التمديد للبرلمان اللبناني أمر واقع... وعون يخطط لملء الفراغ

الانتخابات «مجهولة المصير»... وتشكيل جبهة معارضة دونه صعوبات

جانب من جلسة البرلمان اللبناني منتصف الشهر (رويترز)
جانب من جلسة البرلمان اللبناني منتصف الشهر (رويترز)
TT

التمديد للبرلمان اللبناني أمر واقع... وعون يخطط لملء الفراغ

جانب من جلسة البرلمان اللبناني منتصف الشهر (رويترز)
جانب من جلسة البرلمان اللبناني منتصف الشهر (رويترز)

لم يعد هناك من قواسم مشتركة يمكن التعويل عليها لإعادة اللحمة ولو بالحد الأدنى إلى القوى اللبنانية التي شكلت سابقاً «تحالف 14 آذار»، بعد أن تصاعد الخلاف بين الأطراف الرئيسية فيها حول الأولويات والتفلّت من الضوابط التي تُبقي على الأبواب مفتوحة أمام التنسيق ولو على القطعة، فيما يستمر رئيس الجمهورية ميشال عون في إدارته لشؤون البلد على طريقته من خلال المجلس الأعلى للدفاع كبديل عن المهام الموكلة إلى حكومة تصريف الأعمال بغطاء من رئيسها حسان دياب، وإن كان لا يزال يرفض تفعيلها بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد.
فالخلاف بين «تيار المستقبل»، ومعه إلى حد ما «الحزب التقدمي الاشتراكي»، وبين حزب «القوات اللبنانية» تنطلق الآمال المعقودة على المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان بعد أن قررت باريس تعليق اتصالاتها بالأطراف المحلية على من كيفية التعاطي حيال المرحلة السياسية الراهنة في ظل انسداد الأفق أمام تشكيل حكومة مهمة وإصرار عون على إقفال الأبواب في وجه المبادرة التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي لإعادة تحريك مشاورات التأليف لعلها تدفع باتجاه تسريع ولادتها، فيما تتراجع أمل أن تقرر تعويمها لاحقاً في حال أدى تواصل باريس مع الإدارة الأميركية الجديدة إلى الإفراج عنها.
وفي هذا السياق، أشار مصدر مواكب للأزمة الصامتة التي تحاصر علاقة «المستقبل» بـ«القوات» إلى وجود وجهتي نظر بين الأطراف الداعمة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فرئيس «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط «يفضّل إخلاء الساحة للفريق الآخر لتشكيل حكومته»، فيما رؤساء الحكومات السابقة «يعطون الأولوية لتشكيل الحكومة لقطع الطريق على عون الذي يأخذ البلد إلى الفراغ بدءاً باستحالة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022 لانتخاب البرلمان الجديد الذي يعود له انتخاب رئيس جديد لخلافته، خصوصاً أنه يراهن على تعذّر انتخاب من يخلفه».
وكشف المصدر السياسي أن الفريق المحسوب على عون «بدأ منذ الآن الانصراف لإعداد الدراسات القانونية التي تتيح التمديد له إلى أن تسمح الظروف بتوريث صهره النائب جبران باسيل رئاسة الجمهورية بذريعة تعذّر إجراء الانتخابات النيابية التي يمكن أن تنسحب على الرئاسة الأولى، مما يعني أن عون يلعب ورقة أخذ البلد إلى المجهول ما لم يسلّم له خصومه بشروطه لتشكيل الحكومة».
ولفت المصدر إلى أن «هناك استحالة في تشكيل جبهة تضم قوى المعارضة»، من أولوياتها كما يطالب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، إجراء انتخابات نيابية مبكرة تمهّد لانتخاب رئيس جديد كخطوة على الطريق لإعادة تكوين السلطة. وقال إن «النظم الديمقراطية وإن كانت تجيز إجراء انتخابات مبكرة، وبدعوة رئيس الجمهورية للاستقالة، فإن الوضع في لبنان يختلف».
وعزا ذلك إلى أن «السبيل الوحيد لإجراء انتخابات نيابية مبكرة يكمن في مبادرة البرلمان الحالي إلى حل نفسه أو استعداد أكثر من نصف النواب لتقديم استقالاتهم، وهذا ليس في متناول اليد، إضافة إلى الخلاف حول قانون الانتخاب المعمول به حالياً، مع أن الصراع الدائر بين القوات والتيار الوطني لا يلغي تمسّكهما بهذا القانون».
ورأى أن جعجع يراهن من خلال دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة على أن نتائجها ستؤدي إلى إحداث تغيير في ميزان القوى لن يكون لمصلحة الأكثرية الحالية، وإنما لمصلحة قوى المعارضة، مما يرفع من منسوب حظوظه للترشّح لرئاسة الجمهورية، خصوصاً أن «بقاء الوضع على حاله سيقود حتماً إلى انتخاب رئيس مثل عون أو ربما أسوأ منه»، كما يقول جعجع.
واعتبر المصدر نفسه أن البرلمان الحالي هو المؤهل لانتخاب رئيس جديد في حال التمديد له، بخلاف البرلمان المنتخب الذي يعود له الحق الحصري في انتخابه. وقال إن «جعجع يغرّد وحيداً بدعوته هذه، مع أن حلفاءه السابقين يتخوفون من استحالة إجراء الانتخابات النيابية قبل نحو خمسة أشهر من انتهاء ولاية عون الذي لا يزال يتصرف كما تصرف إبان توليه رئاسة نصف حكومة عسكرية، وهو لذلك يوصد الأبواب في وجه تشكيل حكومة جديدة ويتصرف بارتياح لترؤسه اجتماعات مجلس الدفاع كبديل عن الحكومة».
كما أن المصدر يرى أن المدخل لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية «يكون في توحيد الجهود للإسراع بتشكيل الحكومة التي ستبادر إلى تعطيل مخطط عون لفرض أمر واقع»، وهذا ما لم يُصَر إلى التسليم له بحصوله على الثلث الضامن أو المعطّل، بحسب خصومه، لاستخدامه في تعويم باسيل الذي من شروطه المجيء بحكومة سياسية.
لذلك، فإن السبيل الوحيد لمقاومة مخطط عون لفرض هيمنته بدعم مباشر من «حزب الله»، بحسب رئيس حكومة سابق فضّل عدم ذكر اسمه، هو «تشكيل حكومة مهمة، خصوصاً أن الهم الأكبر للبنانيين يبقى محصوراً في تهيئة الظروف لمواجهة الكوارث الصحية والاقتصادية الآخذة في الازدياد في غياب الحلول».
ناهيك من أن الأوضاع الراهنة في ظل ارتفاع عدد المصابين بوباء فيروس «كورونا» وزيادة أعداد المتوفين «لا يسمح بإجراء الانتخابات المبكرة وبات المطلوب أن تُجرى في موعدها لتفادي الفراغ في حال تعذُّر التمديد للبرلمان الذي يمكن أن يتسلّل منه الفريق المؤيد لعون للإطباق على السلطة بخلاف ما ينص عليه الدستور اللبناني».
كما أن الانتخابات المبكرة، وإن كانت تشكل نقطة تلاقي بين حزبي «القوات» و«الكتائب»، فإنها لم توقف اندلاع الحرب السياسية بينهما التي تجاوزت في حدودها الوضع الراهن إلى نبش ملفات تعود إلى الماضي، وإنما هذه المرة على خلفية من يكسب ود «الحراك المدني» ويستميل المحازبين والناشطين الذين استقالوا من «التيار الوطني» الذي لم يتمكن حتى الساعة من استعادتهم.
وعليه، فإن الصراع المفتوح بين «القوات» و«الكتائب» بات يُنذر بتصاعد تبادل الحملات الإعلامية والسياسية بينهما من موقع اختلافهما مع «المستقبل» و«التقدمي» في ظل التباعد السياسي بغياب التواصل وحصره في بعض الأحيان بالتنسيق في أمور يومية.
في ضوء ذلك كله، فإن دعوة جعجع إلى تشكيل جبهة معارضة «لن تلقى التأييد المطلوب من حلفائه السابقين الذين لا يحبذون قيامها في الوقت الحاضر ويرون أنه لا ضرورة لها خوفاً من أن يطغى عليها الحضور الإسلامي بغياب التوازن المسيحي، وهذا ما يشكل إحراجاً للبطريرك الراعي ويمكن لعون أن يستغل قيامها ويوظفها في التحريض لاستنهاض الشارع المسيحي لعله يستعيد زمام المبادرة، مما يتيح له تنفيذ مخططه بتهديد خصومه بالفراغ وإدراجه كبند أساسي للتفاوض من موقع الاستقواء به، رغم أن ما يُطرح حول مصير الانتخابات أكانت نيابية أم رئاسية يأتي من باب التحسُّب لكل الاحتمالات في حال أن الأمور بقيت على حالها ولم تلق أي تدخّل دولي يعيد النصاب إلى المؤسسات الدستورية وينتشل لبنان من الهاوية».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.