تونس: المشيشي أمام اختبار الاحتجاجات والثقة بتعديله الوزاري

جانب من المواجهات الليلية بين الشبان المحتجين والأمن بالعاصمة التونسية (غيتي)
جانب من المواجهات الليلية بين الشبان المحتجين والأمن بالعاصمة التونسية (غيتي)
TT

تونس: المشيشي أمام اختبار الاحتجاجات والثقة بتعديله الوزاري

جانب من المواجهات الليلية بين الشبان المحتجين والأمن بالعاصمة التونسية (غيتي)
جانب من المواجهات الليلية بين الشبان المحتجين والأمن بالعاصمة التونسية (غيتي)

شهدت تونس، الليلة قبل الماضية، مواجهات عنيفة بين الشرطة وشبان اندلعت في 6 مدن على الأقل، بينها العاصمة تونس ومدينة سوسة الساحلية، وسط سخط على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب.
وتأتي هذه المواجهات العنيفة مع إحياء تونس الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي احتجاجاً على الفقر وتفشي البطالة، وفجرت انتفاضات الربيع العربي. وتمثل هذه الاحتجاجات اختباراً حقيقياً لحكومة هشام المشيشي الذي قرر (السبت) إجراء تعديل وزاري واسع شمل عدة وزارات، بينها الداخلية والعدل والطاقة، علماً بأنه يواجه أيضاً تحدي نيل الثقة على هذه التعديلات أمام البرلمان.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد الحيوني، إن مجموعات من الشبان صغار السن تعمد كل ليلة مباشرة إثر دخول فترة حظر التجول المفروض بسبب جائحة كورونا حيز التنفيذ إلى إشعال العجلات المطاطية، ومهاجمة الأملاك الجماعية والخاصة، دون أن ترفع شعارات واضحة تتضمن مطالب بعينها.
وأضاف أنه تم توقيف العشرات من الشبان خلال المواجهات، مشيراً إلى أن بينهم قاصرين جرى الاستماع إلى أقوالهم في ظروف قانونية خاصة، على حد تعبيره.
وانتقد الحيوني هذه الاحتجاجات، قائلاً إنها «لا ترتبط بأي علاقة مع الاحتجاجات السلمية التي تدور خلال ساعات النهار؛ أحداث الشغب التي تتم ليلاً غير قانونية، وتتم مساءلة كل من يشارك فيها».
وعد أن التعدي على واجهات البنوك، وخلع بعض المساحات التجارية، ورمي قوات الأمن بالزجاجات الحارقة، أعمال لا يمكن إدراجها ضمن المطالب الاجتماعية الشرعية التي يحميها القانون التونسي.
وتمثل هذه الاحتجاجات تحدياً للمشيشي الذي قرر إجراء تعديل وزاري لقي ردود فعل سياسية متباينة. فقد قال هشام العجبوني، النائب في البرلمان عن الكتلة الديمقراطية المعارضة (تضم حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب)، إن التعديل الوزاري كان متوقعاً، وهو يندرج في إطار الصفقة التي أُبرمت بين المشيشي ونبيل القروي رئيس حزب «قلب تونس»، وراشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة»، قبل منح حكومة المشيشي ثقة البرلمان، على حد قوله.
وأضاف أن هذه «الصفقة» هي التي حتمت ضرورة القيام بتعديل وزاري يخص الحقائب التي تُحسب على الرئيس التونسي قيس سعيد، إذ تم التخلي عن الوزراء المتهمين بالموالاة لرئيس الجمهورية أو الذين أيدهم خلال تشكيل حكومة المشيشي.
واتهم العجبوني، في تصريح إعلامي، رئيس الحكومة بإجراء تعديل وزراي عميق دون تقييم للعمل الحكومي الذي كان من المفروض القيام به خلال جلسة عامة بالبرلمان يوم 18 ديسمبر (كانون الأول)، إثر مرور 100 يوم على تولي المشيشي رئاسة الحكومة.
وأشار إلى أن التعديل الوزاري تم الإعلان عنه دون إطلاع أعضاء البرلمان على البرامج الجديدة والرؤى الحكومية والاستراتيجيات التي تستجيب لمطالب التنمية والتشغيل، على حد تعبيره.
ومن المنتظر أن يحدد مجلس البرلمان التونسي، اليوم (الاثنين)، موعداً لعرض التعديل الوزاري المقترح على الجلسة العامة للحصول على ثقة أعضاء البرلمان.
ويتجه المشيشي حالياً للتفرغ للإشكال الرئيسي، وهو نيل الأصوات اللازمة (أغلبية 109 أصوات) لنيل ثقة البرلمان، ومن المنتظر التصويت على كل حقيبة وزارية على حدة، وهو ما يجعل رئيس الحكومة أمام حتمية إقناع حزامه البرلماني الذي منحه ثقته قبل 4 أشهر بأن يعيد الكرة، ويمنح وزراءه الـ11 الثقة، كلاً على حدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.