قبيل لقائه البشير: مبيكي يتعهد ببحث إطلاق سراح المعتقلين

المعارضة السودانية تبلغ الوسيط الأفريقي بعدم جدوى الحوار الوطني

قبيل لقائه البشير: مبيكي يتعهد ببحث إطلاق سراح المعتقلين
TT

قبيل لقائه البشير: مبيكي يتعهد ببحث إطلاق سراح المعتقلين

قبيل لقائه البشير: مبيكي يتعهد ببحث إطلاق سراح المعتقلين

أبلغت قوى المعارضة السودانية الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي بعدم جدوى الحوار مع نظام الرئيس عمر البشير قبل التزامه بالشروط التي حددتها للدخول في الحوار. وأجرى وفد من تحالف قوى الإجماع الوطني بالخرطوم أمس مباحثات مع رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى الرئيس الجنوب أفريقي الأسبق ثابو مبيكي، الموجود في البلاد منذ الأسبوع الماضي، وتناولت معه فيها موضوع الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس البشير منذ يناير (كانون الثاني) العام الماضي.
وقال المتحدث باسم التحالف المعارض بكري يوسف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنهم أطلعوا الرجل على موقف تحالفهم المعلن بشأن الحوار، وأنهم لا يرون جدوى من التحاور مع نظام الرئيس البشير قبل تأكيد التزامه باشتراطاتهم، التي يعتبرونها حدا أدنى لحوار جاد.
وتشترط قوى المعارضة السودانية تهيئة البيئة السياسية بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين واللاجئين، وتكوين حكومة انتقالية وفق برنامج وطني قبل الدخول في أي حوار.
وأضاف يوسف أنهم أبلغوا مبيكي أن رد فعل نظام الحكم على شروطهم «صبّ الزيت على النار»، وزاد تدهور الأوضاع في البلاد، وأن النظام صعد من عملياته العسكرية في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي واصل فيه حملة الاعتقالات التي شملت رئيس تحالف المعارضة فاروق أبو عيسی نفسه، والناشط المدني أمين مكي مدني.
وندد يوسف بما سماه تراجع النظام عن التزاماته مع القوی التي ارتضت الحوار بشروطه، وبإصراره على إجراء الانتخابات في أبريل (نيسان) القادم، وبإجرائه لتعديلات دستورية أصبح الحكم في البلاد بموجبها في يد «ديكتاتور طاغٍ أوحد، لا يسنده سوی عصابة أمنية، أطلقت يداها لتفعل ما تشاء دون رقيب أو حسيب». وأضاف أنهم جددوا التأكيد للوسيط مبيكي رفضهم لما سماه «تسوية شكلانية لا تخاطب أزمات البلاد»، وأنهم أبلغوه بأن خيارهم المتاح هو العمل وسط الجماهير وصولا إلى الانتفاضة الشعبية والتغيير الديمقراطي، بعد أن عز توفير أسس الحل السياسي الشامل.
ونقل يوسف عن مبيكي أنه تفهم وجهة نظر تحالف قوى الإجماع الوطني، وأنه أبلغهم بأنه سيناقش مع البشير المتوقع أن يلتقيه قريبا القضايا المثارة، ومن بينها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وأجرى مبيكي مباحثات مع قيادة حزب الأمة المعارض الأحد بشأن الحوار الوطني والانتخابات، وبشأن التوتر بين الحكومة والحزب الذي يقوده الصادق المهدي.
ونقلت تقارير صحافية أن الحزب أبلغ مبيكي برفضه الشديد وغضبه من تعامل السلطات الحكومية تجاه المعارضة وزعيم الحزب الصادق المهدي. وكان التوتر قد بلغ ذروته بين الأمة والحكومة إثر طلب جهاز الأمن السوداني من مجلس الأحزاب حله أو تجميد نشاطه، باعتباره حليفا لـ«الجبهة الثورية» التي تسعى لإسقاط النظام عبر العمل المسلح، بتوقيعه على اتفاق «نداء السودان»، وتهديده بتقديم المهدي للمحاكمة حال عودته للبلاد.
ويطالب تحالف «الجبهة الثورية» المكون من الحركات المسلحة التي تحارب الخرطوم في جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق، بالتفاوض مع الحركات المسلحة حول القضايا السودانية مجتمعة، بينما ترفض الخرطوم ذلك وتصرّ على التفاوض معها كل على حدة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم