وزير الدفاع ورئيس الأركان التركيان يبحثان في بغداد العلاقة المستقبلية

TT

وزير الدفاع ورئيس الأركان التركيان يبحثان في بغداد العلاقة المستقبلية

بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس الأركان يشار غولر، القضايا المشتركة بين بغداد وأنقرة، مع كبار المسؤولين العراقيين، بمن فيهم رئيسا الجمهورية برهم صالح والوزراء مصطفى الكاظمي، فضلاً عن وزير الدفاع جمعة عناد، ورئيس الأركان عبد الأمير رشيد يارلله.
وطبقاً لأجندة الزيارة، فإن خلوصي سيناقش مع المسؤولين العراقيين قضايا مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون بين البلدين في الميادين الأمنية واللوجستية. وتأتي زيارة المسؤولين التركيين إلى بغداد بعد نحو أقل من شهر على الزيارة التي قام بها إلى أنقرة، وبحث خلالها مسائل التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والتجاري، فضلاً عن ملف المياه بين البلدين، بعد قرار أنقرة بدء ملء سد إليسو على نهر دجلة.
وحول أهمية زيارة وزير الدفاع التركي ورئيس الأركان، يقول رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، الدكتور إحسان الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الزيارة يغلب على طابعها الملف الأمني العسكري، خصوصاً أن تركيا لا تزال مستمرة في وضع حزب العمال الكردستاني، ووجودهم في الأراضي التركية ضمن الشريط الحدودي، في إطار أهدافها وعملياتها العسكرية»، مشيراً إلى أن «هذا الموضوع له أهمية كبيرة بلا شك، ما يستدعي مناقشته مع الجهات العراقية الرسمية، سواء في مجال التنسيق أو التفاهمات، وكذلك في مسألة التعاطي مع (تنظيم داعش) وتداعيات الأرض السورية وانعكاساتها على الجانب العراقي، ولا سيما أن تركيا لا تزال تركز على وجود القوات التركية وامتداداتها إلى سنجار».
وأكد الشمري أن «هناك قضية مهمة أخرى، وهي في مجال التعاون الاستخباري بين البلدين وملاحقة المطلوبين في أراضي البلدين». وأوضح الشمري أن «من بين المسائل الأخرى التي من المتوقع أن تأخذ حيزاً من النقاش بين الجانبين خلال هذه الزيارة هي قضايا المنطقة وإمكانية تبادل وجهات النظر، أو إذا كان بالإمكان توحيد وجهات النظر في قسم منها، ولا سيما مجال التصعيد الجاري في المنطقة».
وبيّن الشمري أن «هذه الزيارة وما سوف يترتب عليها من نتائج تأتي في الواقع استكمالاً للمباحثات التي أجراها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال زيارته إلى تركيا، الشهر الماضي، وبالتالي فهي مؤشر على وجود علاقات جديدة طبقاً للخزين الذي يملكه الكاظمي مع أنقرة ودوائر صنع القرار هناك».
وفي الوقت الذي تعد تركيا الشريك التجاري الأول للعراق، بواقع 12 مليار دولار سنوياً، وبذلك تتفوق على إيران تجارياً، فإن العلاقات السياسية بين البلدين كثيراً ما تشهد توترات في ميادين مختلفة، في المقدمة منها ملف مكافحة الإرهاب ووجود عناصر حزب العمال الكردستاني داخل العراق، وملف المياه، فضلاً عن قضايا المنطقة.
وكانت أنقرة أطلقت عمليتين عسكريتين داخل أراضي إقليم كردستان، في شهر يونيو (حزيران) الماضي ضد عناصر «العمال الكردستاني» حيث أطلقت على العملية الأولى، وهي جوية، اسم «مخلب النسر»، والثانية عملية برية في منطقة حفتانين، اسم «مخلب النمر». ورغم إدانة العراق للعمليتين عبر قيام وزارة الخارجية بتسليم مذكرتي احتجاج إلى السفير التركي في بغداد، وكانتا «شديدتي اللهجة»، فإن عمليات القصف التركي للأراضي العراقية مستمرة في عدة مناطق، وأدت إلى وقوع خسائر مادية وبشرية. ورغم التوتر السياسي الذي لا يكاد يهدأ بين البلدين، فضلاً عن ملف المياه الشائك والمستمر منذ عقود، فإن تركيا تعلن دائماً أنها تخطط لرفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 20 مليار دولار.
وكان السفير العراقي السابق لدى تركيا حسن الجنابي، الذي أحيل على التقاعد قبل نحو شهر، أشار إلى وجود ملف قانوني شائك، بعضه يتعلق بأموال عراقية مجمدة وفرص الاستثمار ومكافحة أنشطة غسل الأموال ومتطلبات التعاون والتنسيق في هذا الإطار، فضلاً عن القضايا المتعلقة بأبناء الجالية العراقية في تركيا، حيث منهم من يمتلك إقامة قانونية، ومنهم من لا يمتلك، وهي من القضايا الأمنية التي تحتاج إلى بحث بين الجانبين. وكانت تركيا ألغت عام 2016 العمل بالاتفاقية السابقة مع العراق لمنح التأشيرات في المطارات والمنافذ الحدودية، واستبدلتها بالتأشيرة الإلكترونية، وتحولت في 2020 إلى تأشيرة لاصقة، وهو أمر يعمل عليه الجانب العراقي لجهة تفعيل الاتفاقات السابقة بين البلدين.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».