بعد أن قدم ساوثهامبتون أداءً قوياً أمام ليفربول، وانتصر عليه بهدف دون رد من توقيع داني إنغز بعد تمريرة ماكرة من جيمس وارد براوز من ركلة حرة، في ختام المرحلة السابعة عشرة من بطولة إنجلترا لكرة القدم، استشاط المدير الفني لليفربول يورغن كلوب غضباً، بينما انخرط المدير الفني لساوثهامبتون رالف هاسينهوتل في البكاء. ويعد الهدف الذي أحرزه إنغز بمثابة صورة مصغرة للخطوات التي قطعها ساوثهامبتون تحت قيادة هاسينهوتل؛ ذلك المدير الفني النمساوي المهووس بالعمل الذي قضى فصل الربيع الماضي في إعداد «كتاب اللعب الرقمي»، لكي يلتزم به جميع اللاعبين والعاملين في النادي.
وتشير الأرقام والإحصائيات خلال الموسم الحالي إلى أن ساوثهامبتون هو أكثر فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز تسجيلاً للأهداف من الكرات الثابتة، باستثناء ركلات الجزاء، كما أن الفريق أحرز 7 من أهدافه التسعة الأخيرة من ضربات ثابتة. ويعني ذلك أن الفريق على بُعد هدفين فقط ليعادل حصيلة الموسم الماضي من الأهداف المحرزة من ضربات ثابتة، رغم أننا لم نصل بعد إلى منتصف الموسم.
ويجب الإشارة إلى أن وارد براوز يقضي ساعات طويلة على التدريب على تنفيذ الركلات الحرة كل أسبوع. كما يجب الإشادة بقرار هاسينهوتل تقليص صلاحيات المدرب السابق لحراس المرمى بالنادي ديف واتسون. فعقب توليه مسؤولية قيادة الفريق، كان هاسينهوتل غير سعيد بقيام واتسون بكثير من الأدوار في الوقت نفسه، وبالتالي جعله يركز خلال الأشهر الـ18 الماضية على تدريب اللاعبين على الركلات الثابتة فقط.
يقول هاسينهوتل: «قد يرى بعضهم في الركلات الثابتة مجرد لعبة عادية، لكنها في الحقيقة تمنحك كثيراً من القوة في الهجوم، وفي الدفاع أيضاً. لم يكن من الممكن أن يستمر ديف في القيام بالعمل الذي كان يقوم به من قبل، فلا يمكن أن يقوم بتدريب حراس المرمى، ويدرب اللاعبين على الكرات الثابتة في الوقت نفسه. لقد قررت أن أجعله يركز فقط على تدريب اللاعبين على الكرات الثابتة، لأن ذلك يمثل تحدياً كبيراً لنا كل أسبوع، خاصة الآن في ظل الاستعداد لخوض عدد كبير من المباريات».
ويضيف: «إنه جيد جداً، ويركز في عمله بشكل كبير، ويعلم اللاعبين كيفية تنفيذ الركلات الثابتة بطريقة جيدة للغاية، ويعمل بحماس شديد، وهذا هو السبب في أننا سجلنا كثيراً من الأهداف من الركلات الثابتة حتى الآن. كما أننا ندافع بشكل رائع في الكرات الثابتة أيضاً».
ومن الواضح للجميع أن هاسينهوتل يساعد لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم داخل الملعب، وعلى اللعب بحماس شديد. وقدم إبراهيما ديالو الذي ضمه النادي مقابل 11 مليون جنيه إسترليني من بريست، والذي شارك لأول مرة في التشكيلة الأساسية للفريق في السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مستويات استثنائية أمام ليفربول، كما يقدم كايل ووكر بيترز مستويات ثابتة قوية للغاية منذ انضمامه للفريق بشكل دائم من توتنهام. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن 3 أندية فقط (ليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد) هي التي حققت انتصارات أكثر من ساوثهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال السنة التقويمية الماضية.
وخلال الموسم الحالي، يحتل ساوثهامبتون (الفريق الذي قضى معظم فترات الموسم الماضي قريباً من منطقة الهبوط لدوري الدرجة الأولى) المركز الثامن في جدول الترتيب، بفارق 17 نقطة كاملة عن المراكز المؤدية للهبوط. وقد تخلى ساوثهامبتون عن طريقة اللعب التي كانت تعتمد على الضغط المتقدم على الفريق المنافس من الأمام، وهو الأمر الذي سمح لنجم توتنهام سون هيونغ مين باستغلال المساحات الشاسعة خلف دفاع الفريق على ملعب «سانت ماريز» في سبتمبر (أيلول) الماضي. ومنذ ذلك الحين، زادت الصلابة الدفاعية للفريق بشكل ملحوظ، وأصبح أكثر فريق في المسابقة يحافظ على نظافة شباكه في أكبر عدد من المباريات (8 مرات).
يقول هاسينهوتل: «من الواضح أن الطريقة التي كنا نعتمد عليها في السابق لم تحقق النجاح المتوقع، خاصة في ظل قاعدة التسلل الجديدة التي تسمح بمواصلة اللعب. لقد كنا نسير على الطريق الخطأ خلال الصيف الماضي. وقد جربنا هذه الطريقة وشعرنا أنها غير مناسبة، لذلك قمنا بتغييرها مرة أخرى. يتعين عليك أن تكون متفتح الذهن طوال الوقت، وأن تنتقد نفسك من أجل الوصول لمستويات أعلى. إذا كنت تعتقد أنك على الطريق الخطأ، فيتعين عليك أن تتوقف عما تقوم به، وتبحث عن شيء جديد، وهذا هو ما فعلناه، وأعتقد أننا لم نستقبل كثيراً من الأهداف منذ تلك اللحظة».
وعندما خسر ساوثهامبتون أمام ليستر سيتي بهدفين دون رد، كان قد دخل هذه المباراة محروماً من خدمات مهاجمه داني إنغز الذي أصيب بفيروس كورونا. ومن الواضح للجميع أن هاسينهوتل يعتمد بشكل كبير على اللاعبين الشباب هذا الموسم. ورغم غياب كل من ناثان ريدموند وموسى جينيبو وناثان تيلا بسبب الإصابة، شارك دانييل نلندولو، البالغ من العمر 21 عاماً، أمام ليفربول، وقدم مستويات رائعة، وهي المباراة التي شهدت أيضاً دخول لاعب خط الوسط كغاجيلو تشوك، البالغ من العمر 18 عاماً، لقائمة الفريق. ومن المتوقع أن يكون شين لونغ، وهو الذي شبه مؤخراً الفريق الحالي لساوثهامبتون بالفريق الذي تأهل للمسابقات الأوروبية مرتين تحت قيادة رونالد كومان، البديل المناسب لداني إنغز خلال فترة غيابه.
ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية لأكاديمية الناشئين بنادي ساوثهامبتون في أن تكون نصف قائمة الفريق الأول من لاعبين صاعدين من فريق الناشئين بالنادي. وأمام ليفربول، كانت قائمة ساوثهامبتون تضم 11 لاعباً صاعدين من أكاديمية الناشئين، بما في ذلك ثيو والكوت الذي يبدو أنه يلعب بأريحية كبيرة، سواء في الأمام أو على الأطراف، منذ عودته إلى فريقه القديم، وجاك ستيفنز الذي انضم من بليموث وهو في السابعة عشرة من عمره.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، تحول فريق ساوثهامبتون تحت 23 عاماً إلى «الفريق الرديف» بالنادي، وهو القرار الذي اتخذه هاسينهوتل، ومدير الكرة مات كروكر، حتى يكون اللاعبون الشباب بالقرب من الفريق الأول، ويعتمد عليهم هاسينهوتل وقت الحاجة.
وفي الحقيقة، لم يقع جمهور ساوثهامبتون في حب مدير فني بهذا الشكل منذ المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو. ويشعر النادي بأنه يسير في الطريق الصحيح تحت قيادة هاسينهوتل الذي يتمتع بكاريزما كبيرة، لكن الشيء اللافت للنظر هو التحسن الملحوظ الذي طرأ على مستوى جميع لاعبي الفريق، بدءاً من أليكس ماكارثي في حراسة المرمى، وصولاً إلى تشي آدمز الذي استعاد مستوياته السابقة، وبات يقدم شراكة هجومية قوية للغاية مع إنغز في خط الهجوم. وعندما يضغط الخط الأمامي على الفريق المنافس، فإنه يبث الطاقة والحماس في نفوس باقي لاعبي الفريق من أجل الضغط بكل قوة. يقول هاسينهوتل: «نحن مشهورون بالضغط العالي على المنافس، وبأنه من الصعب اللعب أمامنا، لكننا أضفنا مزيداً من الهدوء إلى كل مركز من مراكز الفريق. إننا نفعل كل ما يمكننا من أجل إيجاد الحلول المناسبة كل أسبوع».
الضربات الثابتة والنقد الذاتي... أسرار نجاح هاسينهوتل مع ساوثهامبتون
جماهير النادي لم تقع في حب مدير فني منذ الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو
الضربات الثابتة والنقد الذاتي... أسرار نجاح هاسينهوتل مع ساوثهامبتون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة