التوتر يتصاعد بين القوات النظامية والأكراد في الحسكة

روسيا تعزز قواتها... والتحالف الدولي يجلب قافلة عسكرية سادسة من العراق

طفلة تلهو بالثلج الذي تساقط على مخيم للنازحين بريف حلب شمال سوريا أول من أمس (رويترز)
طفلة تلهو بالثلج الذي تساقط على مخيم للنازحين بريف حلب شمال سوريا أول من أمس (رويترز)
TT

التوتر يتصاعد بين القوات النظامية والأكراد في الحسكة

طفلة تلهو بالثلج الذي تساقط على مخيم للنازحين بريف حلب شمال سوريا أول من أمس (رويترز)
طفلة تلهو بالثلج الذي تساقط على مخيم للنازحين بريف حلب شمال سوريا أول من أمس (رويترز)

تصاعدت حدة التوتر بين القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد وبين قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) في مدينتي الحسكة والقامشلي، بشمال شرقي سوريا، بعد تضييق وحصار يفرضه الأكراد على مناطق سيطرة النظام في المدينتين، على خلفية اتهامات للقوات النظامية بفرض حصار على سكان مدن وبلدات منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي يهيمن عليها الأكراد والمدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن.
ولليوم العاشر على التوالي، تشهد أحياء الحسكة ومداخلها الرئيسية والفرعية استنفاراً عسكرياً غير مسبوق، مع انتشار مسلحين وسيارات دفع رباعي من الطرفين، مع تسجيل مناوشات عسكرية واعتقالات متبادلة، رغم دخول موسكو على خط المفاوضات بهدف خفض التصعيد. وعززت موسكو بالفعل انتشار قواتها في مدن وبلدات محافظة الحسكة، بالتزامن مع وصول شحنة عسكرية جديدة لقوات التحالف الدولي والجيش الأميركي قادمة من قواعدها في العراق. وهذه الشحنة هي السادسة التي تصل إلى قواعد التحالف بريف الحسكة، وقد ضمت قافلة من 40 سيارة نقل كبيرة محملة بمعدات لوجستية وعربات خدمية وفنية.
وتبسط القوات النظامية السيطرة على جيب معزول وسط مدينة الحسكة محاصر من جهاته الأربع؛ لكنه يضم مؤسسات ومقار حكومية إضافة إلى مبنى القصر العدلي وقسم من السوق المركزية وكراجات المدينة والحارة العسكرية شرقاً، إضافة إلى فوج جبل كوكب الذي يعد أكبر قطعة عسكرية خاضعة للقوات النظامية في المنطقة.
وقال سكان وشهود إن القوات النظامية وقوات «الأسايش» استمرتا في الساعات الماضية في تبادل الاعتقالات في ظل اشتباكات عسكرية محدودة، بينما شهدت أحياء الحسكة وشوارعها الرئيسية انتشاراً مكثفاً للقوات العسكرية من الطرفين.
وقالت مصادر محلية إن قوات «الأسايش» أغلقت بشكل كامل الطريق الرئيسي الذي يوصل بلدتي عامودا والدرباسية بمدينة القامشلي، شمال محافظة الحسكة، أمام تنقل القوات النظامية، كما حاصرت المربع الأمني بمدينة الحسكة، ومنعت دخول المواد الغذائية والبضائع التجارية. ويفصل شارع فلسطين التجاري وسط الحسكة مناطق التماس الفاصلة بين سيطرة النظام و«الأسايش». ورسمت كل جهة عسكرية حدود سيطرتها بسواتر ترابية. ولا تدخل القوات الكردية إلى المنطقة الخاضعة لقوات النظام التي تلتزم بدورها عدم الدخول إلى مناطق خارج مربعها الأمني.
وجاء التوتر الجديد على خلفية اعتقال النظام السوري عنصراً من القوات الكردية بداية الشهر الحالي في مدينة الحسكة، لترد الأخيرة وتعتقل عدداً من عناصر «الدفاع الوطني» وقيادياً أمنياً بارزاً في صفوف القوات النظامية.
وتتهم الإدارة الذاتية و«قوات سوريا الديمقراطية» قوات «الفرقة الرابعة» وعناصر في أجهزة الأمن بمنع دخول وقود التدفئة والمواد الغذائية والقوافل الإنسانية، وبالتالي فرض حصار على أهالي مناطق الشهباء وأحياء الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب بشمال سوريا.
وفي بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي الغربي، ترفض «قوات سوريا الديمقراطية» تسليم المنطقة للقوات النظامية رغم الضغوط الروسية، بذريعة أن الانسحاب من هذه البلدة سيؤدي إلى إيقاف الهجمات التي يشنها الجيش التركي وفصائل سورية موالية له تنضوي في صفوف «الجيش الوطني السوري».
وقالت مصادر مطلعة إن وفداً روسياً ضم مسؤولين كباراً اجتمع الاثنين الماضي مع ضباط من النظام وقيادات عسكرية في «قوات سوريا الديمقراطية» في مبنى «اللواء 93» في عين عيسى. وتمت مناقشة التطورات الميدانية والعسكرية في ظل التصعيد التركي على المنطقة. وعقد الجانب الروسي لاحقاً اجتماعاً منفصلاً في صوامع شركراك، بريف عين عيسى شمال مدينة الرقة، مع الجيش التركي؛ لكن لم ترد معلومات عن أي اتفاق قد يكون تم بخصوص عين عيسى.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.