صواريخ «متعمدة» من سوريا تعيد أجواء الحرب إلى الجولان المحتل

نتنياهو يهدد بـ«نار أقوى» على القصف الصاروخي

استعدادات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل أمس (أ.ف.ب)
استعدادات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل أمس (أ.ف.ب)
TT

صواريخ «متعمدة» من سوريا تعيد أجواء الحرب إلى الجولان المحتل

استعدادات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل أمس (أ.ف.ب)
استعدادات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل أمس (أ.ف.ب)

شهد الجولان السوري، أمس، تطورا أمنيا لافتا، تمثل بإطلاق صواريخ من سوريا على الجزء الذي تحتله إسرائيل، في ما بدا وكأنه رد على عملية نفذتها إسرائيل في القنيطرة السورية قبل 10 أيام، وأدت إلى مقتل جنرال إيراني و6 عناصر من «حزب الله» اللبناني، الذي قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، إنه تسلم إدارة المنطقة منذ وقوع الحادثة.
وأعلنت إسرائيل سقوط «صاروخين على الأقل» أطلقا من سوريا على هضبة الجولان، وردّ الجيش الإسرائيلي بإطلاق نيران مدفعية باتجاه سوريا، ليعيد أجواء الحرب إلى الجولان المحتل. وفيما لم يعلن أي طرف مسؤوليته عن الهجوم، رجّحت المعلومات أن تكون الصواريخ أتت في إطار الرد على عملية القنيطرة الأخيرة.
وحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحكومة السورية و«حزب الله» مسؤولية حادث إطلاق الصاروخين نحو الجانب الذي تحتله إسرائيل في هضبة الجولان. وقال «إنهم يلعبون بالنار وسيتلقون نارا أقوى». وفي الوقت نفسه، ذكرت مصادر عسكرية أن إسرائيل لن تكتفي بردها الحالي على هذا القصف. ومن غير المستبعد أن تبادر إلى ضربة أخرى.
وكان صاروخان أطلقا من الأراضي السورية، شمال شرقي هضبة الجولان، أحدهما باتجاه معسكر للجيش الإسرائيلي والثاني باتجاه موقع تزلج على الجليد على قمم جبل الشيخ. وكان يوجد في هذا المكان نحو ألف إسرائيلي، فأمرتهم قوات الجيش بالدخول إلى مناطق آمنة، هم وسائر المستوطنين اليهود في الجولان. وأبقتهم مختبئين طيلة ساعة. وفي هذه الأثناء ردت المدفعية الإسرائيلية بقصف 20 قذيفة مدفعية على مصادر النيران. ولم تقع ضحايا في أي من الطرفين.
وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إنه بعد تقصي الجيش للمنطقة التي أطلقت نحوها الصواريخ عثر على صاروخين بالمكان على الرغم من أن أجهزة الاستطلاعات ميزت إطلاق 4 صواريخ. وأضاف أنه يبدو أن إطلاق القذيفتين الصاروخيتين نحو إسرائيل كان متعمدا ولم يكن بطريق الخطأ.
وكانت مصادر سياسية في إسرائيل قد كشفت أن إيران حذرت إسرائيل من خلال الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، من أن عليها (إسرائيل) أن تتوقع «عواقب» بعد الغارة على القنيطرة التي تنسب إليها. ولم تتبن إسرائيل رسميا مسؤولية الغارة، لكنها توقعت ردا من «حزب الله» وربما من إيران أيضا. وتوعد الحرس الثوري بالرد أيضا. وجاءت تصريحات نتنياهو أمس لتحذر من أنها لن تسكت على رد استثنائي. وحسب مصدر عسكري تحدث إلى القناة الرسمية للتلفزيون الإسرائيلي، فإن إسرائيل وضعت سقفا لرد «حزب الله» وإيران، إذا تم تجاوزه فسترد بطريقة موجعة. وأكد أن إسرائيل و«حزب الله» غير «معنيين بحرب لبنان ثالثة في هذا الوقت، ولكن ينبغي أن يعرف كل طرف حدوده عند هذه النقطة». والقصد من ذلك أن إسرائيل تقترح على «حزب الله» أن من مصلحته أن يتحمل الضربة على القنيطرة، وإلا فإن إسرائيل سترد بقوة تجعل خسارته مضاعفة.
وتتسبب هذه اللهجة الإسرائيلية الرسمية في قلق كبير في المناطق الشمالية الإسرائيلية، قرب الحدود مع سوريا ولبنان.
ورجح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أنّ «حزب الله» اللبناني، عبر اللواء 90 الموجود في منطقة الجولان المحرر، هو الذي قام بعملية إطلاق الصواريخ. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنّ «حزب الله» بدأ العمل «على إنشاء مقاومة سورية في المنطقة التي تسلّم إدارتها منذ الاعتداء على الموكب التابع له قبل نحو عشرة أيام».
من جهته، قال الناطق باسم الجبهة الجنوبية في هيئة الأركان بالجيش الحر، أبو أحمد العاصمي، إن الصواريخ التي استهدفت الجولان المحتل أطلقت من الفوج 137 قرب منطقة خان الشيح، المحسوب جغرافيا على ريف دمشق الغربي. ولفت أبو أحمد لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الفوج يعتبر قاعدة أساسية للحرس الثوري الإيراني و«حزب الله»، وينتشر كذلك في درعا وريف دمشق.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنير، في رسالة نصية، أن النيران التي قدمت من سوريا كانت «متعمدة وليست امتدادا من الحرب الأهلية في سوريا»، مثلما كان الوضع عليه في السابق.
ويذكر أن الجيش الإسرائيلي أسقط في سبتمبر (أيلول) الماضي طائرة سورية دخلت المجال الجوي في المنطقة المحتلة من هضبة الجولان في أخطر حادث من نوعه في الهضبة منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011. وتصاعد التوتر منذ 18 يناير (كانون الثاني) الحالي، بعد غارة إسرائيلية على منطقة القنيطرة جنوب سوريا. وعزز الجيش الإسرائيلي بشكل كبير وجوده على الحدود منذ هذه الغارة التي وقعت في الجولان السوري المحتل وأدت إلى سقوط ستة قتلى، بينهم جهاد مغنية نجل القائد العسكري لـ«حزب الله» عماد مغنية الذي قتل في تفجير في دمشق في 2008. ولم تعلن إسرائيل رسميا مسؤوليتها عن الغارة، لكنها توقعت ردا من «حزب الله».
وبينما بقيت سوريا على صمتها من دون أن تعلن أي موقف رسمي حيال عملية القنيطرة، جاء الرد من إيران التي قالت عبر القائد العام للحرس الثوري الإيراني إنه على إسرائيل أن تنتظر «عاصفة مدمرة بعد جريمتها في القنيطرة»، ومن المتوقّع أن يعلن «حزب الله» موقفه الرسمي من الاعتداء على لسان أمينه العام حسن نصر الله في احتفال جماهيري بعد غد الجمعة.
وكما الحدود السورية فإن الحدود اللبنانية كذلك في حالة تأهّب دائم من تطوّر الوضع الأمني بعد حادثة القنيطرة، والتي يرى المراقبون إنّها أدت إلى جعل الجولان جبهة مفتوحة في الصراع مع إسرائيل. وفي هذا الإطار، أكد القائد العام لـ(اليونيفيل) اللواء لوتشيانو بورتولانو أن «الجهود المشتركة بين قواته والجيش اللبناني تهدف إلى نزع فتيل التوتر وضمان أن يبقى الوضع في منطقة عملياتنا مستقرا وتحت السيطرة».
بينما أكد نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أن «الحزب سيتابع مقاومته وسيستمر في الإعداد والتجهيز، وسيكون في طليعة المشروع المقاوم وحاضرا دائما لخوض أي معركة محتملة في المستقبل»، مشددا على أن «الهدف الإسرائيلي لن يتحقق خصوصا مع وجود (حزب الله) ومعادلة (الجيش والشعب والمقاومة) التي أثبتت جدواها وجدارتها».
وقال بورتولانو لـ«الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية «لقد عززنا دورياتنا على الأرض بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، مكثفين دورياتنا الجوية على طول الخط الأزرق، بالإضافة إلى وجودنا البحري حيث نعمل بدعم وثيق من البحرية اللبنانية». ونوه بـ«دعم السلطات الأمنية والروحية اللبنانية لـ(اليونيفيل)، مما يعزز قدرتها على مواصلة سعيها المشترك للحفاظ على السلام والأمن في جنوب لبنان».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».