وزراء خارجية أفريقيا يبحثون خطر «بوكو حرام»

تباين في وجهات النظر.. والنيجر تدعو إلى تنسيق قاري لمواجهة الجماعة

وزراء خارجية أفريقيا يبحثون خطر «بوكو حرام»
TT

وزراء خارجية أفريقيا يبحثون خطر «بوكو حرام»

وزراء خارجية أفريقيا يبحثون خطر «بوكو حرام»

ناقش المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي الذي يضم وزراء خارجية بلدان الاتحاد، في اجتماع اختتم بأديس أبابا أمس، خطر جماعة «بوكو حرام» على الأمن في القارة الأفريقية بعد تحقيقها انتصارات كبيرة على الجيش النيجيري والسيطرة على مناطق واسعة من ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا.
وكانت الملفات الأمنية قد هيمنت على الاجتماع، بعد أن طرحت النيجر مقترح خطة لتوحيد الجهود القارية من أجل مواجهة جماعة بوكو حرام؛ بالإضافة إلى الدعوة المصرية لإنشاء وحدة لدعم الوساطة ومنع النزاعات في مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وخلال افتتاح الاجتماع أول من أمس، شددت ناكوسوزانا دولاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، على أهمية أن ينجح الاتحاد في «إسكات صوت السلاح والإرهاب والتطرف في أفريقيا»؛ قبل أن تضيف: «يجب ألا نكتفي فقط بتحديد المخاطر، بل يجب أيضا أن نمضي قدما لتحديد الإجراءات اللازمة لتخفيف المخاطر التي تواجه القارة ودولها؛ وهو ما نأمل أن يتم قبل القمة الأفريقية المرتقبة في شهر يونيو (حزيران) المقبل». وعبرت زوما عن «صدمتها» إزاء ما يجري في شمال شرقي نيجيريا على يد مقاتلي جماعة «بوكو حرام» المتطرفة، ووصفت ما ترتكبه الجماعة بـ«المأساة»، وقالت إنها «تستعمل الترهيب وخطف الفتيات وارتكاب الجرائم». وأضافت: «نحن نجري مشاورات مع الدول الأعضاء والشركاء الآخرين بشأن تهديد (بوكو حرام)، لأنه لا ينبغي أن ننظر لذلك كتهديد للدول فقط، بل يجب أن ندرك أنه إن لم يتم تطويقه سيمتد لمناطق أخرى».
في غضون ذلك، يستعد رؤساء دول وحكومات أكثر من 40 بلدًا أفريقيًا للمشاركة في فعاليات القمة الـ24 للاتحاد الأفريقي، والتي ستنعقد يومي الجمعة والسبت المقبلين في أديس بابا، حيث من المنتظر أن يكون ملف «بوكو حرام» حاضرًا بقوة في أجندة القمة. وكانت عدة بلدان مجاورة لنيجيريا وتواجه تهديدات «بوكو حرام»، قد اتفقت الأسبوع الماضي خلال اجتماع إقليمي في عاصمة النيجر نيامي، على إعداد قرار موجه إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن «بوكو حرام»؛ واتفق المجتمعون على أن يتولى الاتحاد الأفريقي إعداد القرار في غضون الأشهر أو الأسابيع المقبلة.
وتتباين وجهات النظر بين الدول الأفريقية حول الطريقة المثلى لمواجهة تهديد «بوكو حرام»، ففي الوقت الذي تدفع فيه دول مثل النيجر وتشاد نحو تدخل دولي ضد الجماعة المتطرفة يمر عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ ترفض دول أخرى هذه المساعي في مقدمتها نيجيريا التي أكدت في أكثر من مرة أن ملف «بوكو حرام» يجب أن يبقى إقليميًا، مشيرة إلى أنه يمكن القضاء على الجماعة من خلال تنسيق إقليمي.
في سياق متصل، لا تزال الجماعة المتطرفة تحرز تقدمًا كبيرًا على الأرض، حيث سيطرت خلال اليومين الماضيين على مدينة مونغونو، واقتربت أكثر من مدينة مايدوغوري عاصمة إقليم بورنو، الذي تسيطر «بوكو حرام» على ما يقارب نسبة 90 في المائة من أراضيه.
ودعت السلطات النيجيرية سكان مدينة مايدوغوري البالغ تعدادهم مليوني نسمة، إلى الهدوء وعدم الاستسلام للخوف؛ وقال الكولونيل ساني عثمان، الناطق باسم الجيش في المنطقة، إن السكان يمكنهم استئناف أعمالهم في مايدوغوري بعد رفع حظر التجول؛ فيما دعا حاكم ولاية بورنو هاشم شيتيما، سكان المدينة إلى «عدم الاستسلام للخوف ومغادرة المدينة»، ولكنه اعترف بأن سيطرة «بوكو حرام» على بلدة مونغونو وقاعدتها العسكرية على بعد 130 كلم شمال شرقي المدينة «يؤجج التوتر». وقال شيتيما، إن «الأمور تسير بشكل سيء في مونغونو». وأضاف: «لن أكذب عليكم. هناك أشخاص متوجهون إلى مايدوغوري. الجيش يحتويهم خارج المدينة، وعلينا تفتيشهم جميعا قبل أن نسمح لهم بالدخول». وأضاف: «أطلب من سكان ولاية بورنو عدم الاستسلام للهلع. إنها أرضنا. لا تستسلموا ولا تخافوا ولا تتنازلوا أبدا».
في غضون ذلك، يثير تقدم جماعة «بوكو حرام» واقترابهم من السيطرة على مدينة مايدوغوري، مخاوف كبيرة من التأثير على الانتخابات التشريعية والرئاسية التي من المنتظر أن تنظم يوم 14 فبراير (شباط) المقبل، حيث قد يمنع تدهور الأوضاع الأمنية 4 ملايين نسمة من التصويت في الانتخابات.
وتصر السلطات النيجيرية على تنظيم الانتخابات في موعدها، فيما قالت المعارضة إن تغيير موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية سيشكل «انتصارا كبيرًا» لجماعة بوكو حرام. ودعت عدة أحزاب في المعارضة إلى احترام البرنامج الزمني للاقتراع؛ في الوقت الذي قال فيه رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي سانتياغو إيكسيلا مساء أول من أمس، إن فريقه لن يتوجه إلى شمال شرقي نيجيريا «لأسباب أمنية».



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.