مقتل العشرات في نزاع أهلي بإقليم دارفور السوداني

انفلات الأمن في مدينة «الجنينة» وتواصل القتال لليوم الثاني على التوالي

أحداث عنف سابقة شهدتها مدينة الجنينة بأحد معسكرات اللاجئين في ديسمبر 2019 (أ.ب)
أحداث عنف سابقة شهدتها مدينة الجنينة بأحد معسكرات اللاجئين في ديسمبر 2019 (أ.ب)
TT

مقتل العشرات في نزاع أهلي بإقليم دارفور السوداني

أحداث عنف سابقة شهدتها مدينة الجنينة بأحد معسكرات اللاجئين في ديسمبر 2019 (أ.ب)
أحداث عنف سابقة شهدتها مدينة الجنينة بأحد معسكرات اللاجئين في ديسمبر 2019 (أ.ب)

تواصلت أعمال العنف في مدينة «الجنينة»، بولاية غرب دارفور، لليوم الثاني على التوالي. وبحسب شهود عيان، فإن العشرات سقطوا في شوارع المدينة بين قتيل وجريح، وما تزال أصوات الرصاص تسمع في أنحاء المدينة أقصى إقليم دارفور.
وتعد هذه العملية أول حدث من نوعه بعد انتهاء مهمة حفظ السلام الأممية في دارفور (يوناميد)، وإيقاف عملياتها في الإقليم المضطرب، فيما ذكرت إحصاءات رسمية أن عدد القتلى وصل حتى أمس إلى 48 قتيلاً، كما أصيب وجرح 97 شخصاً، حسب وكالة الأنباء السودانية (سونا).
وقالت شاهدة عيان، تحدثت لـ«الشرق الأوسط» هاتفياً أمس، إن القتال بين المجموعات ما يزال مستمراً حتى مساء أمس، وإن أصوات الرصاص ما تزال تسمع في أنحاء متعددة من المدينة، بعد أن تم خرق حظر التجوال الذي فرضته السلطات أول من أمس. وشهدت أسواق المدينة عمليات حرق وتخريب ونهب واسعة.
وأوضحت إنعام محمد (شاهدة عيان) أن عدد القتلى حتى أمس تجاوز المائة قتيل، وأن هناك كثيراً من الجثث التي لم يتم حصرها، وأن عدداً كبيراً من الجرحى غير محصور، في وقت تواجه فيه السلطات الطبية صعوبات جمة لإسعاف وتقديم الخدمات الصحية للجرحى والمصابين.
وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إن أعمال العنف اندلعت في المدينة على خلفية «مشاجرة» بين شخصين خلفت قتيلين، وجرح آخرين، بيد أن شهود العيان أكدوا أن المشاجرة تطورت إلى قتال ضار بين مجموعتين إثنيتين في المدينة.
وذكرت «لجنة أطباء السودان المركزية»، في بيان لها أمس، أن 48 شخصاً على الأقل لقوا مصرعهم، وجرح 97 آخرون، حتى أول من أمس. وتوقعت تزايد أعداد القتلى والجرحى، وذلك في أول حادث عنف من نوعه بعد خروج بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد).
ووجهت اللجنة المهنية التي دأبت على نقل أخبار ضحايا العنف منذ أيام الحراك الثوري، قبيل سقوط نظام الرئيس عمر البشير، نداءً عاجلاً لحكومة الولاية لتأمين المرافق الصحية، وتوفير وسائط النقل، وحمايتها بقوات نظامية، ومعالجة النقص في الكوادر الطبية، وتمكينها من الوصول للجرحى العالقين في مناطق ما تزال الاشتباكات مستمرة فيها.
ووصف هيئة «محامي دارفور»، وهي هيئة نقابية مهنية ينتمي لها المحامون من أبناء الإقليم، في بيان لها، ما تشهده مدينة الجنينة بـ«الأحداث المؤسفة»، ودعت لتسريع عمليات نزع السلاح في دارفور، وبسط هيبة الدولة، والتحقيق في الأحداث التي تطورت عن جريمة جنائية عادية تم القبض فيها على الجاني، لكن حولتها مجموعات أطلقت عليها «المتربصين» إلى قتال إثني.
وأدانت الهيئة ما وصفته بـ«نشر الذعر في الجنينة، ومحاصرة معسكر ومنطقة كرنديق، وما حولها، وممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان، وتفشي أعمال السلب والنهب في المدينة».
وأصدر رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، أول من أمس، قراراً عاجلاً بإرسال وفد، برئاسة النائب العام تاج السر الحبر، إلى الجنينة، وبمعيته ممثلين للأجهزة الأمنية والعسكرية، للتحقيق في الأحداث، وإصدار التوجيهات اللازمة، واحتواء القتال الدائر هناك. وينتظر أن ينتقل الوفد إلى الولاية في غضون الساعات المقبلة.
وفرضت سلطات الولاية حظر التجوال لأجل غير مسمى نتيجة لأحداث العنف، وفوضت بموجبه القوات الأمنية باستخدام القوة في حسم خرق القانون.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 حرباً بين القوات الحكومية التابعة للرئيس المعزول عمر البشير وحركات مسلحة متمردة محلية أدت لمقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد أكثر من 2.5 مليون بين لاجئ ونازح.
وكونت الأمم المتحدة واحدة من أكبر بعثاتها لحفظ السلام في العالم، عرفت باسم البعثة المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة واشتهرت اختصاراً بـ«يوناميد». بيد أن مجلس الأمن الدولي قرر إنهاء مهمة البعثة ابتداء من يناير (كانون الثاني) الحالي، بعد توقيع الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة إثر إطاحة البشير اتفاقية سلام مع الحركات المسلحة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ونصت الاتفاقية الموقعة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة على تشكيل قوات مشتركة من القوات الحكومية والحركات تحمل اسم «القوى الوطنية لاستدامة السلام في دارفور»، لتقوم بمهام حفظ السلام وحماية المدنيين، بصفتها قوة بديلة لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الإقليم.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.