تحرك دياب {لن يفتح ثغرة} لتشكيل حكومة جديدة في لبنان

من لقاء الرئيسين دياب والحريري (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيسين دياب والحريري (دالاتي ونهرا)
TT

تحرك دياب {لن يفتح ثغرة} لتشكيل حكومة جديدة في لبنان

من لقاء الرئيسين دياب والحريري (دالاتي ونهرا)
من لقاء الرئيسين دياب والحريري (دالاتي ونهرا)

قالت مصادر سياسية مواكبة للتحرك الذي قام به رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب باتجاه رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والمكلّف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري، بأنه من غير الجائز تحميل لقاءاته أكثر مما تحتمل، والتعاطي معها على أنها أدت إلى فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي اصطدمت به مشاورات تأليف الحكومة، وأكدت بأن إعادة الروح إليها وتفعيلها هي بيد رئيس الجمهورية الذي يُفترض به أن يجيب على التشكيلة الوزارية التي عرضها الرئيس المكلّف والتي ردّ عليها بمقاربة بقيت في حدود إعادة النظر في توزيع الحقائب على الطوائف اللبنانية من دون أن يقرنها بتسمية الوزراء الذين ستوكل إليهم الوزارات.
ولفتت المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تفعيل المشاورات لتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين ومستقلين من غير المحازبين بات في عهدة عون، وقالت بأن المشكلة لا تُحل بعقد لقاء مجاملة بين عون والحريري الذي قام بكل ما يتوجب عليه، وإنما في مدى استعداد رئيس الجمهورية للتعاون معه لإخراج البلد من الفراغ القاتل والانتقال به إلى مرحلة الانفراج، خصوصاً أن كل ما أُشيع حول التشكيلة الوزارية التي عرضها عليه الحريري لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، وأن مجرد الإعلان عن أسماء المرشحين لدخول الحكومة يتيح للرأي العام الاطلاع عليها للتأكد بأن كل ما قيل عنها ليس في محله.
ورأت بأن عون هو من أوقف مشاورات التأليف بعد 14 جولة من المشاورات بدلاً من أن يجيب على التشكيلة الوزارية التي سلّمه إياها الحريري، وسألت «من كان وراء تفخيخ الأجواء التي أدت إلى القطيعة بين عون والحريري؟ وهل أن ما صدر عن رئيس الجمهورية باتهام الرئيس المكلف بالكذب والذي أعقبه رئيس (التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل بشن حملة شعواء على الرئيس المكلف يخدم الجهود الرامية إلى إنقاذ البلد بتبنّي المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟».
كما سألت عن الأسباب الموجبة لاستمرار الحملات الإعلامية والسياسية من قبل التيار السياسي المحسوب على عون - باسيل ضد الحريري؟ وكأن الأخير يتحمل مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، مع أن العائق الوحيد هو من يرعى هذه الحملات، في حين يلوذ رئيس الحكومة وتياره السياسي بالصمت؛ لأن البلد لا يحتمل المزيد من التأزيم.
واستغربت المصادر نفسها مما يردّده عون وتياره السياسي حول اعتماد وحدة المعايير وتطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب على الطوائف، في حين وافق هو شخصياً على استثناء وزارة المال من المداورة والإبقاء عليها من الحصة الشيعية كما ورد في مقاربته لإعادة توزيع الحقائب على القوى السياسية.
وقالت بأن الحريري عندما قرر انتخاب عون رئيساً للجمهورية لم يتخذ قراره إلا لمنع استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى لإعادة انتظام العمل في المؤسسات الدستورية من جهة ولوقف انهيار البلد، وأكدت بأن موقفه انسحب على إجراء الانتخابات النيابية بعد التمديد للبرلمان وعلى أساس اعتماد قانون انتخاب كان يُدرك سلفاً بأنه سيخسر عدداً من المقاعد النيابية، ورأت بأن الحريري سيتخذ الموقف نفسه في حال أي فراغ من شأنه أن يعيق الجهود لإنقاذ البلد.
وأكدت بأن المبادرة الفرنسية ما زالت قائمة، وأن عدم تحريكها لا يعني أبداً سحبها من التداول، وكشفت عن أن الحريري على تواصل دائم مع القيادة الفرنسية رهاناً منه على أن لا بديل عنها لإنقاذ البلد، وسألت «من كان وراء تعطيل جلسات مجلس الوزراء ومنعها من الإنتاجية كما يجب؟ ألم يكن باسيل وفريقه السياسي؟».
وبالنسبة إلى تحرك دياب باتجاه الرؤساء الثلاثة، قالت المصادر بأنه أراد من تحركه أن يمرر أولاً رسالة تضامن مع الحريري ولو جاءت متأخرة على خلفية اتهام عون له بالكذب في حضور دياب في ضوء التساؤلات التي طُرحت حول عدم ردّه على هذا الاتهام، وثانياً، إعلام من يعنيهم الأمر بأن حكومة تصريف الأعمال غير قادرة على الاستمرار في ظل تراكم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع منسوب الإصابات بوباء فيروس كورونا بعد أن تجاوزت الخطوط الحمراء، وهذا ما يستدعي الإسراع بتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد.
لذلك؛ فإن الانتقال إلى مرحلة الانفراج بتشكيل الحكومة كان ولا يزال في عهدة عون الذي عليه أن يجيب على التشكيلة الوزارية التي أودعه إياها الحريري الذي يتواصل باستمرار مع البطريرك الماروني بشارة الراعي تقديراً منه لمواقفه ومحاولاته الدؤوبة لإخراج مشاورات التأليف من المراوحة، وصولاً إلى توفير الأجواء لتسهيل ولادة الحكومة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم