عراقيل أمام دعوة «القوات» لجبهة معارضة موحدة

«الكتائب» يغرّد خارجها و«الاشتراكي» لا يعتبرها أولوية

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (تويتر)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (تويتر)
TT

عراقيل أمام دعوة «القوات» لجبهة معارضة موحدة

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (تويتر)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (تويتر)

تصطدم محاولات حزب «القوات اللبنانية» تشكيل «جبهة إنقاذ معارضة» من أجل الدفع لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بموانع معظم القوى المعارضة التي يمكن لـ«القوات» التعويل عليها، وخصوصاً حزب «الكتائب» الذي يعمل على جبهة منفصلة، و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يعطي الأولوية لتشكيل الحكومة وقانون الانتخاب.
وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن الهدف من الاتصالات التي تقوم بها «القوات» هو «تكوين جبهة إنقاذ معارضة في أسرع وقت ممكن من أجل الدفع في اتجاه إجراء انتخابات نيابية مبكرة، تؤدي إلى وصول أكثرية نيابية مختلفة تعيد إنتاج السلطة كلها، وفي طليعتها انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة إنقاذ طال انتظارها»، معتبراً أن «السلبية والعقبات واللامبالاة التي يضعها البعض في طريق نشوء هذه الجبهة، لا تؤدي سوى إلى إطالة عمر الأكثرية النيابية الحاكمة، وبالتالي إطالة أمد الأزمة».
ويدرك «القوات» جيداً العراقيل التي تحول دون توحد القوى التي تتشابه وتتقاطع، ولكنّه يميّز بين إرادته فتح طرق التواصل والتفاهم مع هذه القوى، وبين الوصول الفعلي إليها والذي اتضح حتى اللحظة أنه ليس سهلا، كما يؤكّد مصدر في «القوات» متسائلاً، إن كانت بعض قوى المعارضة كـ«الكتائب» مثلاً تستطيع تشكيل جبهة منفردة.
ويلفت المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العراقيل لن تمنع «القوات» كحزب معارض من مد اليد لتوحيد الصفوف انطلاقاً من أسباب موجبة، تتلخّص بأن غياب جبهة موحدة للمعارضة تعني أن المنتصر سيكون الفريق الحاكم والخاسر قوى المعارضة نفسها، وبطبيعة الحال الشعب اللبناني؛ الأمر الذي يجعل «القوات» غير قادر على الوقوف مكتوف الأيدي.
ويقول المصدر، إنه رغم معرفة حزب «القوات» مسبقاً بمواقف بعض القوى السياسية يصرّ على مد اليد والقول إنه لا يجوز أن تستمر القوى المعارضة في التمترس خلف عنوان معين من دون توحيد الجهود لتشكيل قوة ضاغطة للوصول إلى الأهداف المرجوة والتي تتفق عليها وهي تغيير السلطة، من دون استبعاد دور شخصيات مستقلة ومجموعات المجتمع المدني.
ويؤكّد المصدر، أن الاتصالات مستمرة لتقريب وجهات النظر والأفكار السياسية وبناء خريطة طريق إنقاذية، موضحاً أن القوات متمسك بعنوان الانتخابات النيابية المبكرة؛ لأنه أكثر الطروحات قابلية للترجمة، على عكس عناوين أخرى كعنوان إسقاط الرئيس غير القابل للتحقق في الشارع أو عبر الدستور بينما الانتخابات النيابية المبكرة هي بكل الأنظمة الديمقراطية حق عندما يحصل أي مأزق أو تحول بمزاج الرأي العام وهي الطريقة الأمثل لإعادة إنتاج كل السلطة.
ويقول عضو «اللقاء الديمقراطي» (يضم نواب الحزب الاشتراكي) النائب بلال عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، إنّ لبنان «لا يحتمل اصطفافات أو جبهات إضافية أو حتى انقسامات عمودية جديدة». ففي ظل الأزمة الاقتصادية والصحية والانهيار الحاصل في البلاد، لا بدّ من أن تكون الأولوية «لتشكيل حكومة إنقاذ تضع البلاد على سكة الخروج من الأزمة»، وأي طرح آخر خارج عن هذا الإطار «لدينا لاحقاً الوقت لتحقيقه».
ويأتي كلام جعجع بعد أيام قليلة من سجال سياسي دار بين «القوات» و«الكتائب» على خلفية تصريح النائب المستقيل سامي الجميّل، بأن «القوات» يُغيّر مواقفه وفق مصلحته ووفق حساباته، وردّ «القوات» على كلام الجميّل، معتبراً أنه يأتي في إطار إحباط مسعاه لتشكيل جبهة معارضة جدّيّة في البلاد.
ويرى مصدر في حزب «الكتائب»، أنه بعيداً من السجال الحاصل مؤخرا مع «القوات» كان «الكتائب» منذ فترة ولا يزال «يعمل على تكوين جبهة معارضة لمواجهة أفرقاء التسوية والسلطة».
ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الإطار الوحيد لهذه الجبهة يتمثل في نواب استقالوا من المجلس النيابي ومجموعات أفرزتها انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، مضيفا أنّ حزب «القوات» لا يدخل ضمن هذا الإطار، قائلاً إن نواب «القوات» «لم يستقيلوا وهو جزء من التسوية الرئاسية التي أوصلت رئيس الجمهورية الحالي إلى الرئاسة؛ ما يعني عدم إمكانية أن يكون الطرفان أقلّه حالياً في جبهة واحدة».



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».