استمرار الاتهامات بتعطيل الحكومة بين «الوطني الحر» و«المستقبل»

TT

استمرار الاتهامات بتعطيل الحكومة بين «الوطني الحر» و«المستقبل»

تتجه الأنظار في لبنان إلى ما يمكن أن ينتج عن الحراك المستجد على أكثر من خط لإعادة تفعيل مشاورات الحكومة، ولا سيما المساعي التي يقوم بها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بعدما بات واضحا أن لقاءات رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مع رئيسي الجمهورية والبرلمان ورئيس الحكومة المكلف لا تخرج عن التمنيات.
وفي موازاة إعادة تحريك البطريرك الماروني بشارة الراعي لاتصالاته عبر ممثلين له مع المعنيين في التأليف، تقول مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» «الأبرز اليوم هو الجهود التي يقوم بها اللواء إبراهيم والتي تترجم عبر زيارات شبه يومية يقوم بها للأطراف المرتبطة بتأليف الحكومة وبشكل أساسي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، والتي قد تسفر عن نتائج معينة».
في المقابل، وانطلاقا من الوضع السياسي والتصريحات، تحديدا من «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» لا يبدو أن أي مؤشرات إيجابية بدأت تظهر مع استمرار الاتهامات والاتهامات المضادة بينهما. وفي هذا الإطار قال النائب في تيار المستقبل محمد الحجار إن «الشراكة في تأليف الحكومة ليست فرض أسماء» بينما عاد النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون ليدعو الحريري إلى التنازل أو الاعتذار. وكتب الحجار عبر حسابه على «تويتر» مهاجما رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر «الشراكة في تأليف الحكومة الذي لا يريد البعض فهمه، يعني النقاش في مسودة التشكيلة الوزارية، بما يساعد على تأليف الحكومة، وليس فرض أسماء، وتعطيل إصدار مراسيم التشكيل، كما هو حاصل اليوم في بعبدا (القصر الرئاسي)»، مؤكدا «دور رئيس الجمهورية المؤازرة والدعم لأن من يتحمل المسؤولية أمام المجلس النيابي هو رئيس الحكومة».
وفي حديث إذاعي قال الحجار «رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يقوم بمسعى لتحريك الأمور في الموضوع الحكومي، أما الرئيس المكلف سعد الحريري فقد قام بما يمليه عليه الدستور وأجرى الاستشارات النيابية الملزمة، وعقد أربعة عشر لقاء مع رئيس الجمهورية وقدم تشكيلته وينتظر رأيه بحسب المادة 53 من الدستور، وهذا ما لم يحصل حتى اليوم». وعلق على فيديو رئيس الجمهورية المسرب الذي اتهم فيه الحريري بالكذب قال «هذا معيب بحق موقع الجمهورية وليس بحق الرئيس الحريري».
في المقابل، قال النائب ماريو عون إن «تحرك رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب يأتي في إطار سلسلة التحركات التي يقوم بها أصحاب الهمم بعد فترة الجمود الطويلة للخروج من الوضع الراهن، وخصوصا بعد الفيديو المسرب (الذي يتهم فيه رئيس الجمهورية الرئيس المكلف بالكذب)، مشيرا في المقابل إلى أنه لا يبدو أن هناك إيجابيات».
وفي حديث إذاعي، اعتبر عون أنه «ليس لدينا ترف الانتظار، ويجب على الرئيس المكلف تأدية مهامه للخروج من الأزمة على الصعيدين الحياتي والصحي»، مؤكدا «ضرورة تقديم الرئيس المكلف سعد الحريري تنازلات كبيرة لتأليف حكومة في أسرع وقت»، مشددا على ضرورة احترام التوازنات الداخلية والمعيار الواحد في التأليف.
وجدّد دعوته الحريري إلى الاعتذار، إذا لم يكن في إمكانه تأليف الحكومة، لأن الشعب لم يعد قادرا على الانتظار، مطالبا بـ«تأليف حكومة ولو مصغرة من ستة وزراء لتتسلم المهام وتبدأ بالعمل».
وتحدث النائب قاسم هاشم في كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، عن حركة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قائلا في حديث إذاعي إن «الأوضاع السيئة التي تشهدها البلاد، دفعت بدياب إلى التحرك، عله يستطيع فتح كوة في جدار الأزمة السياسية، إضافة إلى تضامنه مع الرئيس المكلف سعد الحريري». ورأى أنها «ليست المرة الأولى التي تحصل انتكاسات بين الرئيسين عون والحريري»، لافتا إلى أنه «في السياسة ليست هناك علاقات دائمة على مستوى الإيجابية أو السلبية، لأن لبنان بلد التسويات».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.