الأحزاب الدينية تتوسط لمصالحة «الليكود» مع ساعر وبنيت

ساعر ونتنياهو من تحالف عام 2012 إلى افتراق قبل الانتخابات المقبلة (غيتي)
ساعر ونتنياهو من تحالف عام 2012 إلى افتراق قبل الانتخابات المقبلة (غيتي)
TT

الأحزاب الدينية تتوسط لمصالحة «الليكود» مع ساعر وبنيت

ساعر ونتنياهو من تحالف عام 2012 إلى افتراق قبل الانتخابات المقبلة (غيتي)
ساعر ونتنياهو من تحالف عام 2012 إلى افتراق قبل الانتخابات المقبلة (غيتي)

خرج رئيس حزب «اليهود المتدينين الشرقيين» (شاس)، وزير الداخلية أريه درعي، أمس الأحد، بحملته الانتخابية الجديدة، واضعاً في مركزها «خطة عمل»، جدواها «إجراء مصالحة شاملة في صفوف أحزاب اليمين تضمن تشكيل حكومة يمين صرف برئاسة بنيامين نتنياهو»، أيضاً، بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي ستجري في 23 مارس (آذار) المقبل.
وقال درعي، خلال مهرجان افتتاح المعركة الانتخابية، أقيم بواسطة تطبيق إلكتروني، إن حزبه أثبت أنه «الأكثر إخلاصاً لليمين. فرغم فيروس الخلافات والانشقاقات الذي يضرب عظم كل الأحزاب، وعدواه التي تصيب اليسار واليمين، فإن (شاس) متماسكة وقوية وباتت السند لأحزاب اليمين. ولهذا فإنني أبشركم بأننا إذا كنا أقوياء بعد الانتخابات، فسنبادر إلى مصالحة شاملة في اليمين. وسأعمل على إعادة صديقي غدعون ساعر، رئيس حزب (أمل جديد) إلى صفوف (الليكود)، وكذلك سأعيد صديقي نفتالي بنيت، رئيس (يمينا)، إلى صفوف التحالف اليميني. وعندها، نقيم حكومة يمين قوية تطبق سياسة اليمين بلا تشويش».
وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل واسعة، ما بين رؤيته «شيئاً غير واقعي» و«مجرد دعاية انتخابية على طريقة (شاس)»، ومن اعتبرها دعوة مسؤولة جاءت لخدمة اليمين، وهناك من رأى فيها «أمنية درعي ونتنياهو، لأنها ترمي إلى إقامة حكومة يمين تسن قوانين تجمد محاكمة نتنياهو ورئيسي الحزبين المتدينين، أريه درعي رئيس (شاس)، ويعقوب ليتسمان، رئيس (يهدوت هتوراة)، في ملفات الفساد».
وسارع حزب ساعر إلى إصدار بيان يشيد فيه بـ«نوايا درعي الطيبة»، ولكنه يرفض الفكرة ويقول إن «غالبية الجمهور في إسرائيل يريد التخلص من حكم نتنياهو، وهذا لا يضر باليمين، بل بالعكس فإنه يجدد الحيوية في حكم اليمين». يذكر أن مقربين من نتنياهو، أكدوا، أمس، أنه سيباشر حالاً بعد الانتخابات، الجهود للحصول على حصانة برلمانية تمنع محاكمته.
كانت إسرائيل قد شهدت، ليلة (السبت/ الأحد)، مظاهرات ضد نتنياهو بمشاركة آلاف الإسرائيليين، ترفع شعار «ارحل»، وذلك للأسبوع الـ30 على التوالي. وقد اعتبرت هذه المشاركة، رغم الإغلاق الشامل، نجاحاً كبيراً. وبدأت هذه المظاهرات منذ ظهيرة يوم الجمعة، وتجددت السبت طيلة النهار، عند عدد من الجسور والمفترقات من شمال البلاد حتى الجنوب، وبضمنها مظاهرة أمام منزل عائلة نتنياهو في مدينة قيسارية.
واختتمت بمظاهرة رئيسية كبيرة أمام مقر إقامة نتنياهو الرسمي، في شارع بلفور وسط مدينة القدس الغربية. ورفع المتظاهرون الأعلام السوداء وشعارات مثل «نتنياهو فاسد كبير» و«إسرائيليون يريدون إنقاذ البلد من الفساد».
واتهمت حركة «الرايات السوداء» التي تقود هذه المظاهرات، نتنياهو، بـ«توظيف أزمة (كورونا) سياسياً؛ للهروب من تهمه الجنائية ومن المحاكمة، والحفاظ على مقعده». ودعت «الرايات السوداء» إلى المشاركة بالتظاهرات، «حتى لا يأخذ نتنياهو دولة بأكملها رهينة للهروب من العدالة».
تجدر الإشارة إلى أن المعسكر المضاد لنتنياهو من أحزاب الوسط واليسار والعرب، يعاني من تفكك واسع، يصب في مصلحة اليمين بشكل كبير. وقد خرج رئيس حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، بدعوة إلى توحيد صفوفها، لكنها رفضت دعوته، وذكرته بأنه هو الذي فكك المعسكر بعد الانتخابات الأخيرة، في السنة الماضية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.