تكتسب حكاية شعبية طابعاً وجودياً في فيلم «ستموت في العشرين»، أول فيلم روائي طويل للمخرج السوداني أمجد أبو العلا.
وتدور أحداث الفيلم داخل قرية تغمرها أشعة الشمس على ضفاف النيل، حيث يخبر شيخ مبارك سكينة (إسلام مبارك) أن طفلها المولود حديثاً، مزمل، سيعيش حتى العشرين من العمر فقط.
بمرور الوقت، تتحول النبوءة إلى عبء ثقيل على عاتق الأسرة، وسرعان ما يتخلى والد مزمل عن الأسرة، بعدما اعترف لسكينة في هدوء بأنه ليس قوياً مثلها.
وبذلك، وجدت سكينة نفسها بمفردها تحمل مسؤولية تربية ابنهما، وفي الوقت ذاته كان محكوماً عليها بالبؤس بسبب إيمانها الراسخ. وظلت المرأة طوال عمرها تتشح بالسواد حتى مع وجود ابنها مزمل على قيد الحياة، بينما تعد أيامه المتبقية على جدران الكوخ الذي يسكنانه. ودفع هذا الحال أحد أبناء قريتها ليسألها: «هل أصبح الحزن عادة؟».
من جانبه، يعمد أبو العلا إلى تعميق هذه القصة الشبيهة بالخرافة من خلال مواجهة ذات طابع شعري بين يقين الإيمان وقوى الشك الواهبة للحياة.
كانت نشأة مزمل (مصطفى شحاته صاحب المستوى المذهل من الحساسية) شديدة التدين، ويقيض عامه العشرين في انتظار مصيره، متجاهلاً حتى الاهتمام الرومانسي الذي تبديه تجاهه صديقته الجميلة، نعيمة (بنى خالد).
ويستمر الوضع كذلك حتى يلتقي العم سليمان (محمود السراج)، وهو ثري مدمن للخمور عاد للقرية بعد أن قضى سنوات طوال خارجها.
ويمثل نموذجاً نمطياً لصورة الأب الذي يقسو بدافع الحب، ويقدم سليمان صورة البطل الذي يبدو كأنه ينتمي لعالم آخر. ويرى سليمان أن تجنب الوقوع في الخطيئة يحرم الإنسان من معرفة التقوى حق المعرفة.
مع بدء تفكك وتداعي قناعات مزمل، تضفي المؤثرات الساحرة في الفيلم على القصة بريق الأسطورة.
وتخترق أشعة الشمس المليئة بالغبار طريقها عبر الظلال، بينما تتمايل قوارب تقل دراويش بملابس خضراء على صفحة النيل، وتخترق مآذن المساجد السماء ذات اللون الأزرق المبهر. وفي نهاية فيلمه، يتجنب أبو العلا طرح نتائج توجيهية تعليمية أو إجابات زائفة، وإنما ينصب اهتمامه على رسم علامات استفهام حول التصديق الأعمى.
* خدمة «نيويورك تايمز»