المدربون الفنيون حديثو المسؤولية... الصبر أفضل قبل الطرد أحياناً

أرتيتا ولامبارد مثالان على الصعوبات التي يواجهها المدربون الجدد في الأندية الكبرى

أرتيتا ولامبارد بقميصي آرسنال وتشيلسي عندما كانا يلعبان قبل تولي قيادة الفريقين (غيتي)
أرتيتا ولامبارد بقميصي آرسنال وتشيلسي عندما كانا يلعبان قبل تولي قيادة الفريقين (غيتي)
TT

المدربون الفنيون حديثو المسؤولية... الصبر أفضل قبل الطرد أحياناً

أرتيتا ولامبارد بقميصي آرسنال وتشيلسي عندما كانا يلعبان قبل تولي قيادة الفريقين (غيتي)
أرتيتا ولامبارد بقميصي آرسنال وتشيلسي عندما كانا يلعبان قبل تولي قيادة الفريقين (غيتي)

تسعى جميع الأندية الكبرى لتكرار تجربة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، عندما قاد فريق برشلونة لتحقيق مستويات ونتائج استثنائية في بداية مسيرته التدريبية، حيث يحلم كل نادٍ من هذه الأندية العملاقة بأن يقوم بتعيين لاعب أسطورة أنهى مسيرته الكروية للتو على رأس القيادة الفنية لفريق الرديف بالنادي لمدة موسم واحد، قبل أن يتم تعيينه مديراً فنياً للفريق الأول، ثم يشاهد هذا المدير الفني وهو يُحدث ثورة في عالم كرة القدم بفريق قوامه الأساسي من لاعبي أكاديمية الناشئين بالنادي ويفوز بثلاثة ألقاب للدوري المحلي ولقبين لدوري أبطال أوروبا. ولا يقتصر الأمر على تحقيق الفوز فحسب، بل تحقيق الفوز من خلال اللعب بطريقة جميلة ومثيرة للإعجاب.
وهذا هو السبب الذي جعل كثيراً من الأندية الكبرى تستعين بلاعبين سابقين لديهم خبرات محدودة، أو حتى معدومة، في عالم التدريب، فرأينا يوفنتوس الإيطالي يعين أندريا بيرلو على رأس القيادة الفنية للفريق الأول، والأمر نفسه أيضاً مع تشيلسي وفرانك لامبارد، وآرسنال وميكيل أرتيتا. ومن المؤكد أن هذا الأمر يجعل النادي يشعر بأنه مختلف وأفضل وأكثر جدارة من الآخرين، كما أنه أمر جيد للعلامة التجارية للنادي، نظراً لأن وجود اسم كبير على رأس القيادة الفنية للفريق يزيد من شعبية النادي.
لكن جميع هؤلاء المديرين الفنيين يواجهون المشكلة نفسها، وهي أنه على الرغم من أنهم لديهم أفكار جيدة وأمضوا معظم حياتهم يعملون في مجال كرة القدم، فإنهم ما زالوا يتعلمون في وظيفتهم الجديدة ويفعلون ذلك وهم يعملون تحت ضغوط هائلة.
لقد كانوا في غرف خلع الملابس وفي ملاعب التدريب وعملوا مع مجموعة متنوعة من المديرين الفنيين، ولديهم فكرة كبيرة عن الأمور التي تحقق نجاحاً والأخرى التي تجلب الفشل، وما الذي يحفز اللاعبين وما الذي يصيبهم بالإحباط، لكن كونك تلميذاً لا يكفي لأن تصبح مُدرساً جيداً!
وإذا ساءت الأمور، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ إنهم لا يملكون مخزوناً من الذكريات للاستفادة منه، فلا يمكنهم النظر إلى ذلك الوقت، على سبيل المثال، عندما كان نادي هيديرسفيلد يعاني بشدة لكنه نجح في المرور من عنق الزجاجة، أو إلى نادي إكستريمادورا الإسباني عندما فقد خدمات أفضل مهاجم لديه، لكن باقي لاعبي الفريق أصبحوا أكثر تركيزاً لتعويض غيابه، أو إلى سانت ميرين عندما غير المدير الفني طريقة اللعب، لكنه ندم بعد ذلك على ما فعله.
وبالتالي، من السهل أن يفقد هؤلاء المديرون الفنيون المبتدئون ثقتهم في أنفسهم، ويبدأون في إجراء التغييرات من أجل التغييرات، وخير مثال على ذلك ما حدث مع ميكيل أرتيتا عندما قرر فجأة الدفع بالنجم الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ في خط الوسط، بعدما تراجعت نتائج الفريق، وتراجعت كذلك ثقته في نفسه وتحكمه في زمام الأمور.
ثم هناك مشكلة أخرى تتعلق بالمكان الذي يجب أن يحصل فيه مثل هؤلاء المديرين الفنيين المبتدئين على الخبرات اللازمة، خصوصاً عندما نعرف أن مديرين فنيين عظماء بدأوا مسيرتهم التدريبية مع أندية متواضعة، مثل هربرت تشابمان الذي بدأ العمل التدريبي مع نادي نورثهامبتون، وأريغو ساكي مع نادي فوسينيانو، والسير أليكس فيرغسون مع إيست ستيرلينغشاير.
كما أن اللعبة بشكل عام كانت تختلف كثيراً عما هي عليه الآن، فلم تكن الفجوة بين أندية القمة والقاع بهذا الاتساع الهائل. لقد كانت أندية ليفربول وليدز يونايتد ونوتنغهام فورست تلعب في دوري الدرجة الأولى عندما تولى بيل شانكلي ودون ريفي وبريان كلوف مسؤولية قيادة هذه الأندية. وانتقل السير مات بيسبي مباشرة إلى تولي القيادة الفنية لمانشستر يونايتد بعد انتهائه من التدريب في الجيش خلال الحرب العالمية الثانية، لكن النادي كان قد سبق له الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين فقط، ولم يكن قد حصل على أي لقب للدوري منذ 30 عاماً كاملة. وبالتالي، كان من الممكن في ذلك الوقت أن يتمكن مدير فني شاب لديه رؤية واضحة من تحويل فريق متوسط في المستوى إلى فريق عملاق.
لكن عندما ينهي لاعب بارز مسيرته الكروية، فإنه يرى أن تولي القيادة الفنية لفريق يلعب في دوري الدرجة الأولى، على سبيل المثال، لن يكون جيداً بالنسبة له ولن يضيف إليه الكثير، نظراً لأنه سوف يعمل مع لاعبين أصحاب قدرات محدودة ولن يتمكنوا من القيام بالأشياء التي كان يفعلها هو وزملاؤه في الفريق عندما كان يلعب. وربما هناك أمور أخرى لا يعرفها العالم الأوسع أو لا يهتم بها، من بينها أنه سينظر إلى هذا المدير الفني على أنه فاشل إذا لم ينجح في قيادة النادي الذي يتولى تدريبه إلى الصعود للدوري الإنجليزي الممتاز، رغم أنه يعمل مع فريق لا يمتلك الإمكانات التي تمكنه من تحقيق أفكاره وفلسفته على أرض الواقع.
وحتى لو نجح في قيادة هذا الفريق للصعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، فإنه سوف يقضي العامين المقبلين يصارع من أجل تجنب الهبوط، في الوقت الذي يعمل فيه وفق ميزانية محدودة للغاية لا تمكنه من تدعيم صفوف الفريق بالشكل الذي يريده. وفي النهاية، يحدث الأمر الذي لا مفر منه، ويهبط النادي إلى دوري الدرجة الأولى، ويتم نسيان كل ما حققه هذا المدير الفني، أو حتى التشكيك في قدراته التدريبية، على غرار ما حدث مع مدرب بورنموث السابق إيدي هاو. وحتى لو تمكن المدير الفني من البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز، فسوف يتم تصنيفه على أنه مدير فني قادر على إنقاذ الفرق الضعيفة من الهبوط، بالشكل الذي نراه مع مديرين فنيين مثل شون دايك وسام ألاردايس.
ويجب أن ندرك أن العمل وفق ميزانية محدودة، ومحاولة تحفيز لاعبين لديهم إمكانات بسيطة لتقديم أفضل ما لديهم داخل الملعب، يختلف تماماً عن التعامل مع لاعبين بارزين ومشهورين يعاني بعضهم من الغرور والغطرسة، ووضع خطة لعب هجومية للتغلب على التكتلات الدفاعية للفرق الأضعف التي تواجهك، وإرضاء الجمهور والمسؤولين الذين ينتظرون دائماً المتعة، أو التعامل مع قائمة طويلة من اللاعبين والسفر بشكل منتظم للمشاركة في البطولات المختلفة.
وكما قال أحد مسؤولي مانشستر سيتي منذ وقت طويل، مع الأخذ في الاعتبار ما إذا كان يجب على النادي إقالة جو رويال بمجرد نجاحه في قيادة النادي للصعود للدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2000: «لا يجب أن تضع الرجل الذي يدير متجراً مغموراً في إحدى الزوايا لكي يدير شركة متعددة الجنسيات!».
ويمكن للمدير الفني المبتدئ أيضاً أن يذهب للعمل في دولة مختلفة، وهو الأمر الذي قام به نجم ليفربول السابق ستيفن جيرارد عندما تولى تدريب نادي رينجرز الاسكوتلندي، لكن هذا الأمر لم ينجح، مثلاً، مع غاري نيفيل عندما تولى قيادة فالنسيا الإسباني. لكن حتى هذا الأمر ينطوي على كثير من التعقيدات والتحديات، مثل العمل في ثقافة مختلفة، وبالتالي يكون من الصعب على هذا المدير الفني استغلال الخبرات التي اكتسبها في هذه التجربة عندما يعود للعمل في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وبالتالي، يتمثل البديل في اكتساب الخبرات من خلال العمل كمساعد لمدير فني لأحد الأندية الكبرى، وهو المسار الذي اتخذه أرتيتا عندما عمل مساعداً لغوارديولا في مانشستر سيتي. لكن هناك أيضاً عدداً لا يحصى من المساعدين الذين فشلوا عندما أصبحوا مديرين فنيين، نظراً لأنهم لم يكونوا مسؤولين من قبل عن اتخاذ القرارات النهائية. ويعني كل هذا أنه بغض النظر عن المسار الذي يتخذه أي مدير فني شاب، فإنه سيكون بحاجة دائماً إلى التعلم خلال العمل مديراً فنياً. ومع ذلك، فإن طبيعة كرة القدم الحديثة هي إقالة المدير الفني عندما يواجه الفريق أول بادرة من المتاعب والصعوبات. إنه عالم لا يتحلى بالصبر، ولا يعطي المدير الفني الفرصة للتعلم من الخطأ الذي ارتكبه، ويفضل التضحية بالمدير الفني على الانتظار من أجل التطور والتحسن التدريجي.
فما الذي يعنيه ذلك بالضبط؟ هل يعني هذا أن كل المديرين الفنيين يستحقون بعض الصبر؟ ربما، على الرغم من أنه يمكن أن يتضح سريعاً أن البعض ببساطة لا يناسبون العمل في المواقع التي يوجدون فيها، في حين يتطلب الأمر في مواقف أخرى الانتظار عاماً أو عامين لتقييم المدير الفني ومدى التقدم الذي يحرزه مع الفريق.
لكن ربما يكون الدرس الأكثر وضوحاً هو أن الهياكل المالية لكرة القدم الحديثة تجعل فكرة التقدم البطيء غير قابلة للتطبيق، ومن المرجح أن عدداً قليلاً للغاية من الأشخاص الذين يتولون مسؤولية نادٍ من الأندية الكبرى قد خاضوا الإعداد المناسب لهذه المهمة الصعبة. ويجب أن نؤكد في النهاية أن غوارديولا هو مثال يمكن تفهمه، لكنه أيضاً مثال فريد من نوعه.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».