مطالبات بانتخابات برلمانية جزئية في تونس

محكمة أكدت ارتكاب مخالفات في 370 قائمة انتخابية و8 مرشحين للرئاسة في سباق 2019

والدة أحد معتقلي الاحتجاجات الأخيرة تتحدث إلى محاميه أمام منزلها في العاصمة تونس (أ.ف.ب)
والدة أحد معتقلي الاحتجاجات الأخيرة تتحدث إلى محاميه أمام منزلها في العاصمة تونس (أ.ف.ب)
TT

مطالبات بانتخابات برلمانية جزئية في تونس

والدة أحد معتقلي الاحتجاجات الأخيرة تتحدث إلى محاميه أمام منزلها في العاصمة تونس (أ.ف.ب)
والدة أحد معتقلي الاحتجاجات الأخيرة تتحدث إلى محاميه أمام منزلها في العاصمة تونس (أ.ف.ب)

طالبت عشرات الجمعيات المدنية التونسية، وأكثر من 100 شخصية وطنية، بالعمل الفوري على تنفيذ مخرجات تقرير محكمة المحاسبات حول الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها مئات القوائم الانتخابية البرلمانية، وعدد من مرشحي الرئاسية، في أثناء الحملة الانتخابية لاستحقاقات 2019.
ودعت إلى تنظيم انتخابات برلمانية جزئية لـ«تعويض نواب في البرلمان التونسي باتوا يفتقدون للشرعية القانونية الضرورية، بعد أن كشفت محكمة المحاسبات في تقاريرها أن الحسابات المالية للمترشحين للرئاسية والتشريعية لم تكن دائماً مضبوطة».
وأكدت قائمة هذه الجمعيات والشخصيات التي ضمت مجموعة كبيرة من الحقوقيين أن 347 قائمة مترشحة للانتخابات البرلمانية لم تقدم حساباتها، ولم تلتزم بمبدأ الشفافية الذي أقره القانون الانتخابي التونسي. كما أن 23 قائمة تشريعية لم تلتزم بنشر مختصر لحساباتها بصحيفة يومية تونسية، وينسحب الأمر ذاته على 8 مترشحين في الانتخابات الرئاسية الماضية.
ووجهت هذه الجمعيات والشخصيات رسالة مفتوحة إلى كل من رئيس محكمة المحاسبات ووكيل الجمهورية التونسية، أكدت من خلالها أن هذه الانتهاكات «ترقى إلى مستوى الجريمة، ما من شأنه أن يفضي إلى الحكم بنزع صفة النائب عن عشرات من أعضاء البرلمان التونسي الحالي، فضلاً عن عقوبات أخرى يضبطها القانون، وينطق بها القضاء».
ودعوا إلى نزع الشرعية عن عشرات الأعضاء، اعتماداً على تقرير محكمة المحاسبات. وبينوا أن المجلس النيابي في شكله الحالي أصبح «عاراً على شعب تونس الذي ضحى بالعشرات من أبنائه من أجل برلمان يمثله تمثيلاً صادقاً نزيهاً»، على حد تعبيرهم.
يذكر أن محكمة المحاسبات قد رصدت، خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة والانتخابات البرلمانية لسنة 2019، عدداً من الإخلالات التي شابت الحسابات المالية للمترشحين، وعلى مستوى شرعية الموارد ومجالات إنفاقها، علاوة على عدم الإفصاح عن مصادر التمويل، واستعمال مال مشبوه غير مصرح به في الحملات الانتخابية، وعدم احترام أحكام القانون التونسي للأحزاب.
وينص هذا القانون على أن الإخلالات المرصودة تؤدي بالضرورة إلى حرمان القائمة أو المترشح المخل من استرجاع المصاريف الانتخابية، كلياً أو جزئياً، وهو ما ستقوم به مختلف هيئات محكمة المحاسبات.
وفي غضون ذلك، أكد هيكل المكي، القيادي في الكتلة الديمقراطية البرلمانية المعارضة، أن أعضاء الكتلة البالغ عدهم 38 صوتاً لن يصوتوا لصالح التغيير الوزاري الذي أعلن عنه هشام المشيشي قبل أيام. واتهم رئيس الحكومة بتنفيذ مجموعة من الخيارات التي ينفذها الحزام السياسي الداعم للحكومة، وبعض اللوبيات الاقتصادية المتنفذة، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الحكومة مطالبة بتوجيه اهتمامها الأساسي لمقاومة الوضع الوبائي، عوض الاهتمام بمسائل سياسية ضيقة، وتصفية الحسابات مع مؤسسة رئاسة الجمهورية، على حد قوله.
وعد المكي أنه لا معنى للتعديل الوزاري، في ظل الحديث عن حوار وطني، مؤكداً أنه في حال تمرير التغيير الوزاري في الجلسة البرلمانية المقررة يوم 26 يناير (كانون الثاني) الحالي، فإن الكتلة الديمقراطية لن تشارك في جلسات الحوار الوطني الذي اقترحه اتحاد الشغل (نقابة العمال)، تحت إشراف من الرئيس التونسي قيس سعيد.
وعلى صعيد آخر، أصدرت المحاكم التونسية عشرات بطاقات الإيداع بالسجن، على خلفية التحركات الاحتجاجية الليلية التي نفذها الشباب التونسي بعدد من الأحياء الشعبية الفقيرة. وأكدت روضة بريمة، المتحدثة باسم دائرة الاستئناف بالمنستير (وسط شرقي تونس)، إصدار30 بطاقة إيداع بالسجن. كما تولت النيابة العامة إحالة 8 أطفال إلى قاضي الأطفال، ليتخذ التدابير المناسبة في حقهم، وفق ما تقتضيه أحكام قانون حماية الطفل.
ومن ناحيته، أكد مراد التركي، المتحدث باسم محاكم صفاقس (وسط شرق)، أن الاحتجاجات الأخيرة قد نتج عنها عشرات الإيقافات، ومن ذلك إحالة 25 شخصاً إلى محكمة صفاقس، وتم إصدار 21 بطاقة إيداع بالسجن.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».