تونس: تأجيل الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة لحكومة الصيد

جمعة يقدم استقالة وزارته للرئيس

البرلمان التونسي
البرلمان التونسي
TT

تونس: تأجيل الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة لحكومة الصيد

البرلمان التونسي
البرلمان التونسي

أجل البرلمان التونسي جلسته التي كانت مبرمجة اليوم لمنح الثقة لحكومة الحبيب الصيد المعلن عنها منذ يوم الجمعة الماضي، وسيطرت على المشهد السياسي تخوفات جدية من عدم حصولها على الأغلبية المطلقة المقدرة بنحو 109 أصوات من إجمالي 217 صوتا.
في غضون ذلك، قبل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس استقالة حكومة مهدي جمعة، وبذلك تحولت حكومة جمعة إلى حكومة تصريف أعمال طبقا لأحكام الدستور في انتظار تسلم الحكومة الجديدة مهامها.
وقرر محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) إثر اجتماعه أمس مع رؤساء الكتل البرلمانية تأجيل الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة لحكومة الصيد بعد تنامي عدد المعارضين لها بين الأحزاب السياسية، وإعلان حركة النهضة ذات الثقل البرلماني المهم (69 مقعدا) حجب الثقة عنها. إلا أن بعض النواب أرجعوا عملية التأجيل إلى عدم التوصل إلى التصديق على النظام الداخلي للبرلمان.
ولم يمنع مرور سنة على التصديق على الدستور التونسي تحت قبة المجلس التأسيسي واحتفال نواب البرلمان أمس بهذه المناسبة، من الإعلان عن تأجيل الجلسة البرلمانية المخصصة لمنح الثقة للحكومة. بل إن الجدل الحاد تواصل بين أعضاء البرلمان وخاصة ممثلي حركة النهضة وتحالف الجبهة الشعبية (تحالف يساري) بشأن مجموعة من الفصول القانونية المتعلقة بالنظام الداخلي للبرلمان. واضطر الناصر لرفع الجلسة بعد انطلاقها بفترة قليلة للتشاور حول الفصول التي أثارت خلافات بين النواب.
وذكر محمد الطرودي رئيس لجنة النظام الداخلي في البرلمان أن الفصول التي لا تزال محل خلاف هي 57 و75 و92 و118 و128. وأشار إلى أن الخلاف الأكبر كان حول الفصل 118، وهو يتعلق بالطرف المخول لتقديم مقترحات التعديل على مشاريع القوانين واعتماد آلية القرعة بين النواب لتقديم المقترحات.
وكان من المنتظر الانتهاء أمس من مناقشة النظام الداخلي المكون من 163 فصلا قانونيا، ثم التوجه خلال اليوم الموالي (الثلاثاء) للتصديق على الحكومة من قبل البرلمان ومن ثم تنظيم تسلم الحكومة الجديدة الملفات من حكومة جمعة غدا يوم الأربعاء لتبدأ حكومة الصيد في العمل، غير أن إرجاء النظر في النظام الداخلي أثر على مجمل العمليات اللاحقة. وواجهت الحكومة التي يقودها الصيد منذ الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي مجموعة من الانتقادات، وجرى الحديث لاحقا عن وجود صعوبات للحصول على ثقة مجلس نواب الشعب (البرلمان). وتحسبا لتعطيل عملية التصويت لفائدتها، فإن الاتجاه العام بين القيادات السياسية خاصة الممثلة في البرلمان ذهب نحو تأخير جلسة التصديق على الحكومة لمدة يومين أو 3 أيام أخرى لإجراء المزيد من المشاورات مع الأطراف السياسية التي اعترضت على بعض الأسماء المعلن عنها ضمن تركيبة الحكومة.
من جهته، اعتذر كريم سكيك الوزير المعين حديثا على رأس وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي عن تولي هذا المنصب، وذكرت مصادر مقربة من الحكومة الجديدة أنه قدم اعتذارا رسميا إلى رئيس الحكومة غير أنه لم يتلق ردا نهائيا.
وعن الأسباب الخفية الكامنة وراء عملية تأجيل منح الثقة للحكومة، قال المنذر ثابت المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» بأن احتمالات التصويت لصالحها وحصولها على 109 أصوات كانت ضعيفة للغاية وهو ما سيغذي مناخ الصدام بين الأحزاب الممثلة داخل البرلمان.
واعتبر ثابت أن الصيد اعتمد على خارطة مغلوطة في توزيع الحقائب الوزارية مما جعل الحكومة تولد «مجهولة النسب السياسي وعديمة السند البرلماني»، فهي ليست حكومة كفاءات بالمعنى الحقيقي للكلمة، وليست كذلك حكومة تكنوقراط أو ائتلاف سياسي وهذا ما جعلها ترى النور في ظروف غير طبيعية، على حد تعبيره.
وعن الخطوة المقبلة ومجال المناورة المتوفر أمام رئيس الحكومة المكلف، أشار ثابت إلى صعوبة إقناع الأطراف السياسية بمواقف أخرى غير التي أعلنت عنها، وبذلك لم يبق غير إعادة تعيين الصيد من جديد لتشكيل حكومة أخرى في حال فشل المشاورات التي يقودها من جديد، أو الذهاب نحو تكليف شخصية غير الصيد بتشكيل حكومة. ولم يستبعد ثابت فرضية إجراء الصيد تعديلات مبكرة على تشكيلة الحكومة لإنقاذ الموقف، وحتى تحظى بموافقة البرلمان التونسي. ولم تحظ حكومة الصيد برصيد مهم من الثقة منذ أن أعلن عن تشكيلتها، إذ أبدى كل من الجبهة الشعبية وحزب آفاق تونس تحفظاتهما تجاهها قبل أن يعلنا عن عدم التصويت لها، وانضم مجلس شورى حركة النهضة إلى جبهة المعارضة لحكومة الصيد.
وتضم جبهة المعارضة حركة النهضة (69 مقعدا) والجبهة الشعبية (15 مقعدا) وحزب آفاق تونس (8 مقاعد)، إضافة إلى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (4 مقاعد) وحزب التيار الديمقراطي (مقعدان)، وبذلك تتكون جبهة المعارضة للحكومة الجديدة من نحو 98 مقعدا ولم تعلن عدة أطراف سياسية أخرى على غرار المبادرة الدستورية (3 مقاعد) حزب تيار المحبة (مقعدان) عن موقفها من الحكومة الجديدة.
ومن الناحية الحسابية، لم يبق في لائحة مساندي الحكومة سوى حركة نداء تونس (86 مقعدا) والاتحاد الوطني الحر (16 مقعدا) بالإضافة إلى جبهة الإنقاذ الوطني التي يقودها التهامي العبدولي (مقعد واحد)، وحزب صوت الفلاحين (مقعد واحد) إلى جانب 3 مقاعد لمستقلين، وهذا ما يوفر للحكومة فقط 107 مقاعد، وهو عدد غير كاف من الناحية الدستورية للحصول على ثقة البرلمان.
ومما زاد في تعقيد وضعية الحكومة الجديدة أن 4 من نواب حركة نداء تونس أبدوا بدورهم خلال الجلسة التي عقدوها أول من أمس مع الصيد، اعتراضهم عن تشكيلة الحكومة، وهو ما رجح إمكانية تصويتهم ضدها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.