بعد رفض التشكيلة الوزارية الأولى.. جولة ثانية من المشاورات حول الحكومة التونسية الجديدة

رئيس البرلمان: جلسة منح الثقة تعقد بداية الأسبوع المقبل

الحبيب الصيد
الحبيب الصيد
TT

بعد رفض التشكيلة الوزارية الأولى.. جولة ثانية من المشاورات حول الحكومة التونسية الجديدة

الحبيب الصيد
الحبيب الصيد

تفادت حكومة الحبيب الصيد رئيس الحكومة المكلف مخاطر حجب البرلمان الثقة عنها ودخل الصيد في جولة ثانية من المشاورات السياسية مع الأحزاب التي أعلنت عن رفضها التصويت لصالحها. ولم يبق للحبيب الصيد من خيار سوى إعادة خلط الأوراق والبحث عن سبل جديدة لتمرير حكومته.
وخففت حركة نداء تونس من وقع تأجيل المصادقة على الحكومة الذي كان مبرمجا أمس (الثلاثاء) بتوجيه الاهتمام إلى الخلافات الحاصلة بشأن النظام الداخلي للبرلمان، وصرحت قيادات منها أن عملية التصديق على النظام الداخلي للبرلمان تجري في مرحلة سابقة عن التصديق على الحكومة باعتبار أن الحكومة الجديدة لا يمكن التصويت لفائدتها عن طريق القانون المنظم للسلط المرتبط بالمجلس التأسيسي السابق. وبشأن هذا الجدل القانوني، قال قيس سعيد، الخبير التونسي في القانون الدستوري لـ«الشرق الأوسط»، إن منح الثقة لحكومة الحبيب الصيد في ظل عدم المصادقة على النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب غير ممكن من الناحية القانونية.
وأشار إلى وجود فصول في النظام الداخلي للمجلس، تضبط إجراءات منح الثقة للحكومة الجديدة في حين أن النظام الداخلي لا يحظى بالمصادقة عليه.
وأوضح في حديثه أن عملية تأجيل جلسة منح الثقة لحكومة الصيد، سليمة وإيجابية من الناحية القانونية، باعتبار أن رئيس الحكومة المكلف مطالب بتأمين أغلبية مريحة داخل المجلس لنيل الثقة.
ولتحاشي المزيد من الغموض الذي رافق المشاورات السياسية في جولتها الثانية حول تركيبة الحكومة، قال محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) في تصريح لوسائل الإعلام إن الجلسة العامة المتعلقة بمنح الثقة للحكومة ستعقد أول الأسبوع المقبل وقبل انتهاء المهلة القانونية لمشاورات تشكيلها والمحددة بالرابع من شهر فبراير (شباط) المقبل.
وانطلق الحبيب الصيد في مشاورات تشكيل الحكومة في الخامس من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، وأعلن عن تركيبة الحكومة التونسية التي ستخلف حكومة مهدي جمعة يوم 23 من نفس الشهر. ويمنح الدستور التونسي رئيس الحكومة الملف مهلة أولى مدتها شهر واحد لتشكيل الحكومة.
وفتح الحبيب الصيد رئيس الحكومة قنوات الحوار من جديد مع عدة أطراف سياسية من بينها الجبهة الشعبية وحركة النهضة، وحزب آفاق تونس المعارضان للتركيبة الحكومية، فيما توجهت حركة نداء تونس باعتبارها المعنية الأولى بتشكيل الحكومة إلى عقد اجتماعات مع عدة أطراف سياسية رافضة للحكومة الحالية لتقريب وجهات النظر معها والالتزام بتطبيق جوانب من برنامجها الانتخابي من قبل الحكومة إلى جانب برنامج نداء تونس الانتخابي.
وفي هذا المجال، قال الطيب البكوش الأمين العام لحركة نداء تونس إن حزبه بصدد الإعداد لاجتماع موسع بين الهيئة التأسيسية لنداء تونس ومجلس أمناء تحالف الجبهة الشعبية بعامة حمة الهمامي، وقال إن الاجتماع سيهتم ببرنامج الحكومة وأضاف أن اللقاء ذو طابع سياسي ولا علاقة له بتركيبة الحكومة المقبلة.
ويلتقي البكوش مع تحالف الجبهة الشعبية(تجمع لنحو 11 حزبا سياسيا موزعين بين اليسار والقوميين) حول معارضة تشريك حركة النهضة في الحكومة، إلا أن خلافا حاسما يفصل بين الطرفين على مستوى البرامج الاقتصادية والاجتماعية إذ تعارض الجبهة الإصلاحات الهيكلية التي تنوي حركة نداء تونس تنفيذها وتعتبرها «إملاءات خارجية من صناديق التمويل العالمية لها أثر سلبي على الفئات الفقيرة في تونس».
وتعول حركة نداء تونس على الجبهة الشعبية (15 مقعدا برلمانيا) لسد الفراغ الحاصل على مستوى حصول الحكومة على الأغلبية المطلقة المقدرة بنحو 109 من أصوات البرلمانيين في تونس بعد تراجع كل من حركة النهضة وحزب آفاق تونس عن دعمها. غير أنها ووفق تقديرات أولية لن تقدر على جمع سوى 107 أصوات وهو عدد غير كاف للتصديق عليها من قبل البرلمان وهذا ما جعل رئيس الحكومة المكلف يرجئ عملية منحها الثقة إلى موعد لاحق لضمان دعم أوسع لفائدتها.
ومن المنتظر إجراء تعديل مبكر على تشكيلة حكومة الحبيب الصيد قد تشمل 4 وزارات على الأقل أهمها وزارة الداخلية التي خلف تعيين ناجم الغرسلي على رأسها موجة قوية من الانتقادات صدرت بالخصوص عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء وجمعية القضاة التونسيين. واتهم هذان الهيكلان وزير الداخلية المعين، وهو قاض، بقيادة انقلاب على جمعية القضاة سنة 2005 وتقديم معلومات استخباراتية إلى النظام السابق ضد زملائه من القضاة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.