«داعش» يربك العلاقة بين أميركا والميليشيات في العراق

تضارب حول هجوم «جرف الصخر» جنوب بغداد

نائب قائد قيادة العمليات المشتركة العراقية عبد الأمير الشمري يتفقد قطعات عسكرية في القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (رويترز)
نائب قائد قيادة العمليات المشتركة العراقية عبد الأمير الشمري يتفقد قطعات عسكرية في القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (رويترز)
TT

«داعش» يربك العلاقة بين أميركا والميليشيات في العراق

نائب قائد قيادة العمليات المشتركة العراقية عبد الأمير الشمري يتفقد قطعات عسكرية في القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (رويترز)
نائب قائد قيادة العمليات المشتركة العراقية عبد الأمير الشمري يتفقد قطعات عسكرية في القائم على الحدود مع سوريا أول من أمس (رويترز)

لم ينفع النفي الأميركي فيما يتعلق بما حصل في منطقة «جرف الصخر» شمالي محافظة بابل جنوب بغداد من قصف الليلة قبل الماضية بدا في أول الأمر أنه من طائرات مجهولة. الرد الرسمي العراقي حول ما جرى تأخر طوال الليل وكثرت الشائعات بشأن المستهدف ونوع الاستهداف.
«جرف الصخر» التي تقع تحت سيطرة «كتائب حزب الله» القريبة من إيران بدت بيئة خصبة لتداول مختلف أنواع الشائعات طوال الليلة وحتى صباح أمس (الثلاثاء). خلية الإعلام الأمني أعلنت في بيان لها أن تنظيم «داعش» هو من قام بقصف أبراج الطاقة الكهربائية الواقعة بالقرب من تلك المنطقة.
الأسباب التي رفعت سقف التوقعات والمخاطر المترتبة عليها معاً ناتجة عن خشية الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق من احتمال قيام الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتوجيه ضربة إلى مواقعها المنتشرة في العراق. تنظيم «داعش» الذي قيل إنه تولى عملية قصف وتدمير أبراج الطاقة في تلك المنطقة دون صدور نفي أو تأكيد منه، خَلَطَ الأوراق على الطرفين؛ نفياً من الولايات المتحدة الأميركية وتأكيداً من الفصائل المسلحة. لكن اللافت في الأمر أن المواقع والوكالات المقربة من الفصائل المسلحة نفت أن يكون القصف الأميركي قد طال مواقعها وإنما أحد ألوية الجيش العراقي، مشيرة إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوات المسلحة العراقية.
في الأثناء سارع أحد مراجع الشيعة الكبار وهو كاظم الحائري، المقيم في إيران، إلى إصدار بيان أدان فيه ما سماه «القصف الأميركي على مواقع الجيش العراقي». وأضاف الحائري في بيانه الذي جاء على شكل فتوى دينية أنه «يحرم إبقاء القوات الأميركية وحلفائها ولا بد من العمل الجاد لصون أرضنا وحفظ حرماتنا، فلا شرعية لهذه القوات على أراضينا».
ومما فاقم المخاوف من احتمال قيام ترمب عشية انتهاء ولايته بتنفيذ ضربة الشائعات التي رافقت تفجير أبراج الطاقة عن طيران حربي كثيف في سماء بغداد أو في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا خصوصاً منطقة القائم وهو ما لم يحصل لكن لم يكن هناك موقف رسمي عراقي سواء بالنفي أو التأكيد، الأمر الذي أنعش سوق التكهنات إلى أقصى ما يمكن.
السفارة الأميركية نفت في بيان وجود أفراد وقطعات أميركية، بالقرب من ناحية جرف الصخر. وقال المكتب الإعلامي للسفارة الأميركية عبر تغريدة على حسابه في موقع «تويتر»: «يمكننا تأكيد عدم وجود أفرادٍ أو قطعات أميركية بالقرب من جُرف الصخر». وأكدت: «ليس هنالك ضلوع للولايات المتحدة في الحادث المزعوم». من جهته، فإن الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، أشار في بيان إلى أن أحداث جرف الصخر «كانت عملاً تخريبياً من جماعة خارجة عن القانون لأبراج الطاقة». والوصف الذي أطلقه رسول على من تولى عملية التفجير بانتمائه إلى جماعة خارجة عن القانون ينفي ضمناً فرضية أن يكون تنظيم «داعش» وراء العملية.
لكنّ خلية الإعلام الأمني، وبخلاف فرضية الناطق العسكري، اتهمت تنظيم «داعش»، وقالت في بيان إن «بعض أبراج نقل الطاقة الكهربائية في منطقة البهبهاني شمالي محافظة بابل تعرضت لاعتداء وتخريب من عناصر عصابات (داعش) الإرهابية، وفسّرها البعض على أنها قصف طائرات حربية». وأشار البيان إلى أن «القوات الأمنية باشرت بعملية تفتيش بحثاً عن العناصر التي أقدمت على هذا العمل الإرهابي».
وفي هذا السياق، يقول الخبير الأمني سرمد البياتي، لـ«الشرق الأوسط» إن «عمليات تفجير الأبراج هي قائمة منذ فترة وقد تمّت عدة عمليات في هذا الشأن بدءاً من المناطق الغربية في العراق مثل القائم وغيرها ومن ثم تحولت إلى محافظة ديالى، والآن انتقلت إلى منطقة جرف الصخر جنوب بغداد»، مبيناً أن «هذه العمليات هي في الواقع أسلوب جديد من أجل إثارة ضغينة المواطن حيال الدولة». وأوضح البياتي أن «تنظيم (داعش) وبعد أن بان عجزه عن مواجهة القوات الأمنية لجأ إلى هذا الأسلوب في تدمير البنى التحتية».
وحول عمليات الشد والجذب التي حصلت وسرعة انتشار الشائعات بشأن ما حصل، يقول البياتي إن «السبب في ذلك يعود إلى تأخر الجهات الرسمية في إصدار بيان يوضح الحقائق، الأمر الذي يقطع الطريق أمام الجهات التي تستغل مثل هذه القضايا لصالحها».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».