شاشة الناقد

لقطة من «زنقة كونتاكت»
لقطة من «زنقة كونتاكت»
TT

شاشة الناقد

لقطة من «زنقة كونتاكت»
لقطة من «زنقة كونتاكت»

العنف يقود الحياة في الزنقة

• الفيلم: «زنقة كونتاكت»
• إخراج: ‪إسماعيل العراقي‬
• المغرب - فرنسا | دراما اجتماعية (2020)
• تقييم: 1-2

يبدأ الفيلم الروائي الأول لإسماعيل العراقي (بعد بضعة أفلام قصيرة) بمومس اسمها راجية (خنساء بطمة) تركب سيارة تاكسي فيها شيخ متديّن كان يستقله. يغادر الشيخ السيارة سريعاً مستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم. يدفع راجية لتسرد نكتة من شدّة ضحك السائق يصطدم بسيارة أخرى فيها مغني هارد روك عائد إلى البلاد اسمه لارسن (أحمد حمّود). من هذا اللقاء بين الناجين من الحادثة ينطلق فيلم إسماعيل العراقي بكل ما لدى مخرجه من أسلوب عمل لا يخفي فجاجته وعنفه و- في الوقت ذاته - براعته في تحويل حكاية كان يمكن لها أن تُسرد بجماليات بصرية وبرومانسية رقيقة لولا أنها لو فعلت ذلك لفقدت الصدمات العاطفية التي يحتويها الفيلم صدمة وراء أخرى.
مشكلة الاثنين هنا أنهما يقعان في الحب: المغني السابق تنحسر عنه الأضواء والمومس تبحث عن خلاص لكنها لا تؤمن بأنه متوفر؛ لأنها مملوكة لرجل يملك قرارها اسمه سعيد (سعيد بيه)، وهذا مستعد لفعل المستحيل لكي يواصل استثمارها وقعت في الحب أو لم تقع. بما في ذلك التعرّض، بطبيعة الحال، لراجية وللارسن (يلتزم باسم ابتدعه في الغرب) بالضرب. لكن الحب الذي ربط بينهما، وسط أشواك الواقع، أقوى من الخطر الذي يتعرّضان إليه. وفي مشهد عنيف آخر يقبض سعيد وشريك له على شاب سمّاه المخرج أوباما، ويعرّضانه للضرب ثم يهددانه بالحرق إذا لم يخبرهما أين هرب لارسن وراجية.
الموسيقى حاضرة هنا أولا في كيان بطل الفيلم، وثانياً عبر حب راجية للغناء وتوسّمها مستقبلاً أفضل تعتمد فيه على حنجرتها عوض جسدها، وفي ثنايا الفيلم في أكثر من مشهد يعكس تاريخ لارسن نفسه. يستخدم المخرج الموسيقى والغناء المغربيين لجانب تسجيلات وأغان غربية لدمج المشاعر المأزومة في حالة عاطفية لم يعرفها بطلاه من قبل.
هذا كله يكوّن عملاً من الصعب مشاهدته براحةٍ. ليس لأنه ليس فيلماً للترفيه (فهذا ليس شرطاً) بل لكونه يبرز القسوة كلُحمة واقعية لشخصياته. في هذا النطاق تسبق الممثلة خنساء بطمة زميلها في عملية بلورة فعلية لمرحلة انتقالها من وضع عاطفي خال من الحب للحياة إلى وضع آخر بات يحتل قلبها ويشغل بالها. ما زالت بائسة ويائسة، وطريق النجاة من الماضي طويل أمامها. بدوره نجد أحمد حمّود متمتعاً بما يلزم لتمرير أداء جيد، لكن الشخصية ذاتها محبوسة داخل خيارات قليلة تفرض على الممثل التحرك في مكانه أكثر مما تساعده على التقدّم.
هو فيلم عاطفي مغمس بعنف الواقع وباختيارات ضحاياه. تجسيد هذا العنف مقصود بذاته وليس نتيجة مراجعة نفسية أو اجتماعية معمّقة. إنه واقع محبِط ليس لكل الشخصيات التي نتعرّف عليها فقط، بل لنا نحن المشاهدين كون المطلوب منا مشاركة ذلك الإحباط.

The Marksman

• إخراج: ‪روبرت لورنز‬
• الولايات المتحدة | تشويق (2021)

يقود جيم (ليام نيسون) البطولة في دور مالك منزل سيستولي المصرف عليه ينقذ صبياً مكسيكياً تسلل مع والدته رغم الأسلاك المنصوبة. هي أصيبت برصاص مطارديها والصبي نجا بفضل جيم. العصابة تدخل الولايات المتحدة بينما ينطلق جيم في شاحنته الصغيرة لإيصال الصبي إلى بعض أقاربه في شيكاغو. هو فيلم مطاردات ومعارك بلا ريب، لكنه مبني، بالكامل، على مواقف إنسانية غير آلية أو تلقائية الحدوث. نيسون، في الستينات، يُجيد لعب مثل هذه الأدوار والمخرج لورنز يوظّف الرحلة للكشف عما هو أكثر من مجرد سرد حبكة وتشويق.

The Beatles‪:‬ Get Back

• إخراج: ‪بيتر جاكسون‬
• بريطانيا | تسجيلي (2021)

بانتظار الإمكانيات المادية الكبيرة للعودة إلى أعماله الضخمة، يملأ المخرج بيتر جاكسون (صاحب سلسلتي «ذا هوبيت» و«سيد الخواتم») الوقت بتحقيق أفلام تسجيلية كحاله قبل عامين عندما أخرج They Shall Not Grow Old وكحاله في هذا الفيلم الذي يسجّل النهاية الحزينة لأعضاء فريق البيتلز عندما تدخلت عوامل النجومية والاستئثار لتهدم كيانهم الموحد سابقاً.

Wrath of Man

• إخراج: ‪غاي ريتشي‬
• الولايات المتحدة | أكشن (2021)

يعمل جاسون ستاذام في شركة متخصصة بنقل الودائع والأموال ما بين المدن الأميركية. دائماً ما يتم تحميل الشاحنات بملايين الدولارات (هل هذا أسهل من القيام بتحويلها مصرفياً؟). هذه المرّة ستتصدّى عصابة وستستولي على بعض الملايين ما سيمنح الممثل البريطاني الفرصة لدخول معارك ينتصر فيها تبعاً لوصايا السيناريو. جيد كأكشن ودون ذلك كفيلم.



شاشة الناقد: فيلم خارج التصنيف

شاشة الناقد: فيلم خارج التصنيف
TT

شاشة الناقد: فيلم خارج التصنيف

شاشة الناقد: فيلم خارج التصنيف

فيلم خارج التصنيف

الصف الثاني (ممتاز)

فيلم خارج التصنيف لمخرج اعتاد التميّز والاختلاف

* إخراج: حميد بن عمره (فرنسا، 2024)

هذا الفيلم هو عن «مولان روج» والتدريبات التي تسبق حفلاته. لا. هو عن الممثل الهايتي جيمي جان - لوي وراقصة المسرح كوكو جو، كما عن المخرج الأميركي لاري كلارك. أيضاً لا. هو عن فن الموسيقى، وأدب بوشكين، والقارة الأفريقية، وعن العنصرية. وربما هو عن الأدب، والموسيقى، والسينما، والتاريخ، والحاضر.

«الصف الثاني» هو كل هذه الأمور مجتمعة في فيلم درس فيه المخرج بن عمره («هاجس الممثل المنفرد بنفسه»، «كيوكو، موسم حصاد الأحلام»... إلخ) إطار كل لقطة وكل مدلول ممكن طرحه على تعدد الشخصيات التي يعرضها ويستعرض لها. يختلف هذا الفيلم عن أفلام المخرج السابقة من حيث عدد الشخصيات وتوغلها في ثقافات متعددة: فرنسية، وروسية، وأفريقية، وأميركية. ما تتحدث فيه شخصياته يمزج التجارب الخاصة بالرؤى العامّة وينتقل ما بين جوانبها الذاتية وآرائها في الثقافة والفن والسياسة.

وسط ذلك، هناك مساحة لمشاهد شعرية، وكم هو جميل ذلك المنظر للممثلة الروسية أولغا كابو، وهي تنزل البحر برداء أحمر بروية. الكاميرا تقف بعيداً ولا تتدخل واللقطة تجمع بين البحر والأنوثة والفضاء العام الذي يختزل كلامها قبل المشهد وبعده. تقرأ بوشكين كما لو كانت تقرأ اسمها أو جزءاً عزيزاً من تاريخ حياتها.

كما الحال في أفلام بن عمره السابقة، ليس المبدأ هو تصوير فكرة حاضرة، تسبقها كتابة سيناريو ليكون الدليل الوحيد للعمل قبل تصويره. السيناريو الأخير، كما كتبت ذات مرّة، يُكتب في مرحلة توليف الفيلم من خلال ما يكوّنه المخرج من لقطاته ممتزجة برؤيته وشهادته لما يقوم به. الناتج ثراء في المعاني الفنية والفكرية وأبعاد تحتية مثيرة للاهتمام.

تذكر إحدى الشخصيات (الإثيوبي فيليب جوديث غوزلان)، أن الحكايات التي تحتوي على الفصول الثلاثة (بداية، وسط ونهاية) هي للأطفال. المهام الأصعب، يمكن للناقد أن يُضيف، هو كيف تسرد الفيلم الذي تريد لاغياً ذلك الاعتبار الذي سارت ولا تزال تسير عليه جل الأفلام السينمائية (غربية وعربية).

يتألف «الصف الثاني» من مئات الصور وكثير من الانتقالات بين الشخصيات، وبينها وبين مشاهد لأماكن أو لقطارات أو لبعض الوثائقيات (أحدها مقابلة سابقة مع المخرج يوضح فيها أنه ليس صحافياً ليؤسس فيلمه على طريقة سؤال الشخصيات وتلقّي الإجابات). هذه الانتقالات تحتاج إلى تركيز شديد، خصوصاً كونها أيضاً انتقالات بين آراء وأفكار ودلالات. لكن بن عمره لا يطلب من مُشاهد مدمن على أفلام مبوّبة أو نمطية سوى الجرأة على الخروج من العادي إلى المميّز. على ذلك، لا بدّ من تسجيل صعوبة قراءة الفيلم لمن لم يسبق له أن تعرّف على تنويعات المخرجين - المؤلفين وأساليبهم التي تتجاوز، كهذا الفيلم، كل نمط معروف.

* عروض: خاصّة.

«حب وقح» (يوميوري تليكاستينغ)

RUDE TO LOVE

(جيد)

حياة امرأة تحب زوجها وتكاد تخسر نفسها من أجله

* إخراج: يوكيرو موريغاكي (اليابان، 1962)

هناك دقّة في الوصف والمتابعة تتكامل والوضع الذي تجد فيه بطلة الفيلم نفسها فيه. تناوئ الدقة، في النصف الثاني منه، حقيقة أن الفيلم يدخل سرداباً مختلفاً عن معظم ما سبق يؤدي به إلى حافة خسارته حكايته إذا ما ذهبت في اتجاه جديد، لكن ذلك، من حسن الحظ، لا يحدث أن يترك بعض الأثر.

حكاية زوجة اسمها موموكو (تقوم بها ببلاغة نوريكو إيغوشي) متزوجة بلا أولاد، تعيش في منطقة سكنية متواضعة، ترعى زوجها جيداً وترعى كذلك والدته التي تعيش في البيت المجاور. من البداية تدرك أن هناك نقصاً ما في حياتها، هذا قبل أن نتعرّف على المشكلة التي واجهتها عندما حبلت من زوجها وأسقطت.

حين يعترف لها زوجها بأنه يحب امرأة أخرى وأن هذه المرأة حبلى تجد نفسها في وضع يكاد يفقدها رجاحة عقلها. يطلب الزوج موافقتها على الطلاق، تثور. لن تعدّد له ما قامت به من واجبات تجاهه وتجاه والدته، لكنها ترفض طلب الطلاق. المرأة الأخرى فتاة شابّة حبلى الآن

تشتري موموكو منشاراً آلياً وتحفر في غرفة الجلوس حفرة كبيرة لغرض لم يتوضّح تماماً سوى أنها حين تختبئ في تلك الحفرة تسمع حديث الابن وأمه ما يزيدها ثورة. الضعف العام يبدأ من تلك النقطة المتأخرة من الفيلم، لكن المثير هو أن الفيلم لا يخسر نقطة اهتمام واحدة. يواصل إثارة المُشاهد فيما تقوم به بطلة الفيلم وكيف. يوزّع المخرج بعض التفاصيل التي توهمنا بأن أشياء معينة ستحدث لكنها لا تقع. مثل الشاب الذي يرمقها بنظرات عندما تخرج من البيت، قطتها التي اختفت وتلك الحرائق التي يشعلها أشخاص في الزبالة. هي نواحي عامة بسيطة، لكنها ذات دلالات. الكاميرا محمولة (للأسف) لكنها لا تفرض نفسها دوماً (من حسن الحظ). يخص المخرج موريغاكي بطلته بكل أنواع وأحجام اللقطات، لكنه يبقى بعيداً عن سواها.

* عروض: مهرجان كارلوڤي ڤاري.