«تداعيات الجائحة»... البحث عن رؤى جديدة للتعليم والصحة والاقتصاد

باحثون من مصر والسعودية والمغرب يحذّرون من الارتداد لعوالم انعزالية مغلقة

«تداعيات الجائحة»... البحث عن رؤى جديدة للتعليم والصحة والاقتصاد
TT

«تداعيات الجائحة»... البحث عن رؤى جديدة للتعليم والصحة والاقتصاد

«تداعيات الجائحة»... البحث عن رؤى جديدة للتعليم والصحة والاقتصاد

يسعى باحثون من مصر والسعودية والمغرب إلى رصد وتحليل واختبار مجموعة من الأفكار والمفاهيم بعد التداعيات التي ترتبت على اجتياح وباء كورونا دول العالم، وأدى إلى شلل أصاب جوانب مختلفة من الحياة في كل مكان.
ودرس الباحثون المشاركون في كتاب «تداعيات الجائحة» الصادر حديثا عن مكتبة الإسكندرية، انعكاسات الجائحة على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، لتقديم رؤية استشرافية لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع سياسياً واستراتيجيّاً واقتصادياً وصحيّاً وثقافيّاً، مع وضع تصورات عامة لما يمكن أن يحدث من تطورات داخلية وعالمية في ظل استمرار تفشي كورونا.
الدكتورة مي مجيب الباحثة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ناقشت في دراستها «ارتدادات العولمة... عالم جديد تحكمه شراكة المعاناة» تساؤلات حول ما إذا كانت الجائحة تمثل بداية لتقليص العولمة أو إنهائها، وقالت «إن العولمة لا ترتبط جوهريّاً في حقيقتها بالمفهوم في حد ذاته، قدر ارتباطها بنتائجه من حيث الكم والكيف وسرعة الأداء؛ حيث إن نهاية الحرب الباردة، وظهور شبكة الإنترنت، وسهولة السفر، ويسر عقد الصفقات التجارية، وبزوغ نجم الاقتصاديات الناشئة، إلى جانب التقدم التكنولوجي الهائل، أسهم جميعه في ربط أجزاء الاقتصاد العالمي بشكل غير مسبوق، إلا أن أزمة الجائحة كشفت عن اختلالات كبيرة في نظم الحوكمة الصحية والاقتصادية والسياسية في كثير من دول العالم».
انحسار النيوليبرالية والتوجهات الرأسمالية
وذكرت مجيب أن «اقتصاديات الدول بعد كورونا سوف تتعافى بدرجات متفاوتة تحددها القدرة على التجاوب مع احتياجات المرحلة، وستتغير أولويات الإنفاق والاستثمار، ونظرة الأفراد لنظم حياتية اعتادوا عليها، وهنا تثور مجموعة من التساؤلات ترتبط بمصير ما أنجزته البشرية في إطار تداخلها، وربما تكاملها الاقتصادي، في العقود الثلاثة الماضية».
وذكرت الباحثة أن المستجدات التي فرضتها الجائحة، تطرح تساؤلات جديدة تتعلق بنوع النظم السياسية وجدواها في التعامل مع الأزمة، ولفتت إلى أن استخدام الذكاء الصناعي لمتابعة مدى التزام المواطنين بالحجر الصحي، واستدعاء الجيوش في الديمقراطيات الراسخة، لدعم الطواقم الصحية وبناء المستشفيات والمراكز الصحية، وتحويل وجهتها من الدفاع عن حدود الدول الخارجية إلى حماية جبهتها الداخلية، وتطبيق قرارات حظر التجول وملاحقة المخالفين، والقيام بعمليات التطهير في الشوارع والأماكن العامة، أتت، جميعها، ضمن ملامح لأدوار جديدة سوف تشهدها الدول، على اختلاف أنواعها، مع انحسار النيوليبرالية والتوجهات الرأسمالية.
أما الدلالة الأخطر للجائحة، حسب رأي مجيب، فتتمثل في أن استمرار تنافس القوى الكبرى على النفوذ الدولي سوف يهدد بتقويض قدرة النظام المعولم على تطوير آليات للتعافي من أزماته الأكثر خطورة، وقد بدا ذلك جليّاً في العجز عن تطوير جهد عالمي منسق لتطوير علاجات لمواجهة الفيروس، ومحدودية الاستعداد الدولي لتقديم الدعم اللازم لمواجهة بؤر انتشار المرض، وهذا ما يهدد بالارتداد إلى أوهام انعزالية تفتح الطريق أمام صراع عالمي غير منضبط.
تعديل التركيبة السكانية وتطوير التعليم
من جهته، ركز الباحث السعودي الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر في دراسته «منطقة الخليج وتداعيات جائحة كورونا... واقع متغير وتحديات جديدة» على تأثير كورونا على دول مجلس التعاون الخليجي، والخطوات العديدة التي اتخذت من جانبها، وتضمنت قرارات عاجلة لمواجهة الجائحة وتبعاتها، ورصد ميزانيات خاصة، وتعزيز بنود مالية في الموازنات العامة، ودعم القطاعات الصحية لحماية المواطنين والمقيمين بها.
وقال بن صقر إن هذه الإجراءات مع أهميتها تمثل جانبا من جوانب مواجهة تداعيات الأزمة، التي كشفت عن وجود ثغرات لم تكن الدول مهيأة للتعامل معها، لذلك لجأت إلى التفكير فيما يجب أن تقوم به من إعادة النظر في الوضع القائم وسرعة وضع الخطط المستقبلية لمواجه كورونا، والأزمات الأخرى التي قد تحدث سواء على المستوى الصحي، أو الاجتماعي، فضلا عن المخاطر والتحديات المختلفة التي تتطلب الاستعداد لسد المزيد من الثغرات والتوجه نحو تخطيط أكثر واقعية ومرونة وعلمية للتعامل مع الأزمات الطارئة، يبدأ من ضرورة تعديل التركيبة السكانية الحالية لدول مجلس التعاون، والتي كانت مطلبا أساسيا مطروحا لديها، لكن تفشي كورونا زاد من حيويته، وجعله أكثر إلحاحاً؛ لمحاصرة ظاهرة العمالة غير النظامية، التي تسببت في حدوث أضرار تفاوتت تأثيراتها من دولة إلى أخرى، ومثلت كابوساً تزايد خطره في ظل الجائحة.
ولفت الباحث السعودي إلى الأسلوب الحضاري الذي تعاملت به حكومة بلاده مع الواقع الصحي بعد ارتفاع نسبة الإصابات بين العمالة الوافدة، وقراراها علاج جميع المصابين أو الكشف عليهم من العمالة الوافدة سواءً بسواء مع المواطنين، كما فتحت أبواب العلاج لجميع المرضى من العمالة غير النظامية المخالفة لقوانين الإقامة حفاظاً على صحة الجميع، وخصصت عدداً من المدارس، وأنشأت مجمعات سكنية صحية بصورة عاجلة واستخدمتها كدور إيواء، حتى تقلل من حالات الاختلاط بين حاملي الفيروس وغيرهم، إضافة إلى تحمل نفقات العلاج والعزل، وهذا ما تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وطالب بن صقر بضرورة التعامل مع التعليم وفق رؤية جديدة تعتمد على تطوير المناهج وتحديثها بما يتناسب مع احتياجات العصر، واعتماد تقنيات التعليم عن بُعد وتحديث بنية الاتصالات الرقمية وفقاً لأساليب تضمن توصيل المعلومة والتفاعل بين الطالب والمؤسسة التعليمية.
ودعا بن صقر إلى تطوير المنظومات الصحية الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتفعيل شراكة حقيقية بين القطاعين الطبي الحكومي، والخاص وتطوير الخدمات الصحية المقدَّمة للمرضى، كما أشار إلى أهمية تنويع مصادر الدخل في دول المجلس، وحتمية توسيع القاعدة الاقتصادية، خاصة في ضوء تقلبات أسواق الطاقة، وتراجع أسعار النفط والغاز في الآونة الأخيرة، وأشار إلى أن دول المجلس أدركت ذلك منذ سنوات، لذا أخذت الخطط الخليجية الوطنية للتنمية على عاتقها توسيع القاعدة الاقتصادية، وقد وضعت رؤية 2030 في السعودية برامج محددة وواضحة للتعامل مع جميع مجالات التنمية المستدامة لتنويع الاقتصاد الوطني قبل جائحة كورونا بفترة ليست قصيرة تحسباً للمتغيرات الاقتصادية العالمية وانعكاسها.
وتحدث بن صقر عن ضرورة الاهتمام بما يسمى الأمن الغذائي، وتنمية الصناعات الدوائية والأجهزة الطبية التي قطعت دول مجلس التعاون الخليجي شوطاً في توطين بعضها مع التعامل مع البحث العلمي باعتباره ضرورة وليس مجرد رفاهية، كما نبه على ضرورة تحديث البنية التحتية لقطاع الاتصالات والرقمنة بما يوفر نموذجاً حديثاً للاتصالات والاستفادة منه في التعليم والعمل عن بُعد.
تحولات الأنشطة الرقمية
من جهتها قدمت سوزان عابد الباحثة بمركز الدراسات الاستراتيجية عرضاً بانوراميّاً حول «جائحة كورونا... رؤى جديدة ومسارات للتقارب»، رصدت خلاله التحولات العديدة نحو كثير من الأنشطة الرقمية التي عرفها العالم، مستهلة ذلك بأنشطة كثير من المتاحف البريطانية والأميركية والألمانية وغيرها، فضلا عن بعض المؤسسات غير الهادفة للربح، التي أدارت حلقات نقاشية أتاحتها مجاناً، ورصدت عابد عددا من المبادرات الخاصة التي تم إطلاقها عن طريق برنامج» «زووم»، وحرصت خلال العرض على توضيح مراحل التفاعل من حالة السكون والجمود التي أصابت هذه المؤسسات في البداية إلى مرحلة من النشاط الرقمي الغزير، إضافة للجهود الأكثر وعياً وتمرساً للتعامل مع الجمهور.
وركز الدكتور محمود عزت عبد الحافظ، في بحثه «تفشي فيروس كورونا... بين المؤامرة والتعاون الدولي» على مسألة المؤامرة والتعاون الدولي، والتي شكلت أحد المحاور الرئيسية بعد ظهور الجائحة، وشغلت الكواليس والرأي العام منذ الأسابيع الأولى للأزمة، وتخلّف عنها تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية فاقت كل التوقعات، وسببت حالة من الارتباك لجميع الحكومات إزاء التعامل مع هذا النوع من الأزمات.
أما الباحثة المغربية إكرام عدنني، فقد ناقشت في دراستها «أزمة كورونا وتأثيرها على مستقبل الهجرة الدولية» قضية تأثير الجائحة على ظاهرة الهجرة الدولية، وأشارت إلى استمرار الظاهرة رغم تراجعها نسبيّاً، واستعرضت المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون لكونهم أو أغلبهم يعملون في مهن يدوية تحتم عليهم الوجود في مواقع العمل، وكذا في إنهاء وظائف يعملون بها، كما ناقشت عدنني الأعباء الاقتصادية للدول الفقيرة بسبب عودة بعض المهاجرين ولكونها غير مؤهلة للتعامل مع مثل هذه التحديات.



كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية
TT

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام، ولفت الانتباه؛ لأن رواية المانجا «أنستان» أو «الغريزة» لصاحبها المؤثر أنس بن عزوز، الملقب بـ«إنوكس تاغ» باعت أكثر من 82 ألف نسخة خلال 4 أيام. وهو إنجاز كبير؛ لأن القصّة الموجهة إلى جمهور من القرّاء الشباب قد خطفت المرتبة الأولى في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً من «الحوريات»، الرواية الفائزة بجائزة «الغونكور» لهذه السنة.

ولمن يستغرب هذا الرواج أو اهتمام دور النشر بالكُتاب المبتدئين من صنّاع المحتوى، فإن الظاهرة ليست بالجديدة؛ حيث إن كثيراً من المكتبات والمواقع أصبحت تخصّص رفوفاً كاملة لهذه النوعية من الكتب، كسلسلة «#فولوي مي» التابعة لدار «أشيت»، والتي تضم أعمالاً للمؤثرين تتوزع بين السّير الذاتية والقصص المصوّرة والتنمية البشرية والأسفار، وحتى الطبخ.

في فرنسا، أول تجربة من هذا القبيل كانت عام 2015، بكتاب «إنجوي ماري»، وهو السيرة الذاتية للمؤثرة ماري لوبيز المعروفة بـ«إنجوي فنيكس» (6 ملايين متابع على إنستغرام). وإن كان البعض لا يستوعب أن تكتب فتاة في سن العشرين سيرتها الذاتية، فقد يستغرب أيضاً النجاح التجاري الكبير الذي حصل عليه هذا الكتاب؛ حيث باع أكثر من 250 ألف نسخة، رغم الهجوم الشديد على الأسلوب الكتابي الرديء، حتى لقَّبتها مجلة «لي زنكوريبتبل» الثقافية متهكمة بـ«غوستاف فلوبير الجديد». شدّة النقد لم تمنع زملاءها في المهنة من خوض التجربة نفسها بنجاح؛ المؤثرة ناتو (5 ملايين متابع على يوتيوب) نشرت مع مؤسسة «روبرت لافون» العريقة رواية «أيقونة»، قدمت فيها صورة ساخرة عن عالم المجلات النسوية، وباعت أكثر من 225 ألف نسخة. وتُعدُّ دار نشر «روبرت لافون» بالذات الأكثر تعاوناً مع صناع المحتوى؛ حيث نشرت لكثير منهم.

في هذا السياق، الأكثر نجاحاً حتى اليوم كان كتاب التنمية البشرية «الأكثر دائماً+» لصاحبته لينا محفوف، الملقبة بـ«لينا ستواسيون» (5 ملايين متابع على إنستغرام) وباع أكثر من 400 ألف نسخة.

مجلة «لي زيكو» الفرنسية، تحدثت في موضوع بعنوان «صناع المحتوى؛ الدجاجة التي تبيض ذهباً لدور نشر» عن ظاهرة «عالمية» من خلال تطرقها للتجارب الناجحة لمؤثرين من أوروبا وأميركا، حملوا محتواهم إلى قطاع النشر، فكُلّلت أعمالهم بالنجاح في معظم الحالات. المجلة استشهدت بالتجربة الأولى التي فتحت الطريق في بريطانيا، وكانت بين دار نشر «بانغوين بوكس» والمؤثرة زوي سوغ (9 ملايين متابع على إنستغرام) والتي أثمرت عن روايتها الناجحة «فتاة على الإنترنت» أو «غور أون لاين»؛ حيث شهدت أقوى انطلاقة في المكتبات البريطانية بـ80 ألف نسخة في ظرف أسبوع، متفوقة على سلسلة «هاري بوتر» و«دافنشي كود».

المجلة نقلت بهذه المناسبة حكاية طريفة، مفادها أن توم ويلدون، مدير دار النشر، كان قد تعاقد مع المؤثرة بنصيحة من ابنته البالغة من العمر 12 سنة، والتي كانت متابعة وفيّة لها.

ومما لا شك فيه هو أن اهتمام دور النشر بأعمال المؤثرين يبقى مدفوعاً بالأرباح المادية المتوقعة، وهو ما أكده موضوع بمجلة «لوبوان» بعنوان «المؤثرون آلة لصنع النجاحات التجارية في قطاع النشر». كشف الموضوع عن أن تحويل المحتوى السمعي البصري لصناع المحتوى إلى الكتابي، أصبح بمثابة الورقة الرابحة للناشرين، أولاً لأنه يوفر عليهم عناء الترويج الذي تتكفل به مجتمعات المشتركين والمتابعين، وكل وسائل التواصل التابعة للمؤثرين، والتي تقوم بالعمل بدل الناشر، وهو ما قد يقلّل من خطر الفشل؛ بل قد يضمن الرواج الشعبي للعمل. ثم إنها الورقة التي قد تسمح لهم في الوقت نفسه بالوصول إلى فئات عمرية لم تكن في متناولهم من قبل: فجمهور المراهقين -كما يشرح ستيفان كارير، مدير دار نشر «آن كاريير» في مجلة «ليفر إيبدو»: «لم يكن يوماً أقرب إلى القراءة مما هو عليه اليوم. لقد نشرنا في السابق سِيَراً ذاتية لشخصيات من كل الفضاءات، الفرق هذه المرة هو أن المؤثرين صنعوا شهرتهم بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، ولهم جمهور جاهز ونشيط، وإذا كانت هذه الشخصيات سبباً في تقريب الشباب إلى القراءة، فلمَ لا نشجعهم؟».

شريبر: الكتاب بعيد كل البعد عن مستوى «الغونكور» وبأن كاتبته لم تقرأ في حياتها كتاباً باستثناء الكتاب الذي كتبته

هذه المعطيات الجديدة جعلت الأوضاع تنقلب رأس على عقب، فبينما يسعى الكتاب المبتدئون إلى طرق كل الأبواب أملاً في العثور على ناشر، تأتي دور نشر بنفسها إلى صناع المحتوى، باسطة أمامهم السّجاد الأحمر.

وإن كان اهتمام دور النشر بصنّاع المحتوى لاعتبارات مادية مفهوماً -بما أنها مؤسسات يجب أن تضمن استمراريتها في قطاع النشر- فإن مسألة المصداقية الأدبية تبقى مطروحة بشدّة.

بيار سوفران شريبر، مدير مؤسسة «ليامون» التي أصدرت مذكرات المؤثرة الفرنسية جسيكا تيفنو (6 ملايين متابع على إنستغرام) بجزأيها الأول والثاني، رفض الإفصاح عن كم مبيعات الكتاب، مكتفياً بوصفه بالكبير والكبير جداً؛ لكنه اعترف في الوقت نفسه بلهجة ساخرة بأن الكتاب بعيد كل البعد عن مستوى «الغونكور» وبأن كاتبته لم تقرأ في حياتها كتاباً باستثناء الكتاب الذي كتبته؛ لكنها لم تدَّعِ يوماً أنها تكتب بأسلوب راقٍ، وكل ما كانت تريده هو نقل تجاربها الشخصية إلى الجمهور ليأخذ منها العبَر.

الناقد الأدبي والصحافي فريديك بيغ بيدر، كان أكثر قسوة في انتقاده لكتاب المؤثرة لينا ستواسيون، في عمود بصحيفة «الفيغارو» تحت عنوان: «السيرة الذاتية لمجهولة معروفة»؛ حيث وصف العمل بـ«المقرف» و«الديماغوجية»، مضيفاً: «بين الأنا والفراغ اختارت لينا ستواسيون الخيار الثاني». كما وصف الكاتبة الشابة بـ«بالجاهلة التي تعترف بجهلها»، منهياً العمود بالعبارة التالية: «147 صفحة ليس فيها سوى الفراغ، خسرتُ 19 يورو في لا شيء».

أما الناشر بيار سوفران شريبر، فقد قال في مداخلة لصحيفة «لوبوان»: «اتهمونا بنشر ثقافة الرداءة؛ لكن هذه النوعية من الكتب هي هنا لتلتقي بقرائها. إنهما عالمان بعيدان استطعنا تقريبهما بشيء سحري اسمه الكتاب. فلا داعي للازدراء».