقة أننا منظمة دولية مكرّسة لتعاون القطاعين العام والخاص... أعتقد أن كثيراً من التحديات التي نواجهها اليوم، سواء كانت تغير المناخ أو الوباء أو إعادة النمو الاقتصادي إلى المسار الصحيح، تتطلب حشد مزيد من التعاون بين القطاعين العام والخاص. فقد استخدم القطاع العام كثيراً من قوته المالية للتغلب على هذه الأزمة، وقد رأينا أن الدين الحكومي قد زاد بشكل كبير. لذا في العام المقبل، أعتقد أنه يتعين علينا أيضاً تعبئة الموارد في القطاع الخاص لتكملة ما تفعله الحكومات».
إلى ذلك، أوضح بورغه أن المنتدى الاقتصادي العالمي وضع تحدياً للشركات. وقال: «أنشأنا منصة (كوفيد) في مارس (آذار) من العام الماضي، ولدينا أيضا 41 مبادرة من شركات خاصة تتعلق بتسريع عملية التطعيمات». وتابع: «أطلقنا كذلك مبادرة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، حيث التزمت 120 شركة بمعايير بيئية واجتماعية أعلى بكثير من اللوائح الحكومية، وتتعلق بإدارة المناخ، ومحاربة الفساد، وخلق فرص عمل لائقة، وإعادة التدريب وتحسين المهارات». وتوقع أن يركز المنتدى الاقتصادي العالمي بشكل أكبر على التأثير والمساهمة في الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة.



محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.