منطقة اليورو تأمل في دفع عجلة النمو عبر برامج «التيسير الكمي»

أثبتت فاعليتها في بلاد بينما فشلت التجربة في أخرى

منطقة اليورو تأمل في دفع عجلة النمو عبر برامج «التيسير الكمي»
TT

منطقة اليورو تأمل في دفع عجلة النمو عبر برامج «التيسير الكمي»

منطقة اليورو تأمل في دفع عجلة النمو عبر برامج «التيسير الكمي»

بعد أن أقر البنك المركزي الأوروبي حزمة جديدة من التحفيز من خلال إقراره برنامج التيسر الكمي، بدا أن البنك يسير على شاكلة أقرانه في الدول الكبرى التي استخدمت نفس الأداة في حماية اقتصاديتها بأوقات الأزمات المالية في تلك الدول على غرار اليابان والولايات المتحدة.
وقرر البنك الأسبوع الماضي شراء ديون بقيمة 60 مليار يورو شهريا، وذلك ابتداء من شهر مارس (آذار) لدعم معدل التضخم المتعثر، ولكي يصل مجددا إلى مشارف 2 في المائة في نهاية البرنامج. وتبلغ المدة الزمنية للبرنامج نحو 19 شهرا ليبلغ بذلك إجمالي مشتريات البنك خلال تلك الفترة نحو 1.2 تريليون يورو.
وأول من استخدم برنامج التيسر الكمي كان المركزي الياباني في مطلع الألفية الثالثة لمحاربة الانكماش ودفع عجلة النمو قدما. وتظهر محاضر اجتماع بنك اليابان المركزي أول استخدام لذلك المصطلح للمرة الأولى في مارس من عام 2001. ونجح بنك اليابان حينها في دفع معدلات التضخم نحو المستوى المستهدف مع زيادة كبيرة في الإقراض المصرفي والإنفاق الاستهلاكي حينها.
كما استخدم الفيدرالي الأميركي نفس الآلية لتشيط الاقتصاد في أوقات الأزمة المالية العالمية عام 2008 لتحفيز الاقتصاد وأعلن عن انتهائها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي مع بوادر على تحسن وتيرة النمو بالاقتصاد الأكبر في العالم.
لكن ثمة مخاوف في منطقة اليورو قد تجعل من تأثير البرنامج أكثر اختلافا عن النماذج الأخرى التي جرى تطبيقها في اليابان وبريطانيا والولايات المتحدة. وقال محللون لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة مخاطر تحدق بقدرة البرنامج على انتشال اقتصاد منطقة اليورو من الكساد مع ضعف في الإقراض المصرفي ومخاوف من إفلات معدلات الضخم من سيطرة المركزي الأوروبي فوق المستويات المستهدفة.
وسجل معدل أسعار المستهلكين في منطقة اليورو أحد المكونات الرئيسية لقياس التضخم، معدلا سالبا للمرة الأولى منذ أكثر من 5 سنوات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الهبوط الحاد في أسعار النفط، وتباطؤ النمو الاقتصادي في دول اليورو.
وقال مارك هيفل، اقتصادي أول لدى مصرف «يو إس بي»، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مخاطر كبرى في منطقة اليورو بعد إقرار هذا البرنامج يأتي في مقدمتها آلية تطبيق البرنامج مع عدم المركزية وإمكانية تطبيق كل بنك مركزي على حدة لعملية الشراء وهو ما يعني ارتفاع نسبة المخاطر مع جوانب ضعف في اقتصادات المنطقة على سبيل المثال اليونان».
وعمليات الشراء المزمع تنفيذها ستتم بشكل مباشر من قبل البنك المركزي الأوروبي، بينما تتكفل المصارف المركزية الوطنية بالثمانين في المائة المتبقية، مما يعني أن كل بنك مركزي في الدول الأعضاء في منظومة اليورو، سيقوم بشراء أصول في بلده.
وأعلن المركزي الأوروبي عن أولى خطوات التيسير الكمي في سبتمبر (أيلول) الماضي من خلال شراء أصول القطاع الخاص، فيما ينتظر أن ترى الحزمة الجديدة من التيسير شراء للسندات الحكومية على نطاق واسع.
وعادة ما ينطوي التيسير الكمي على شراء البنك المركزي للسندات الحكومية قصيرة الأجل من أجل خفض معدلات فائدة السوق قصيرة الأجل (باستخدام مزيج من تسهيلات الإقراض الثابتة وعمليات السوق المفتوحة).
ويعول المركزي الأوروبي على تنشيط الاستثمار من خلال حزمة التحفيز المقرر إقرارها على نطاق واسع مع تراجع تكلفة الاقتراض ما يحفز المستثمرين على التوسع ويعود بالنفع على الصورة الأكبر للاقتصاد الكلي. لكن ستيفين لويس، كبير الاقتصاديين لدى «إيه دي إم إنفستورز»، أبدى تخوفه أيضا من عدم قدرة تلك الحزمة على تنشيط اقتصاد منطقة اليورو مع اعتماد المنطقة بأسرها على الاقتراض المصرفي أكثر من اللجوء إلى وسائل التمويل الأخرى على غرار أسواق المال.
وقال لويس: «قد يكون هناك بعض الصعوبات في ما يتعلق بقدرة تلك الحزمة على تنشيط الاستثمار في منطقة اليورو مع اعتماد الاستثمار في المنطقة على الإقراض المصرفي الذي يواجه قيودا حادة قد تعوق من الدورة المتوقعة لرأس المال التي ينشدها المركزي الأوروبي».
وتظهر دراسة حديثة أعدها المركزي الأوروبي تحسن في نمو الإقراض المصرفي في آخر 3 أشهر من 2014، ولكنها تبقى دون المستويات المأمولة. وتقول الدراسة من بين كل 10 يورو تقترضها الشركات في المنطقة يأتي نحو 8 من البنوك، والجزء الآخر من أدوات التمويل الأخرى.
يقول تقرير حديث لـ«فيتش»، إن برنامج التيسير الكمي الذي أقره البنك المركزي الأوروبي لن يسعف الإقراض المصرفي في منطقة اليورو. أضافت: «النظرة المستقبلية الهشة لاقتصاد منطقة اليورو وشروط الإقراض المصرفي الصعبة تجعل من نمو الائتمان أمرا بالغ الصعوبة، وهو ما يقوض بدوره أي توقعات إيجابية بشأن برنامج التحفيز الذي أقره المركزي الأوروبي».
يضيف لويس: «تبقى هناك أيضا مجموعة من العقبات في ما يتعلق بتحريك مستويات التضخم إلى أعلى وتقليل معدلات البطالة. التيسير الكمي قد نجح في الولايات المتحدة ولكنه يواجه صعوبات جمة في منطقة اليورو».
تابع: «هبوط أسعار النفط يظل عامل ضغط رئيسيا على المركزي الأوروبي في ما يتعلق بتحقيق مستويات التضخم المنشودة».
والتيسير الكمي هو سياسة نقدية غير تقليدية تستخدمها البنوك المركزية لتنشيط الاقتصاد عندما تصبح السياسة النقدية التقليدية غير فعالة يشتري من خلالها البنك المركزي الأصول المالية لزيادة كمية الأموال المحددة مقدما في الاقتصاد.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



النفط يتراجع مع زيادة المخزونات الأميركية... والعين على اجتماع «أوبك بلس» الأحد

عامل في صناعة النفط والغاز يسير أثناء عمليات منصة حفر في حقل زيتيباي في منطقة مانجستاو بكازاخستان (رويترز)
عامل في صناعة النفط والغاز يسير أثناء عمليات منصة حفر في حقل زيتيباي في منطقة مانجستاو بكازاخستان (رويترز)
TT

النفط يتراجع مع زيادة المخزونات الأميركية... والعين على اجتماع «أوبك بلس» الأحد

عامل في صناعة النفط والغاز يسير أثناء عمليات منصة حفر في حقل زيتيباي في منطقة مانجستاو بكازاخستان (رويترز)
عامل في صناعة النفط والغاز يسير أثناء عمليات منصة حفر في حقل زيتيباي في منطقة مانجستاو بكازاخستان (رويترز)

تراجعت أسعار النفط قليلاً في التعاملات الآسيوية، الخميس، بعد قفزة مفاجئة في مخزونات البنزين في الولايات المتحدة قبل عطلة عيد الشكر، التي أثارت مخاوف بشأن الطلب في أكبر مستهلك للوقود في العالم. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 4 سنتات أو 0.1 في المائة إلى 72.79 دولار للبرميل بحلول الساعة 02:20 بتوقيت غرينتش، كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي سنتاً واحداً إلى 68.71 دولار للبرميل. ومن المتوقع أن تكون التداولات متواضعة بسبب العطلة في الولايات المتحدة. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الأربعاء، إن مخزونات البنزين في البلاد ارتفعت 3.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، على عكس التوقعات بانخفاض طفيف في مخزونات الوقود قبل موسم العطلات.

وكان المحللون يتوقعون انخفاض مخزونات البنزين الأميركية بمقدار 46 ألف برميل الأسبوع الماضي، بحسب استطلاع أجرته «رويترز» قبل صدور تقرير إدارة معلومات الطاقة. وأثر تباطؤ نمو الطلب على الوقود في أكبر مستهلكَين وهما الولايات المتحدة والصين بشدة على أسعار النفط هذا العام، إلا أن تخفيضات الإمدادات من مجموعة «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا وحلفاء آخرين، حدّت من الخسائر. وقال مصدران من المجموعة لـ«رويترز»، يوم الثلاثاء، إن الدول الأعضاء تبحث تأجيلاً إضافياً لزيادة مزمعة لإنتاج النفط من المفترض أن تبدأ في يناير (كانون الثاني).

ومن المقرر أن تعقد المجموعة اجتماعاً، يوم الأحد، لتقرير سياسة الإنتاج للأشهر الأولى من 2025. وسبق أن أعلنت المجموعة، التي تضخ نحو نصف نفط العالم، أنها ستقلص تدريجياً تخفيضات إنتاج النفط عن طريق زيادات صغيرة على مدى أشهر عدة في عامي 2024 و2025.

وقال سوفرو ساركار، رئيس فريق قطاع الطاقة في بنك «دي بي إس»، إن تأجيلاً آخر، كما توقع الكثيرون في السوق، كان في الغالب عاملاً في أسعار النفط بالفعل.

وأضاف: «السؤال الوحيد هو ما إذا كان ذلك تأجيلاً لمدة شهر واحد، أو ثلاثة أشهر، أو حتى لفترة أطول. سيعطي ذلك سوق النفط بعض الاتجاه. من ناحية أخرى، سنشعر بالقلق بشأن انخفاض أسعار النفط إذا لم يتم تأجيله».

وخسر برنت وخام غرب تكساس الوسيط أكثر من 3 في المائة لكل منهما حتى الآن هذا الأسبوع، تحت ضغط من موافقة إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله». وقد بدأ وقف إطلاق النار يوم الأربعاء وساعد في تخفيف المخاوف من أن الصراع قد يعطل إمدادات النفط من أكبر منطقة منتجة في الشرق الأوسط.

وقال محللون في بنك «إيه إن زد» إن المشاركين في السوق غير متأكدين من المدة التي قد يستمر فيها توقف القتال، مع بقاء الخلفية الجيوسياسية الأوسع للنفط غامضة.

وحذر رؤساء أبحاث السلع الأساسية في «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي» في الأيام الأخيرة من أن أسعار النفط مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بسبب عجز السوق، مشيرين أيضاً إلى خطر محتمل على الإمدادات الإيرانية من العقوبات التي قد يتم تنفيذها في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.