اتحاد الكتاب العرب يؤكد دعمه لحرية التعبير ويدين كل أشكال الإرهاب

ناقش الأوضاع على الساحة في اجتماع لمكتبه الدائم شهدته أبوظبي

اتحاد الكتاب العرب يؤكد دعمه لحرية التعبير ويدين كل أشكال الإرهاب
TT

اتحاد الكتاب العرب يؤكد دعمه لحرية التعبير ويدين كل أشكال الإرهاب

اتحاد الكتاب العرب يؤكد دعمه لحرية التعبير ويدين كل أشكال الإرهاب

أكد اتحاد الكتاب العرب أن حرية الكاتب وحرية الكلمة وحرية الرأي هي صمام الأمان أمام العالم أجمع ضد نمو خلايا وبؤر الإرهاب لا في العالم العربي وحده بل في كل أرجاء العالم الذي يشهد عربدة التكفيريين والذين يتزيون بزيه لتحقيق أهداف لا علاقة لها بصحيح الدين ولا بمبادئه السمحة.
وأشار الاتحاد في بيانه الختامي الصادر عن اجتماع مكتبه الدائم، والذي انعقد في أبوظبي بدولة الإمارات العربية، في الفترة من 20 إلى 22 يناير (كانون الثاني) الحالي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن المجتمعين ناقشوا ما يدور على الساحة العربية جميعا: إيجابا وسلبا، مؤكدين على المواقف السابقة بشأن القضايا التي ما زالت تشكل تحديا يستلزم مزيدا من التركيز عليها والتنبيه إلى خطورتها، لأنها تشكل خطرا يهدد الوجود العربي، والهوية الوطنية العربية التي تتعرض لمحاولات المحو والتجزئة واستثارة الطائفية والمذهبية. وفي مقدمة هذه القضايا القضية الفلسطينية وما يتعرض له شعبنا العربي وأرضنا العربية في فلسطين من عزل وإقصاء وتهويد وحصار وانتهاب لتراثه.
رأس الاجتماع الكاتب محمد سلماوي أمين عام الاتحاد العام، بمشاركة الوفود الممثلة لاتحادات وروابط وأسر وجمعيات الأدباء والكتاب العرب في كل من: مصر، السودان، تونس، الجزائر، المغرب، فلسطين، الأردن، سوريا، العراق، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، البحرين، سلطنة عمان، واليمن.
كما ناقش الاجتماع الأوضاع في سوريا والعراق، واليمن، وليبيا، مشيرا إلى أن ما تحفل به الساحة العربية من استخدام الدين خاصة فيما يناقض المبادئ السامية التي أرستها الأديان ودعت إليها وأكدتها، وينذر بخطر جسيم لا ينبغي الاستهانة به أو التقليل من شأنه، وهو يتطلب وحدة الأدباء والكتاب العرب لمواجهته والتنبيه إلى ما يمكن أن يؤدي إليه من تشتت وانقسام ومحو للهوية العربية التي تجمعنا أدباء وكتابا وشعوبا.
وأكد البيان على مجموعة من المواقف، في مقدمتها الإشادة بالتجربة التونسية بداية من ريادتها في حدث الحراك الاحتجاجي العربي التاريخي، وصولا إلى تصحيح مسار الثورة بشكل حضاري انتهى بانتخاب مؤسساتها الدستورية دون الوقوع في فخ العنف والصراع. كما وجه التحية إلى مصر لما أنجزته من استحقاقات ديمقراطية ينبغي دعمها وحمايتها من أجل تحقيق الاستقرار، وبناء دولة الحرية والعدل.
وأعرب الاتحاد عن تأييده الخطوات التي اتخذتها وتتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على أمنها، وضمان استقرارها، واستمرار نهضتها وتنميتها، خصوصا ما اتخذته من إجراءات لمواجهة الإرهاب ومن يدعمونه. وثمن مواقفها والتأكيد على حقها الثابت في استرداد أراضيها، بكل السبل، وإدانة الاستمرار في احتلال جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى باعتبارها جزءا عزيزا من دولة الإمارات، وإدانة ما تقوم به إيران من تغيير لهويتها العربية.
ولفت البيان إلى الأوضاع في ليبيا، مشيرا إلى أن ما تتعرض له يعد أخطر المؤامرات من قبل قوى الهيمنة الغربية باستهدافها واستهداف ثرواتها الطبيعية وجعلها قاعدة لتمرير مشروع تقسيم الأقطار العربية ومصادرة المواقف الوطنية فيها.
وأكد البيان ضرورة الحفاظ على تراث سوريا وإدانة كل أشكال التكفير الإرهابي التي تطال وحدة الأرض والشعب، وضرورة التمسك بثقافة المقاومة لمواجهة المشروع الصهيوني والاعتداءات التي يشنها على الأمة العربية وآخرها عدوانه السافر على القنيطرة المحررة بتاريخ 17 / 1 / 2015.
ودعا البيان إلى تشجيع ودعم الحوار السياسي (السوري - السوري) للوصول إلى حل يجنب خراب سوريا ويوقف التدمير والقتل فيها. وضرورة مواجهة ما يحدث في العراق والتصدي للهجمات الإرهابية الشرسة المنظمة التي تستهدف العقل العراقي ومنجزه الحضاري، وتفتيت الدولة الوطنية ومحو ملامح حضارتها وتراثها العربي، وكذلك عمليات التفجير اليومية التي تستهدف المواطنين العزل من السلاح.
وأدان البيان كل ما يحدث في اليمن من استهانة بالأرواح والدماء، ومن تدهور وشلل في أمن البلاد، ويحملون الفرقاء السياسيين كل المسؤولية عما يحدث للبلاد من انزلاق للفوضى العامة وانهيار للدولة، ويناشدونهم الانتصار لليمن أولا ولقيم الحوار والتسامح والتعايش حتى لا تجر البلاد إلى هوة الفتنة المذهبية وما يترتب عليها من دمار، مؤكدا ضرورة احترام علاقات حسن الجوار بين الدول وشجب التدخل السافر لإيران في الشأن الداخلي لمملكة البحرين، مما يعرض منطقة الخليج لخطر التدخل الخارجي المرفوض شكلا وموضوعا في شؤون الدول العربية.
كما أعرب عن تقديره لجهود السودان لإثراء الحوار الوطني والمجتمعي لتوحيد الصف حول الحلول العملية والناجعة لإحلال السلام في مناطق النزاع، والتداول السلمي للسلطة بين كل أبناء الوطن الواحد. ودعا كل الفرقاء للجلوس حول مائدة المفاوضات لوضع حل وطني وسلمي لقضية دارفور التي لا تهم السودان وحده بل تهم وطننا العربي والآخرين كافة.
وأدان الاتحاد كل أشكال الإرهاب، أيا كان مصدره وإدانة الهجمة الشرسة التي تشنها دول في الغرب ضد العرب والمسلمين تستهدف عقيدتهم تحت ستار زائف هو «حرية الرأي»، داعيا إلى ترسيخ مفاهيم الحوار والديمقراطية لإقامة دولة العدل والمواطنة والتداول السلمي للسلطة في كل أقطارنا العربية.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.