ترقب روسي لخطوات بايدن الأولى... و«لا أوهام» حول تقارب محتمل

صورة أرشيفية للقاء في مارس 2011 بين بوتين وبايدن في موسكو (أ.ب)
صورة أرشيفية للقاء في مارس 2011 بين بوتين وبايدن في موسكو (أ.ب)
TT

ترقب روسي لخطوات بايدن الأولى... و«لا أوهام» حول تقارب محتمل

صورة أرشيفية للقاء في مارس 2011 بين بوتين وبايدن في موسكو (أ.ب)
صورة أرشيفية للقاء في مارس 2011 بين بوتين وبايدن في موسكو (أ.ب)

لا تخفي الأوساط السياسية والبرلمانية في روسيا توقعات متشائمة بشأن مستقبل العلاقة مع واشنطن، في ظل الإدارة الأميركية الجديدة.
وخلف العبارات البروتوكولية التي تحدثت عن استعداد الكرملين للتعامل مع أي رئيس منتخب «على أساس التكافؤ واحترام المصالح المتبادلة»، لفتت تعليقات دبلوماسيين وبرلمانيين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» إلى أن روسيا «لا تنتظر كثيرا» من الإدارة الجديدة على صعيد تقليص مساحة الملفات الخلافية أو تقريب وجهات النظر في ملفات العلاقة الثنائية أو الملفات الدولية والإقليمية الساخنة.
تنطلق موسكو، كما قال رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع فيودور لوكيانوف، من التركة الثقيلة التي خلفها الرئيس السابق دونالد ترمب. على مدى أربع سنوات، واجهت موسكو 46 حزمة عقوبات وتضييقات وقيود في مجالات مختلفة، تبدأ من العلاقة في الفضاء السوفياتي السابق، وتمر بالوضع في أوروبا، عسكريا على صعيد إعادة تموضع القوات الأميركية على مقربة من الحدود الروسية واستمرار مساعي تمدد الأطلسي شرقا، واقتصاديا عبر الضغوط المتصاعدة لمحاصرة موسكو ومنع استكمال مشروع مد خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» وتوسيع العقوبات الاقتصادية الأوروبية، وصولا إلى «العرقلة» الأميركية المتواصلة لجهود موسكو في ملفات إقليمية مهمة، مثل سوريا وأمن منطقة الخليج.
على هذه الخلفية، رأى قسطنطين كوساتشيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد (الشيوخ) أن الإشارات الصادرة من واشنطن تدل على استمرارية السياسة الخارجية الأميركية. العنصر الأساسي بالنسبة إلى البرلماني هو أن سياسة «احتواء روسيا» سوف تكون بين أولويات الإدارة الجديدة، التي وإن كانت ستكون منشغلة بالشأن الداخلي لبعض الوقت، لكنها لن تظهر تهاونا مع روسيا والصين في الملفات الخارجية.
يقول كوساتشيف إن المستمع بدقة إلى خطابات فريق بايدن يدرك مباشرة أنه «لا تغيير على صعيد تحديد التهديدات الخارجية»، والحديث هنا عن روسيا والصين بالدرجة الأولى.
وفي ملف إيران، يشير البرلماني إلى أن الحديث عن مرونة أكبر من جانب واشنطن لن يعني التراجع عن قرارات ترمب، لأنه «لا يمكن العودة إلى 2015 حتى لو رغبت الإدارة بذلك». ينسحب الأمر ذاته، على ملفات حيوية بالنسبة إلى موسكو مثل العلاقة مع أوكرانيا، والتوجه إلى تعزيز تزويد كييف بأسلحة متطورة. فضلا عن التوقعات حول تنشيط مسار ضم جورجيا إلى حلف الأطلسي. والأمر ذاته ينسحب على العلاقة مع بلدين متوترين في الفضاء الروسي القريب، هما بيلاروسيا ومولدافيا.
في الوقت ذاته، تبدو الإشارات قوية إلى احتمال تنشيط الاتصالات الروسية - الأميركية حول ملف الأمن الاستراتيجي، وخصوصا في إطار العمل على تمديد سريع لمعاهدة «ستارت» لتقليص الأسلحة الهجومية النووية، التي ينتهي مفعولها في الخامس من فبراير (شباط) المقبل. لكن الخبراء الروس يشيرون هنا إلى احتمال التوافق على تمديد مؤقت، بانتظار خوض مفاوضات شاقة لوضع ملامح معاهدة جديدة، ما زالت المواقف حيال تفاصيلها متباعدة بين البلدين.
قد يكون أسوأ ما تنتظره روسيا هو احتمال أن تلجأ واشنطن نحو تصعيد عسكري في سوريا أو منطقة أخرى.
ويرى لوكيانوف أن جو بايدن «يميل نحو هذا أكثر من ترمب الذي سعى إلى عدم فتح جبهة عسكرية واسعة».
ووفقا له، يمكن للرئيس بايدن «القيام بشيء مثل زيادة الوجود في الشرق الأوسط، وهو ما سيترتب عليه نوع من العمل العسكري».
ورأى زميله في مجلس السياسة الخارجية سيرغي كورتونوف أنه «قد يتم تعديل القرارات السابقة بشأن انسحاب القوات الأميركية من سوريا والعراق وأفغانستان». و«من المحتمل أن تنتقل القوات الأميركية قريباً من المناطق الوسطى في العراق إلى الشمال، بهدف تعزيز الدعم العسكري لكردستان العراق».
التوقعات حول سوريا، انعكست أيضا، في حديث السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنتونوف الذي دعا إلى استمرار الاتصالات المنتظمة مع الجيش الأميركي بشأن سوريا لتجنب وقوع احتكاكات. وزاد أنه «سيكون من المفيد تحديد المجالات التي يمكن لروسيا والولايات المتحدة إقامة تعاون فيها، في تقديم المساعدة الإنسانية، وإعادة الإعمار بعد الصراع، وإزالة الألغام». لكن هذا مشروط بأن تبدي واشنطن «احتراما لسيادة الجمهورية العربية السورية».
ورغم أن الأوساط الروسية ترى أن بايدن قد يقدم على مراجعة سياسته حيال إيران، لكن التوقعات تبدو «متشائمة» هنا أيضا، وهو الأمر الذي حددته بدقة افتتاحية نشرتها صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» قبل يومين ورأت فيها أن «أي محاولة لإعادة النظر في تصرفات ترمب في الشرق الأوسط تشكل تحدياً خطيراً». ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن العديد من التغييرات التي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها في ظل الإدارة الجمهورية، أملاها منطق العلاقات الداخلية ومتطلبات الوضع في المنطقة. ما يعني أن «أي محاولة لإجراء مراجعة فيها قد تسفر عن زيادة احتمالية تفاقم الصراع في العلاقات بين اللاعبين الإقليميين».



واشنطن منزعجة إزاء «تقبل» روسيا كوريا الشمالية كقوة نووية

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أرشيفية - رويترز)
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أرشيفية - رويترز)
TT

واشنطن منزعجة إزاء «تقبل» روسيا كوريا الشمالية كقوة نووية

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أرشيفية - رويترز)
السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أرشيفية - رويترز)

عبرت الولايات المتحدة في اجتماع بمجلس الأمن اليوم الأربعاء عن قلقها من اقتراب روسيا من قبول كوريا الشمالية كقوة نووية، في حين دافعت موسكو وبيونغ يانغ عن تعاونهما المتزايد.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في سبتمبر (أيلول) إن موسكو تعتبر فكرة "نزع السلاح النووي" من كوريا الشمالية مسألة منتهية، لأنها تفهم منطق بيونغ يانغ في الاعتماد على الأسلحة النووية كأساس لدفاعها. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد "من المثير للقلق أننا نرى أن روسيا ربما تكون قريبة من قبول برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، في تراجع عن التزام موسكو المستمر منذ عقود بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية".

وقالت "نعتقد أن موسكو ستصبح أكثر ترددا ليس فقط في انتقاد تطوير بيونغ يانغ للأسلحة النووية، بل وأيضا ستعرقل بشكل أكبر تمرير العقوبات أو القرارات التي تدين سلوك كوريا الشمالية المزعزع للاستقرار". وانتقدت كل من كوريا الجنوبية وبريطانيا تصريحات لافروف، وقالتا إنه قوض نظام منع الانتشار العالمي. ووصف نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي تعليق لافروف بأنه "خروج متهور عن المبدأ المتفق عليه (لعمليات) نزع السلاح الكاملة والقابلة للتحقق والتي لا رجعة فيها".

ولم يشر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إلى البرنامج النووي لكوريا الشمالية عندما تحدث أمام المجلس. ودافع عن التعاون المتزايد بين موسكو وبيونغ يانغ باعتباره حقا سياديا لروسيا. وقال السفير الروسي "إن التعاون الروسي مع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية... يتوافق مع القانون الدولي، وليس انتهاكا له". وأضاف "هذا ليس موجها ضد أي دولة ثالثة. ولا يشكل أي تهديد للدول في المنطقة أو المجتمع الدولي، ولا شك أننا سنواصل تطوير مثل هذا التعاون".

وأقامت روسيا علاقات دبلوماسية وعسكرية أوثق مع كوريا الشمالية منذ غزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، كما تبادل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الزيارات.