هل هناك علاقة بين لقاحات «كورونا» وخطر الوفاة بعدها؟

بعض الآثار الجانبية يُستخدم لتغذية الخطاب المناهض للتلقيح

مُسنّة تتلقى لقاح «كورونا» في البرازيل (أ.ب)
مُسنّة تتلقى لقاح «كورونا» في البرازيل (أ.ب)
TT

هل هناك علاقة بين لقاحات «كورونا» وخطر الوفاة بعدها؟

مُسنّة تتلقى لقاح «كورونا» في البرازيل (أ.ب)
مُسنّة تتلقى لقاح «كورونا» في البرازيل (أ.ب)

منذ بدء حملات التلقيح ضد فيروس «كورونا» المستجد، أُفيد بوفاة أشخاص بُعيد تلقيهم جرعة من اللقاح في بعض الدول. لكن هذه الوفيات التي تجري متابعتها من كثب، وعددها قليل جداً، لا يمكن نسبتها حتى الساعة إلى اللقاح، حسبما أفاد به تقرير صحافي.
وأبلغت النرويج الأسبوع الماضي عن 23 وفاة، ثم 33 وفاة، لأشخاص متقدمين في السن تلقوا جرعة من لقاح «فايزر - بايونتيك»، من بين نحو 20 ألفاً من نزلاء دور رعاية المسنين تلقوا اللقاح حتى الآن، مما أثار القلق. ومن بينهم 13 على الأقل يجري تحليل حالاتهم من كثب، كانوا «متقدمين جداً» في السن و«معرضين للخطر» وحاملين «أمراضاً خطيرة»، وفق ما أكدت «وكالة الأدوية».
ومن دون أن تحدد علاقة مباشرة بين الوفاة واللقاح، وضعت «الوكالة» فرضية أن بعض الآثار الجانبية للقاح، مثل الحرارة المرتفعة والإعياء، غير الخطيرة على مريض بصحة جيدة، ربما أسهم في «نتيجة مميتة لدى بعض المرضى الأكثر ضعفاً».
خارج النرويج، أثارت هذه الأخبار بلبلة، واستُخدمت أحياناً لتغذية الخطاب المناهض للتلقيح، لدرجة أن السلطات النرويجية أجبرت لاحقاً على التأكيد أنه لا رابط مباشراً بين الوفيات واللقاح.
في فرنسا، خلال 22 يناير (كانون الثاني) الحالي، رصدت «وكالة الأدوية» 9 وفيات «لأشخاص متقدمين في السن من نزلاء منشآت إيواء المسنين أو من المقيمين في دور المسنين، لديهم أمراض مزمنة ويخضعون لعلاجات قوية»، مما مجمله 80 ألف شخص تلقوا اللقاح.
وأوضحت أنه «بالنظر لما نعرفه عن لقاح (كوميرناتي) - الاسم التجاري للقاح (فايزر - بايونتيك) - والعناصر المتوافرة عن الحالات حتى الساعة، لا سبب يدعو للاستنتاج أن الوفيات المبلغ عنها مرتبطة بالتلقيح».
وسُجلت أيضاً 13 وفاة لمتقدمين في السن في السويد، و7 في آيسلندا، من دون أن يجري حتى الساعة إيجاد رابط بينها وبين اللقاح، وفق السلطات الصحية.
في البرتغال أيضاً أفادت وسائل الإعلام مطلع يناير الحالي بوفاة عاملة في مجال الرعاية الصحية بعد يومين من تلقيها اللقاح. لكن وزارة العدل أكدت أن تشريح الجثة لم يبين «وجود أي رابط مباشر بين الوفاة ولقاح (كوفيد19)».
وفي 18 يناير، تحدث وزارة الصحة الفرنسية عن «ملاحظة 71 وفاة» على المستوى الأوروبي لأشخاص تلقوا اللقاح، من دون أن تعطي تفاصيل إضافية.
حتى الساعة؛ «لم تنسب أي وفاة لأشخاص متقدمين في السن إلى لقاح (كوميرناتي)»؛ وفق ما لخصت في 18 يناير «الوكالة الأوروبية للأدوية»، مذكرة بأنه «حين تسجل أي وفاة أو عوارض خطيرة، تقوم السلطات بالتحقيق لمعرفة ما إذا كان للقاح دور فيها».
وتعمل أنظمة سلامة الدواء الوطنية وعلى المستوى الأوروبي، التي جرى تعزيزها مع تفشي وباء «كوفيد19»، على رصد العوارض غير المرغوب فيها لدى شخص تلقى اللقاح، وعليها إبلاغ المختصين والمصنعين بها. ويمكن للمرضى أيضاً أن يقوموا هم بالتبليغ.
لكن هذه التبليغات لا تعني تلقائياً وجود علاقة بين اللقاح والعوارض، بل يجري تحليلها بدقة من جانب السلطات الصحية لتحديد وجود رابط، وماهيته إن وُجد، في عملية معقدة جداً.
حتى الساعة؛ واستنادا إلى عددها وملفات الأشخاص المتوفين، لا تعدّ هذه الوفيات خارجة عن السياق الطبيعي في ضوء إحصاءات الوفيات بين الأشخاص الذين جرى تلقيحهم.
وفي عدد كبير من الدول الأوروبية، جرى تلقيح الأشخاص الأكثر عرضة للخطر (كالمقيمين في منشآت الرعاية) أولاً. وتلك هي الحال في فرنسا والنرويج والمملكة المتحدة وإسبانيا... وغيرها.
تشير «وكالة الأدوية الفرنسية» إلى أن «تكثيف حملة التلقيح يزيد يومياً في أوساط تلك الفئة من احتمال حدوث وفيات بعد تلقي اللقاح المضاد لـ(كوفيد19)، حتى في ظلّ غياب أي تأثير للقاح».
وتقول «الوكالة البريطانية لمنتجات الصحة»: «ليس من غير المتوقع أن تتدهور حالة بعض هؤلاء الأشخاص (المعرضين للخطر) بسبب سنهم أو أمراضهم بعد تلقيهم اللقاح، من دون أن يكون للقاح دور في ذلك».
ويوضح الأستاذ في «علم وبائيات الدواء»، ستيفن إيفانز، كما نقلت عنه هيئة «ساينس ميديا سنتر»، أنه «عندما نلقح أشخاصاً معرضين لخطر الوفاة بشكل مرتفع، فسيحدث بعض الوفيات بمحض الصدفة بعد التلقيح».
ويزيد اختلاف مستوى الشفافية بين الدول من تعقيد هذه المسألة الحساسة. واختار بعض الدول، مثل فرنسا والدول الاسكندنافية، الإعلان عن أعداد الوفيات والآثار الجانبية المحتملة حتى من دون أن تكون علاقتها باللقاح مثبتة بعد. لكن دولاً أخرى تمتنع عن الإدلاء بأرقام.
وأكدت «وكالة الأدوية البريطانية» من جهتها أنها ستبلغ دورياً عن الأرقام «مستقبلاً».
وتجهد السلطات أيضاً في التعامل مع المفردات المستخدمة في هذه المسألة الحساسة. ففي حين أنه في المفردات العامية المتداولة قد يعني «الرابط» علاقة سببية، فإن الواقع قد يكون مخالفاً؛ إذ إن «الرابط» المذكور قد يكون ببساطة رابطاً زمنياً (أي إن الوفاة حدثت بعد تلقي اللقاح) وليس سببياً (أي إن الوفاة ليست ناجمة عن اللقاح).
وفي كل الأحوال، فإن السلطات الصحية في أوروبا تعدّ أن تلك الوفيات لا تطرح شكوكاً في سلامة اللقاح. وتشدد على متانة أنظمتها المعنية بسلامة الأدوية وسرعتها في التحقيق في أي وفاة أو أثر خطير أو غير متوقع للقاح. وتعهدت بالإبلاغ بشفافية عن تسجيل أي حالة مثيرة للقلق.
من جهتها، لم تدخل النرويج تعديلات على حملتها للتلقيح رغم أنها جددت توصيتها بإجراء تقييم طبي قبل إعطاء اللقاح لشخص ضعيف بشكل كبير أو متقدم جداً في السن، على غرار ما تقوم به دول أخرى عدة.
وأُعطيت حتى الآن 60 مليون جرعة من اللقاح على الأقل في 64 بلداً ومنطقة، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى مصادر رسمية في 23 يناير الحالي الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
TT

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

«لسنا بخير في لبنان ولكننا سنكمل رسالتنا حتى النفس الأخير». بهذه الكلمات تستهل ميشلين أبي سمرا حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُخبرنا عن برنامج النسخة الـ17 من مهرجان «بيروت ترنّم». فهي تتمسّك بتنظيم المهرجان في قلب المدينة؛ ما جعله بمثابة تقليدٍ سنوي في فترة أعياد الميلاد. طيلة السنوات الماضية ورغم كل الأزمات التي مرّ بها لبنان بقيت متشبثة بإحيائه.

كارلا شمعون من نجمات لبنان المشاركات في «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

ينطلق «بيروت ترنّم» في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ويستمر لغاية 23 منه. وتتجوّل الفرق الفنية المشاركة فيه بين مناطق مونو والتباريس والجميزة في بيروت، وكذلك في جامعة الألبا في سن الفيل، وصولاً إلى زوق مصبح ودير البلمند في شمال لبنان.

وبالنسبة لميشلين أبي سمرا فإن النسخة 17 من المهرجان تتجدد هذا العام من خلال أماكن إحيائه. وتتابع: «يزخر لبنان بأماكن مقدسة جمّة يمكننا مشاهدتها في مختلف مناطقه وأحيائه. وهذه السنة تأخذ فعاليات المهرجان منحى روحانياً بامتياز، فيحط رحاله في أكثر من دار عبادة وكنيسة. وبذلك نترجم العلاج الروحاني الذي نطلبه من الموسيقى. جراحنا وآلامنا لا تحصى، ونحتاج هذه المساحة الروحانية الممزوجة بالموسيقى كي نشفى».

أمسية «تينور يواجه تينور» مع ماتيو خضر ومارك رعيدي (بيروت ترنم)

يفتتح «بيروت ترنّم» أيامه بأمسية موسيقية مع الأوركسترا اللبنانية الوطنية، وتتضمن مقاطع موسيقية لموزارت بمشاركة السوبرانو ميرا عقيقي. ويحضر زملاء لها منهم الميزو سوبرانو غريس مدوّر، وعازف الباريتون سيزار ناعسي مع مواكبة جوقة كورال الجامعة الأنطونية. وبقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق ستتجلّى موسيقى موزارت في كنيسة مار يوسف في مونو.

وبالتعاون مع السفارة السويسرية واليونيسكو في بيروت، يقدم فريق «سيستيما» حفله في جامعة «الألبا». وتقول ميشلين أبي سمرا: «أسسنا هذا الفريق منذ سنوات عدّة، وهو ملحق بـ(بيروت ترنّم)، ويتألف من نحو 100 عازف ومنشدٍ من الأولاد. ونحن فخورون اليوم بتطوره وإحيائه عدة حفلات ناجحة في مناطق لبنانية. سنكون على موعد معه في (بيروت ترنمّ) في 8 ديسمبر».

ومن الفنانين اللبنانيين المشاركين في برنامج الحفل الموسيقي زياد الأحمدية، الذي يحيي في 11 ديسمبر حفلاً في جامعة «الألبا» للفنون الجميلة. ويؤلف مع عازفي الساكسوفون و«الدوبل باس» نضال أبو سمرا ومكرم أبو الحصن الثلاثي الموسيقي المنتظر.

«مقامات وإيقاعات» أمسية موسيقية شرقية مع فراس عنداري (بيروت ترنم)

وتحت عنوان «سبحان الكلمة» تحيي غادة شبير ليلة 13 ديسمبر من المهرجان في كنيسة مار بولس وبطرس في بلدة قرنة شهوان، في حين تشارك كارلا شمعون في هذه النسخة من «بيروت ترنّم» في 15 ديسمبر، فتقدّم حفلاً من وحي عيد الميلاد بعنوان «نور الأمل».

تشير ميشلين أبي سمرا في سياق حديثها إلى أن عقبات كثيرة واجهتها من أجل تنفيذ المهرجان. «إننا في زمن حرب قاسية ولاقينا صعوبات مادية شكّلت عقبة، لولا دعمنا من قبل رعاة متحمسين مثلنا لاستمرارية لبنان الثقافة. كما أن نجوماً أجانب أصرّوا على المشاركة والمجيء إلى لبنان رغم ظروفه اليوم».

عازف العود زياد الأحمدية يحيي ليلة 11 ديسمبر (بيروت ترنم)

من بين هؤلاء النجوم الإسبانيان عازف الكمان فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا. ومن بلجيكا يحلّ كلٌ من عازفة التشيللو ستيفاني هوانغ وعازف البيانو فلوريان نواك ضيفين على المهرجان، ويقدمان معاً حفلهما الموسيقي في 18 ديسمبر في كنيسة مار مارون في شارع الجميزة.

ومن الحفلات المنتظرة في هذه النسخة «تينور يواجه تينور». وتوضح ميشلين أبي سمرا: «يتجدّد برنامج المهرجان مع هذا الحفل. فهو يحدث لأول مرة ويشارك فيه كل من ماتيو خضر ومارك رعيدي، فيتباريان بصوتهما الرنان بعرض أوبرالي استثنائي». ويقام هذا الحفل في 9 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة.

عازف الكمان الإسباني فرانسيسكو فولانا (بيروت ترنم)

ومن الفِرق اللبنانية المشاركة أيضاً في «بيروت ترنّم» كورال الفيحاء الوطني بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. وكذلك هناك مقامات وإيقاعات مع فراس عينداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو الخاضر، يقدّمون عرضاً غنائياً شرقياً، يتخلّله عزف على العود والقانون والكمان. ويقام الحفلان ليلتي 19 و20 ديسمبر في الجميزة. ويختتم «بيروت ترنّم» فعالياته في 23 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة. وذلك ضمن حفل موسيقي في الذكرى المئوية للإيطالي بوتشيني، ويحييها التينور بشارة مفرّج وجوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب خليل رحمة.