قصة انقضاض الحوثيين على مفاصل اليمن الإيرادية

يمنيون يحملون مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي في حجة (أ.ف.ب)
يمنيون يحملون مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي في حجة (أ.ف.ب)
TT

قصة انقضاض الحوثيين على مفاصل اليمن الإيرادية

يمنيون يحملون مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي في حجة (أ.ف.ب)
يمنيون يحملون مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي في حجة (أ.ف.ب)

رغم مزاعم الجماعة الحوثية أنها تعمل من أجل كافة اليمنيين في مناطق سيطرتها، إلا أن سلوكها على الأرض منذ انقلابها يشير إلى ثقافة إقصائية للكوادر اليمنية من أعمالهم في المؤسسات والمناصب، وإحلال العناصر المنتمين إلى سلالة زعميها عبد الملك الحوثي من أقاربه وأصهاره في أغلب المناصب الحساسة.
هذه الخلاصة، استنتاج أحاديث مع سياسيين خاضعين لسيطرة الجماعة الانقلابية في صنعاء، إذ يقولون إن «سلوك العائلة الحوثية وزعيمها فيما يخص التعامل مع المناصب والثروة والسلطة يظهر جلياً تلك التوجهات الإقصائية وعملية الاستئثار التي تحملها الجماعة من خلال توسيع نطاق نفوذها حتى على حساب موالين لها ساندوها في عملية الانقلاب واجتياح صنعاء ومدن يمنية في سبتمبر (أيلول) 2014».
ويعقد السياسيون أن إدارة العائلة الحوثية للسلطة عبر أقاربها من أبناء العمومة أو عن طريق النسب والانتماء تشبه إلى حد كبير إدارة النظام الإمامي، التي حكمت اليمن قبل ثورة 26 سبتمبر 1962.
بدءاً من زعيم الجماعة الذي أطلق على نفسه لقب «قائد الثورة»، لا يكاد منصب عسكري أو مدني ذا أهمية إلا وكان أحد أقاربه هو المسؤول عنه، بما في ذلك منصب رئيس حكم الانقلاب الذي أوكل إلى أحد القادمين من صعدة (مهدي المشاط)، وصولاً إلى حكومة الانقلاب والهيئات والمؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية والإيرادية، وانتهاء بالمشرفين في المحافظات والمديريات الواقعة تحت قبضة الجماعة.
وفيما يسيطر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، على مركز القرار الأول في سلطة الانقلابيين، تستحوذ عائلته حالياً على حصة صعدة في مجلس حكم الانقلاب بصورة شبه كاملة، بعد أن كان مشكلاً في السابق من 10 أعضاء تم تقسيمهم بالتناصف بين الميليشيات وجناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء على أن يتم تداول منصب رئيس المجلس كل ستة أشهر، وهو ما لم يحدث منذ تشكيله في 28 يوليو (تموز) 2016، حيث ظل ذلك المنصب حكراً على المقربين من زعيم الجماعة، وهما صالح الصماد الذي قتل في 2018، وبعده مهدي المشاط، الذي تربطه علاقة مصاهرة بالعائلة الحوثية.
وفي حين استبعد زعيم الجماعة قبل أشهر قليلة القيادي الحوثي وأحد مؤسسي الجماعة المدعو يوسف الفيشي من عضوية المجلس السياسي، أحل مكانه ابن عمه محمد علي الحوثي الذي لا يزال يحتفظ بمنصبه رئيساً لما يسمى «اللجنة الثورية العليا للجماعة».
وإلى جانب منصبي عضو مجلس حكم الانقلاب (المجلس السياسي الأعلى) ورئيس اللجنة الثورية، أضاف زعيم الانقلابيين لابن عمه محمد علي الحوثي منصباً جديداً سماه «رئيس المنظومة العدلية»، في سياق سعي الجماعة لاستكمال السيطرة على ما تبقى من قطاعي القضاء والأوقاف، وتسهيل عملية نهب الأراضي والعقارات المملوكة للمواطنين والدولة.
ويتولى محمد علي الحوثي، إلى جانب تلك السلسلة من المناصب القيادية، مهام عديدة أخرى تتعلق بعضها بإدارة أمور التحشيد العسكري والجماهيري وجمع الجبايات، فضلاً عن كونه ممثلاً لزعيم الجماعة للقاء بعض زعماء القبائل والوجهاء الموالين لها.
وفي سياق سيطرة العائلة الحوثية، يأتي يحيي بدر الدين الحوثي شقيق زعيم الجماعة المعين بمؤهل (يقرأ ويكتب) على رأس وزارة التربية في حكومة الانقلاب، كما ينتحل عمه عبد الكريم أمير الدين الحوثي منصب وزير الداخلية.
إلى ذلك أوكل الحوثي إلى قريبه بلال الحوثي، الإشراف على بنك التسليف التعاوني الزراعي، وعين قريبه الآخر هاشم إسماعيل علي أحمد محافظاً مزعوماً للبنك المركزي في صنعاء، كما عين قريبه حسن الحوثي رئيساً لمجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية، وشقيقه عبد الخالق بدر الدين الحوثي قائداً لقوت الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقاً) وقائداً للمنطقة العسكرية المركزية، ونجل شقيقه علي حسين بدر الدين الحوثي وكيلاً لوزارة الداخلية لقطاع الأمن والشرطة، ويحيي حسن الحوثي منصب المركز الوطني لنزع الألغام.
إلى ذلك حرص الحوثي على تعيين زيد الحوثي مديراً لمؤسسة جرحى الجماعة، ومحمد حسين الحوثي رئيساً للمركز الوطني لرصد ودراسات الزلازل والبراكين، وقاسم الحوثي رئيساً لدائرة الإدارة المحلية في مجلس حكم الانقلاب، وأمين عبد الكريم الحوثي مديراً لمكتب رئيس مصلحة الضرائب، وعبد الله عبد الكريم الحوثي رئيساً لدائرة الأشعال العسكرية، ويحيي الحوثي وكيلاً مساعداً لوزارة الأوقاف والإرشاد، وعبد المجيد الحوثي المعين أميناً عاماً لجامعة المعرفة والعلوم الحديثة، (أدرجتها الجماعة مؤخراً ضمن الجامعات الحكومية).
كما قام بتعيين قريبه هاشم الحوثي وكيلاً لأمانة العاصمة لقطاع الأوقاف، وعبد الله الحوثي رئيساً لما يسمى بهيئة التصالح والتسامح، وأمير الدين الحوثي ممثلاً لمنظمات المجتمع المدني في الشؤون الاجتماعية، وهو الذي عمل في السابق على استهداف وإغلاق العشرات من المنظمات المدنية، وتفريخ منظمات وجمعيات أخرى تابعة للجماعة.
في السياق نفسه، حصدت الشخصيات المقربة من زعيم الجماعة الحوثية، خصوصاً تلك المنتمية إلى صعدة، المرتبة الثانية فيما يتعلق بإدارة شؤون الدولة المغتصبة بعد عائلة عبد الملك الحوثي وأصهاره وأبناء عمومته.
ومن بين تلك الأسماء، عبد الحكيم الخيواني المقرب من زعيم الجماعة والمعين من قبله رئيساً لما يسمى جهاز الأمن والمخابرات، ونائبه عبد القادر الشامي، وعبد الله علي الحاكم رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، وهم من القيادات الأمنية والميدانية البارزة بصفوف الميليشيات، وانتهاء بأحمد حامد المعين مديراً لرئيس مجلس حكم الانقلاب ومشرفاً مطلقاً على المساعدات الدولية وعلى الصناديق الإيرادية وعلى وزراء حكومة الانقلاب، إلى جانب محمد عبد الكريم الغماري المعين في منصب رئيس هيئة الأركان العامة، وعبد المحسن الطاووس المعين في منصب رئيس الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية.
إلى جانب هؤلاء الأشخاص، عين الحوثي أعوانه من صعدة في مختلف المناصب ذات الأهمية مثل الذراع المالية والاقتصادية للجماعة صالح مسفر الشاعر، المعين رئيساً لهيئة الدعم اللوجيستي بوزارة دفاع الجماعة، وعلي سالم الصيفي المهين وكيلاً لوزارة داخلية الجماعة لقطاع الموارد البشرية والمالية، وأحمد الحمزي المعين قائداً للقوات الجوية، ومسفر عبد الله النمير المعين وزيراً للاتصالات بحكومة الجماعة، ومحمد أحمد الحاتمي الوكيل الأول لوزارة الاتصالات لشؤون التفتيش والرقابة، وعصام الحملي نائب مدير عام مؤسسة الاتصالات ورئيس مجلس إدارة شركة «يمن موبايل»، وحسن المراني المعين مدير عام المؤسسة الاقتصادية اليمنية، ومحمد عبد العظيم المعين رئيساً لمصلحة الأحول المدنية.
وفيما يتعلق بسلطة «المشرفين»، التي استخدمتها العائلة الحوثية وسيلة لابتلاع ما تبقى من مؤسسات الدولة والحكومة في صنعاء العاصمة بشكل عام، وعلى مستوى المحافظات ومديرياتها بشكل خاص، تؤكد مصادر يمنية كانت مقربة من الجماعة أن زعيم الانقلاب لا يزال هو الشخص الوحيد الذي يحتفظ دون غيره من القيادات الحوثية الأخرى بحق تعيين المشرفين، باعتبارهم ممثلين له شخصياً، ويمنحهم كافة الصلاحيات الكاملة، ويتلقون توجيهاتهم رأساً من مكتبه.
وتفيد المصادر ذاتها، بأنه لا يمكن لأي شخص الوصول إلى منصب مشرف حوثي في أي محافظة خاضعة تحت سيطرة الجماعة، إلا إذا امتلك معايير خاصة وأساسية تتناسب مع تلك التي اعتمدتها العائلة الحوثية للتعيين بذلك المنصب.
ويمنح منصب «المشرف» في المحافظة أو المديرية أو المؤسسة صاحبه صلاحيات الرقابة على عمل المحافظ والمدير والوزير، كسلطة أعلى من حيث القدرة على إنفاذ القرار لما له من ارتباط مباشر بزعيم الجماعة، كما يعد محصناً، ولا يمكن المساس به، ولا يمكن تغييره إلا بأمر الحوثي نفسه.
ورغم صعوبة الحصول على المعلومات الكافية حول مشرفي الجماعة في المحافظات والمديريات، إلا أنه يمكن ذكر بعض الأسماء التي ينتمي أغلبها إلى محافظة صعدة، وبعضهم أقارب لزعيم الجماعة مثل المشرف في صنعاء خالد المداني، والمشرف العام الصوري لمحافظة إب المدعو يحيى اليوسفي، ومن خلفه المشرف العام الفعلي عبد الغني الطاووس المتزوج من شقيقة عبد الملك الحوثي، ونائبه أشرف المتوكل المقرب سلالياً من الأسرة الحوثية.
ومن هؤلاء المشرف الحوثي في محافظة حجة نائف أبو خرفشة، وهو ابن أخت عبد الملك الحوثي، ومشرف محافظة الحديدة أحمد البشري القريب من الأسرة الحوثية، ومشرف محافظة المحويت عزيز الهطفي، وهو كذلك من صعدة، ومشرف محافظة ذمار فاضل الشرق المكنى «أبو عقيل»، وهو أحد أخوال زعيم الجماعة، ومشرف محافظة ريمة أبو يحيى الديلمي المنتمي للسلالة الحوثية، ومشرف الجوف أبو أحمد العزي الذي يتحدر من أسرة بيت العزي في صعدة، التي منها حسين العزي، وهو مسؤول العلاقات الخارجية في الميليشيات، وجميعهم ينتمون إلى صعدة.


مقالات ذات صلة

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي أكد طارق صالح أن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة واستعادة الدولة ومؤسساتها (سبأ)

مسؤولان يمنيان يرفعان جاهزية الجبهات العسكرية

يعتقد المسؤولون اليمنيون أن جماعة الحوثي هي العدو الرئيسي والوحيد للشعب اليمني، وأن الظروف الراهنة مواتية لصالح حسم المعركة، واستعادة الدولة ومؤسساتها.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».