آمال العراق معلقة بين انتحاريي «ساحة الطيران» وصواريخ المطار

بوادر مرحلة جديدة في سياق تصفية الحسابات بين أميركا وإيران

آمال العراق معلقة بين انتحاريي «ساحة الطيران» وصواريخ المطار
TT

آمال العراق معلقة بين انتحاريي «ساحة الطيران» وصواريخ المطار

آمال العراق معلقة بين انتحاريي «ساحة الطيران» وصواريخ المطار

حدثان لا يفصل بينهما سوى أقل من 48 ساعة، حادث تفجير إرهابي هو الأول من نوعه منذ سنوات في ساحة الطيران في قلب بغداد الخميس، وإطلاق 3 صواريخ باتجاه مطار بغداد الدولي أمس.
ورغم الفارق الكبير في الضحايا بين الحدثين (32 قتيلا و110 جرحى) في تفجير ساحة الطيران الانتحاري، وتحطم جدار أحد منازل المواطنين في حي الجهاد على طريق المطار بسبب سقوط أحد الصواريخ الثلاثة على المنزل، فإن الدلالة الرمزية لكل من الواقعتين تكاد تقلب المعادلة. فتنظيم «داعش» قطع نزاع القوم في أقل من 24 ساعة حين أعلن تبنيه لتفجير ساحة الطيران قائلا في بيان له إن الحرب ستبقى مفتوحة مع من عدهم أعداءه في العراق وفي غير العراق ممن يتمكن من إرسال انتحارييه بأحزمتهم الناسفة إليهم. أما مطلقو الصواريخ فكالعادة لم يعلن أحد منهم تبنيه للصواريخ التي لا تزال يتيمة الأب. الجهات الأمنية العراقية سرعان ما تعلن بعد إطلاق الصواريخ أنها عثرت على منصات إطلاقها لكنها هذه المرة لم تتمكن من الوصول إلى مطلقيها أو على الأقل لم تعلن أنها توصلت إليهم.
وحسب المعلومات المتداولة هناك عدد من مطلقي هذه الصواريخ هم الآن في قبضة السلطة وتحقق معهم. والجميع يتذكر حادثة اعتقال أحد مطلقي الصواريخ قبل نحو شهر تقريبا الأمر الذي كاد يؤدي إلى مواجهة بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وأحد الفصائل المسلحة (عصائب أهل الحق) التي اعترضت على اعتقال منتسب في الحشد الشعبي ينتمي إليها. وبعكس حادثة «البوعيثة» التي حدثت خلال شهر أغسطس (آب) العام الماضي عندما تراجع الكاظمي عن مواجهة بدت غير متكافئة، فإنه بدا في حادثة اعتقال عنصر «العصائب» مستعدا للمواجهة الأمر الذي أدى في النهاية إلى حصول تسوية لكنها لم تسفر عن إطلاق سراح المنتسب.
وإذا كانت حادثة ساحة الطيران مؤشرا على استئناف تنظيم «داعش» عملياته الانتحارية في العاصمة مثلما كان عليه الحال قبل أربع أو خمس سنوات فإن حوادث الصواريخ ليست شأنا عراقيا داخليا بل هي ملف مرتبط بملفات خارجية عنوانها الأهم الصراع بين الإيرانيين والأميركيين. فالإيرانيون كانوا انتظروا أواخر أيام إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب رحيله خصوصا بعد ظهور أن نتائج الانتخابات الأميركية ليست لصالحه. وحيث إن ترمب لم يعترف بالهزيمة حتى اللحظات الأخيرة فإن خطر المواجهة بين واشنطن وطهران ودائما في العراق بقي قائما. وفي الوقت الذي جرى فيه الاتفاق على هدنة بين الطرفين فإن تلك الهدنة التي كان يشرف عليها قائد فيلق القدس في «الحرس الثوري» الإيراني، إسماعيل قاآني، تم خرقها مرتين على الأقل، وفي كلتا المرتين كان قاآني يزور العراق في اليوم التالي لإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء حيث السفارة الأميركية. وبعكس سلفه الجنرال قاسم سليماني الذي اغتيل بغارة أميركية على مطار بغداد أوائل شهر يناير (كانون الثاني) عام 2020 فإن قاآناني يبدو متوسلا لا ضابطا لإيقاع الفصائل الموالية لهم في العراق. المصادر العراقية تقول إن قاآني كان في المرتين اللتين جاء بهما إلى بغداد والتقى الكاظمي منزعجا من إطلاق الصواريخ على السفارة الأميركية لأن طهران تخشى رد فعل حاسما من قبل ترمب.
مع ذلك، مضت الأوضاع في إيقاع بطيء وثقيل حتى غادر ترمب وجاء بايدن البيت الأبيض. وحيث لم يمض على وجود بايدن أكثر من ثلاثة أيام لم ينته فيها من ترتيب حقائبه وتغيير ديكورات البيت الأبيض للسنوات الأربع المقبلة جاءته أولى رسائل التحذير أو المماحكة، وذلك باستهداف أرتال التحالف الدولي في العراق بالعبوات الناسفة. ومع أن استهداف هذه الأرتال لا يبدو تحرشا كبيرا بالولايات المتحدة الأميركية لأن التحالف الدولي في العراق يتكون من أكثر من 60 دولة فإن دم العبوة الناسفة يضيع بين قبائل «الناتو» والتحالف الدولي. الجديد هذه المرة أنه في غضون اليوميين الماضيين بدت الحرب وكأنها مفتوحة بين أصحاب العبوات الناسفة الذين هم ليسوا أكثر من ذراع من أذرع جماعة الصواريخ وبين أرتال التحالف الدولي الخاصة بالدعم اللوجيستي لهذا التحالف. ولما لم يكن هناك رد أو موقف سواء من التحالف الدولي أو السفارة الأميركية فإن التطور الجديد هو العودة إلى سياسة حافة الهاوية عبر إطلاق الصواريخ العشوائية.
وزير الدفاع العراقي جمعة عناد كان قلل من عمليات إطلاق الصواريخ لجهة كونها تمثل استهدافا لسيادة الدولة لكن عودتها وبهذه السرعة في بدء تسلم بايدن السلطة يعني أن هناك مرحلة جديدة في سياق تصفية الحسابات المؤجلة منذ عهد ترمب بين واشنطن وطهران.
صحيح أن الصواريخ هذه المرة لم تستهدف السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء بل مطار بغداد الذي لم يعد يحتوي على وجود أميركي مهم لكن الجديد هذه المرة أن المضادات في قاعدة «فيكتوريا» في المطار التي يوجد فيها أميركيون هي التي تصدت لهذه الصواريخ.
الانتظار الآن هو سيد الموقف. مطلقو الصواريخ الذين لا يتركون دليلا عليهم إلا منصات الإطلاق ينتظرون رد الفعل الأميركي لكي يتصرفوا بموجبه. وفي حال كان هناك رد فعل سريع فإن قواعد اللعبة ستتغير في ضوء رد الفعل هذا. أما في حال سكت الأميركيون لهذا السبب أو ذاك فلن يطول الوقت حتى تستهدف الصواريخ المقبلة السفارة مجددا مستأنفة حربا سيدفع المواطنون العراقيون الذين يحيطون بالسفارة على ضفتي دجلة ثمنها.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.