لاشيت... ربح معركة الحزب وما زالت أمامه حرب الحكم

لاشيت... ربح معركة الحزب وما زالت أمامه حرب الحكم
TT

لاشيت... ربح معركة الحزب وما زالت أمامه حرب الحكم

لاشيت... ربح معركة الحزب وما زالت أمامه حرب الحكم

خلال السنوات الـ71 الماضية، حكم ألمانيا مستشار ينتمي إلى حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي 52 سنة منها، وهو ما يوحي بأن حظوظ أرمين لاشيت ليغدو المستشار المقبل لألمانيا. وكيف لا، إذا ما علمنا أن هذا الحزب المحافظ يتقدم حتى الآن في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات العامة المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
مع هذا، ورغم حظوظه الكبيرة، فهناك عراقيل ما زالت أمامه يتعين عليه مواجهتها. ولعل أبرزها إقناع حزبه وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي «الشقيق» في ولاية بافاريا، بأن يرشحاه للمستشارية. ذلك أن الحزبين اللذين يترشحان في الانتخابات الفيدرالية العامة، سيخوضان المعركة الانتخابية بعد تحديد مرشحهما لتولي منصب المستشار. وعادة يكون هذا الشخص هو رئيس «الشقيق» الأكبر، الديمقراطي المسيحي. أو على الأقل هذا ما حصل حتى الآن. ولكن هذه المرة قد تختلف الأمور.
يحتل لاشيت الذي اختاره الديمقراطيون المسيحيون يوم 16 يناير (كانون الثاني) الحالي زعيماً لحزبهم المرتبة السابعة حالياً في استطلاعات الرأي الشعبية التي تحدد السياسي الأجدر بالمستشارية. أما ماركوس زودر (54 سنة)، زعيم الحزب «الشقيق» الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حكومة ولاية بافاريا، فيحتل المرتبة الأولى. وبالتالي، سيكون على الرجلين أن يقررا أياً منهما سيكون مرشح اليمين لقيادة ألمانيا، وهو ما يجب أن يحصل قريباً في الأسابيع المقبلة.
زودر لم يُبد رغبة مباشرة بعد بأن يكون هو المرشح لمنصب المستشارية، إلا أن طموحه ظاهر لكثيرين. والبعض يعتقد أنه أراد إبان تفشي جائحة «كوفيد - 19»، أن يكون أداؤه تجربة تظهر مدى قدرته على القيادة. وبالفعل، نجح زودر في إثبات نفسه قائداً حازماً من خلال إدارته أزمة التفشي في ولايته بافاريا. ومنذ بداية الأزمة، تتبع الولايات الأخرى قرارات تتخذها بافاريا قبلهم، حتى باتت مثلاً يُقتدى به.
في المقابل، لم يتمكن لاشيت من إثبات قدرته على إدارة الأزمات بنجاعة. إذ كان منذ البداية، متردداً، عاجزاً عن الحسم، ومروّجاً لتخفيف الإغلاق بغية «إنقاذ الاقتصاد»، وهو ما أظهر بأنها استراتيجية خاطئة.
ثم أن بين الطامحين للترشح لمنصب المستشار داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وزير الصحة الشاب يانس شبان (40 سنة) الذي قد يقرر العودة والترشح رغم انسحابه سابقاً من المنافسة على منصب زعامة الحزب. وكان شبان قد قرّر في فبراير (شباط) الماضي، عندما استقالت آنيغريت كرامب - كارنباور من زعامة الحزب، ألا يترشّح مجدداً لزعامة الحزب بعد خسارته في عام 2018، وأعلن من ثم دعمه للاشيت. لكن ذلك القرار اتخذه شبان قبل أزمة «كوفيد - 19» وطبعاً، خلال الأزمة، تغير الكثير. إذ صعد نجمه - خاصة أنه وزير الصحة – وخبا تألق لاشيت. ونقلت صحف ألمانية عن مقرّبين من شبان ندمه عن قرار الإحجام عن الترشح للزعامة أو محاولة العودة للسباق عبر إقناع لاشيت بالخروج من السباق لصالحه، وهو ما لم يحدث.
في مطلق الأحوال، بعد أن يتخطّى أرمين لاشيت «حاجزي» زودر وشبان، فإنه قد يجد نفسه أيضاً أمام معركة جديدة بعد نتائج الانتخابات. ففي حال حقق حزبه أكبر نسبة أصوات في الانتخابات بغياب الغالبية المطلقة، سيكون عليه التحالف مع حزب أو أحزاب أخرى للحكم؛ وذلك لأنه من المستبعد جداً – في ظل التمثيل النسبي – أن يحصل حزب واحد على غالبية مطلقة في ألمانيا تخوله الحكم منفرداً. وفي هذه الحالة، سيكون على لاشيت اختيار الحزب الذي سيتحالف معه.
حالياً يقود حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحكومة الائتلافية مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكيون). إلا أن الأخير لن يرغب في خوض تجربة الحكم مرة جديدة في حال كانت نتائجه بالسوء الذي تشير إليه الاستطلاعات. وبالتالي، سيكون أمام لاشيت خيار التحالف مع حزب «الخُضر» البيئي الذي تشير الاستطلاعات إلى أنه سيحلّ ثانياً، أو الحزب الديمقراطي الحر (الليبراليون الوسطيون) الذين يقوده معهم الحكومة المحلية في ولاية شمال الراين - وستفاليا. ولكن، أيضاً قد لا يحصل الليبراليون على أصوات ومن ثم مقاعد كافية؛ ما يعني بأن التحالف معهم فقط لن يعطي الحكومة الغالبية اللازمة في «البوندستاغ» (مجلس النواب) للحكم.
ثم أنه في حال لم يتبق أمام لاشيت إلا خيار التحالف مع «الخُضر»، فقد يفرض هذا الحزب البيئي شرط تسلم مرشحه منصب المستشارية. وفي استطلاعات الرأي حول المرشح الأمثل ليكون المستشار المقبل، يحل زعيم «الخُضر» روبرت هابيك في المرتبة الرابعة، أي أنه أكبر شعبية من لاشيت.
هذا «السيناريو» لو حصل سيكون سابقة في تاريخ البلاد. ورغم ضآلة الاحتمالات بتولّي شخص غير لاشيت منصب المستشار، فهو من الاحتمالات الواردة، وعندها سيتعين على لاشيت أن يبقى في «مزاج القتال»...



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»