بعد استهداف مقراتها... توتر بين الأحزاب الكردية شمال شرقي سوريا

TT

بعد استهداف مقراتها... توتر بين الأحزاب الكردية شمال شرقي سوريا

قال «المجلس الوطني الكردي» المعارض، إن مقره في بلدة عين العرب «كوباني» تعرّض لهجوم مساء أول من أمس، ونشر بياناً على حسابه الرسمي أمس، ذكر «تعرض مكتب المجلس بمدينة كوباني ليلة 18/ 19 يناير (كانون الثاني) لهجوم بالقنابل وإطلاق النار عليه؛ ما تسبب في أضرار بالغة بالبناء وأحدث حالة من الرعب لدى الأهالي بالمساكن المجاورة».
واتهم بيان المجلس «الشبيبة الثورية» التابعة لـ«حركة المجتمع الديمقراطي»، وأكد رئيس المكتب المحلي بركل أحمد، بأنهم سمعوا صوت انفجار قنبلتين عند تمام الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء الماضي، «بعدها أطلق رصاص عشوائي وتسبب بقلق لدى سكان المناطق القريبة بسبب الانفجار والرصاص على مسافة قريبة من مقر المجلس»، منوهاً بأن زجاج نوافذه تعرّض للتكسر، إضافة إلى الأضرار التي طالت جدرانه جراء الشظايا.
واستنكر المجلس عبر بيانه الأعمال التي وصفها بـ«الترهيبية» التي تستهدف أنشطته ومقراته، حيث تكررت هذه الحوادث وطالت العديد من مكاتبه في مدن وبلدات كردية، وحمّل الائتلاف الكردي الذي يضم 16حزباً سياسياً وشخصيات أكاديمية ومجتمعية؛ المسؤولية على عاتق «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري الذي يدير مناطق شرقي الفرات و«الإدارة الذاتية لشمال وشرقي» سوريا، غير أنه يتمسك، بـ«وحدة الموقف الكردي قضية استراتيجية ولن تثنينا هذه الأعمال الترهيبية المشينة؛ لأنها تهدف لنسف العملية التفاوضية برمتها»، محذراً من نسف التفاهمات التي توصل إليها خلال المحادثات الكردية المتعثرة مع أحزاب «الوحدة الوطنية الكردية» بقيادة «حزب الاتحاد».
ويقول المنسق العام لـ«حركة الإصلاح الكردية»، أحد أحزاب المجلس، بأن توقف المحادثات الكردية، «لم يكن بسبب خلافات استعصى حلها، بل بسبب انشغال الراعي الأميركي؛ فالمفاوضات أصلاً لحل خلافات قائمة بالفعل بعد اتفاقية دهوك (2014) والمطلوب إيجاد مخارج لها».
وتتمحور القضايا الخلافية العالقة بين قطبي الحركة الكردية حول نقاط رئيسية عدة، أبرزها مطالبة قادة المجلس بالكشف عن مصير 10 مختطفين سياسيين منها و8 أعضاء من «المجلس العسكري الكردي»، وتحمّل المسؤولية على الطرف الحاكم، في حين تشكل التداخلات الكردستانية عقبة كبيرة في إنجاح المباحثات، حيث يتهم قادة المجلس، «حزب العمال الكردستاني» وهو حزب تركي - كردي، بفرض هيمنته على «حزب الاتحاد (السوري)» و«قوات قسد» و«الوحدات الكردية»، وأنه يعمل ضد أي شراكة سياسية قد تلغي مستقبلاً دوره داخل المناطق الكردية - السورية.
وطالب القيادي الكردي فيصل يوسف بتعزيز وتوسيع إجراءات بناء الثقة بين الأحزاب الكردية بسوريا؛ «فالمجلس جاهز للعودة إلى المفاوضات التي كانت تجري بينه وأحزاب الوحدة برعاية الولايات المتحدة الأميركية، ويسعى لتحقيق وحدة الموقف الكردي تنفيذاً لبرنامجه السياسي المقرر بالمؤتمر الوطني الكردي الثالث».
وتعثرت المحادثات الكردية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، وكان قادة الأطراف المشاركون في اللقاءات قد انتقلوا للمرحلة الثانية الأشد تعقيداً في التفاهمات الجارية؛ لبحث «سلة الحماية والدفاع والقوات العسكرية» و«سلة الشراكة بالإدارة الذاتية».
وشدد يوسف بأن وحدة الموقف الكردي في سوريا، «كانت ولا تزال خياراً استراتيجياً، ومن أجل ذلك عقد المجلس اتفاقيات هولير 1و2 ودهوك مع حزب الاتحاد، برعاية الرئيس مسعود بارزاني. فنحن نتفاوض لوحدة سياسية تضمن الشراكة الحقيقية التي تعبر عن مصلحة الشعب الكردي بسوريا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.