الأردن: الحكومة في مواجهة النواب مجدداً

TT

الأردن: الحكومة في مواجهة النواب مجدداً

لم تكد الحكومة الأردنية، تلتقط أنفاسها، في أعقاب ماراثون الثقة النيابية، الذي انتهى الأربعاء الماضي، حيث عادت لتجلس تحت جبهة النقد النيابي، مجددا، على خلفية تقدمها ببيان الموازنة العامة لسنة 2021، وهو ما كان نواب مستعدين له بسلة مطالب شعبية.
وفِي الوقت الذي تتشكل فيه جبهة نيابية معارضة لقانون الموازنة العامة، ارتفعت حدة النقد النيابي أمام البيان الحكومي الذي كشف عن ارتفاع قيمة العجز في الموازنة، متوقعا أن تلجأ الحكومة مجددا للاقتراض خلال العام الحالي لسد العجز.
وكان رئيس الحكومة بشر الخصاونة تعهد الأربعاء الماضي، خلال رده على مناقشات أعضاء مجلس النواب، بأن السنة المالية الحالية لم تشهد إقرار ضرائب جديدة أو رفعا للرسوم والجمارك، كما أكد أن حكومته لن تلجأ للاقتراض لتغطية النفقات الجارية.
وفِي حين طالب رئيس اللجنة المالية النائب نمر العبادي، بإحالة القانون للجنة، كاشفا عن ملاحظات جوهرية، أكد أن عجز الموازنة «غير مقبول»، وذلك بعد تأكيدات ساقها وزير المالية محمد العسعس، حول الموازنة العامة التي وصفها بأنها «الأصعب» في تاريخ البلاد.
وكشف العسعس عن توسع الفارق في دخول المواطنين، وتراجع التجارة مع الخارج، وتراجع حوالات الأردنيين من الخارج، وانخفاض كبير في إيرادات قطاع السياحة، معتبرا أن نسبة البطالة التي بلغت 22 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، هي مقلقة وغير مسبوقة، متوقعا ارتفاع إجمالي الدين العام إلى 27 مليار دينار، بنسبة 88.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لافتا إلى أن عودة النمو في الإيرادات المحلية يعتمد على فرضية عدم تطبيق إغلاقات خلال 2021.
وتزامنت مواجهة الحكومة والنواب على خلفية مشروعي قانوني الموازنة والوحدات الحكومية، مع هجمة نيابية طالبت بإلغاء قانون الدفاع في البلاد، بعد ظهور سبعة وزراء في إيجاز صحافي هددوا بعودة الحظر الشامل، إذا استمر ضعف التزام المواطنين بالتباعد الجسدي وارتداء الكمامة.
وتصدرت تصريحات وزراء الداخلية والإعلام والأوقاف والصناعة والتجارة والعمل والصحة والسياحة، صفحات المواقع الاجتماعي بعد تصريحات وصفت بـ«الاستعلائية»، خصوصاً بعد تحذيرات الوزراء بالعودة إلى الحظر الشامل على خلفية انتهاكات واسعة لمواطنين ظهروا في الأسواق الشعبية. وطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن يلتزم الوزراء أنفسهم بتلك التعليمات، مستذكرين مظاهر المخالفات التي ارتكبها وزراء ونواب خلال الفترة الأخيرة، رافضين استخدام لغة التهديد، وتطبيق أحكام القانون الذي تتراخى الحكومة وأجهزتها التنفيذية، عن تنفيذ أحكامه التي تلزم المخالفين بدفع مخالفات مالية، وتحت طائلة الحبس في حال تكرار نفس المخالفة.
فِي السياق، انتقد رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية مستقلة ماليًا وإدارياً) رحيل غرايبة، استمرار العمل بقانون الدفاع، وكتب على صفحته في موقع (فيسبوك)، أن «أوامر الدفاع أعادتنا خمسين سنة للوراء».
وانتقد الغرايبة، القيادي السابق في صفوف جماعة الإخوان المسلمين الذي انشق عنهم إثر خلافات حادة، الوزراء الذين ظهروا في الإيجاز الصحافي متوعدين المواطنين، «أن لهجة المسؤولين جاءت محشوة بالاستخفاف بخلق الله»، متسائلا «متى سنتحرر من خطاب القطيع!».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».