انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة وقود لتعزيز السوق السوداء وابتزاز الشرعية

اتهامات لقادة الجماعة بتخزين كميات ضخمة في مستودعات خاصة

يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة وقود لتعزيز السوق السوداء وابتزاز الشرعية

يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون في سوق وسط صنعاء (إ.ب.أ)

عادت الميليشيات الحوثية من جديد إلى افتعال أزمة وقود في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، وسط اتهامات متكررة للجماعة بوقوفها وراء تجدد الأزمة في مسعى منها لتعزيز السوق السوداء والضغط على الحكومة الشرعية للاستمرار في نهب إيرادات ميناء الحديدة.
وأكدت مصادر يمنية مطلعة أن غالبية محطات الوقود في العاصمة صنعاء أغلقت أبوابها أمام المواطنين منذ أيام قليلة بناء على تعليمات تلقاها ملاك المحطات من قادة حوثيين، وقالت إن صنعاء العاصمة شهدت منذ إغلاق المحطات أبوابها بشكل مفاجئ أزمة خانقة في الوقود حيث بات شبه منعدم.
ويقول سكان في العاصمة، إن استمرار وقوف الانقلابيين المدعومين من إيران في كل مرة وراء افتعال أزمة الوقود من شأنه أن يفاقم إلى درجة كبيرة معاناتهم المعيشية والإنسانية والصحية وصولا إلى أوضاع كارثية.
وتحدث سكان في مناطق مختلفة من صنعاء عن إخفاء الجماعة لكميات كبيرة من المشتقات النفطية في مخازن سرية استحدثتها طيلة فترة الأزمة وما زالت بغية المتاجرة بالوقود وبيعه بأسعار مرتفعة في السوق السوداء.
وأكدوا عودة انتشار الأسواق السوداء بشكل غير مسبوق في مناطق وأحياء صنعاء العاصمة، حيث شوهدت المئات من السيارات والحافلات بكثرة على جنبات الطرقات والشوارع لبيع مشتقات النفط بأسعار قياسية.
وعلى وقع هذه الأزمة، أفاد السكان بأن سعر صفيحة البنزين سعة 20 لترا وصل إلى 14 ألف ريال، فيما ترابط طوابير من السيارات أمام محطات الوقود الرسمية أملا في أن تسمح الجماعة بحصولهم على احتياجاتهم.
وقالوا: «في الوقت الذي شهدت فيه السوق السوداء لبيع الوقود التي تديرها قيادات حوثية نافذة في صنعاء انتعاشا كبيرا، لا تزال طوابير السيارات والدراجات النارية تصطف أمام العشرات من محطات تعبئة المشتقات التي أغلقت أبوابها بناء على أوامر وتوجيهات حوثية».
ويؤكد سائق مركبة نقل في صنعاء، رمز لاسمه بـ(كمال. ع) أن قادة الجماعة يتحملون مسؤولية معاناة السكان المتكررة وصراعهم المستمر وراء البحث عن الوقود لسياراتهم من أجل السعي وراء الرزق لسد جوع وحاجيات أطفالهم وأسرهم.
وأبدى السائق، الذي يركن مركبته في إحدى محطات الوقود وسط صنعاء منذ ثلاثة أيام، تذمره من الاختفاء المفاجئ للوقود بعد توجيهات الجماعة لملاك المحطات بالإغلاق، وما سيعقبه من عودة ارتفاع أسعار الخدمات العامة والسلع الأساسية.
ويأتي وقوف الجماعة مؤخرا وراء افتعال أزمة جديدة للمشتقات في صنعاء وبقية مدن سيطرتها بعد أيام قليلة من إعلانها وصول عدة سفن نفطية إلى ميناء الحديدة ومن ثم إلى المناطق الخاضعة لقبضتها، بالإضافة إلى تدفق مقطورات الوقود باستمرار من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وفي التاسع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت شركة النفط الخاضعة للجماعة في صنعاء عن وصول السفينة «ميورا» المحملة بكمية 14.299 طن من مادة البنزين، إلى ميناء الحديدة، في حين أعلنت الميليشيات قبله بثلاثة أيام، وبالتحديد في الـ25 من الشهر نفسه، عن وصول السفينة النفطية «باكستر» إلى غاطس ميناء الحديدة وعلى متنها 29 ألفاً و475 طناً من البنزين.
كما أعلنت الجماعة أيضا منتصف الشهر نفسه عن وصول السفينة «مليحة» إلى ميناء الحديدة وعلى متنها 4.922 طن من الديزل. إلى جانب وصول سفن أخرى تحمل كميات من المشتقات إلى مناطق سيطرة الجماعة.
وربط مراقبون محليون بين معاودة الجماعة لافتعال أزمة وقود جديدة في صنعاء وبقية مدن سيطرتها وبين مساعيها للعودة مجددا إلى تهريب الوقود الإيراني إلى ميناء الحديدة ومن ثم استخدام عائداته في قتل اليمنيين، في حين اتهم المراقبون الجماعة بأنها تسعى لإنعاش السوق السوداء لإثراء التجار الذين ينتمون إليها من جهة، ومعاودة ابتزاز الحكومة الشرعية بغية التنصل من اتفاقية توريد رسوم المشتقات التي رعتها الأمم المتحدة من جهة ثانية.
وكان رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك ندد في وقت سابق بالابتزاز الحوثي، وطالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح تجاه استخدام الحوثيين للمواطنين والمتاجرة بمعاناتهم كذريعة للتنصل عن الآلية المتفق عليها وتسخير عائدات ضرائب النفط لصرف رواتب موظفي الدولة.
وأكد رئيس الوزراء في تصريحات رسمية أن افتعال الجماعة الانقلابية لأزمة المشتقات النفطية، والتنصل عن تطبيق الآلية المتفق عليها برعاية أممية، محاولة للعودة إلى تهريب الوقود الإيراني واستخدام العائدات لاستمرار تمويل حربها العبثية ضد الشعب اليمني، الذي تعمق معاناته الإنسانية بغرض تحقيق مكاسب سياسية.
‎وقال عبد الملك: «لا بد أن يكون للأمم المتحدة ومبعوثها موقف واضح حيال محاولة الحوثيين الاتجار بمعاناة المواطنين في مناطق الحوثيين عبر افتعال أزمة في المشتقات النفطية لإنعاش السوق السوداء التي تدر عليهم مبالغ طائلة، وما حدث من انفجارات في صنعاء وصعدة لخزانات نفطية وسط أحياء سكنية دليل واضح على ذلك».
وفي وقت سابق أيضا حذر وزير الإعلام والثقافة اليمني معمر الإرياني من انعكاسات استمرار الميليشيات الحوثية في افتعال أزمة المشتقات على ما تبقى من مظاهر الحياة في مناطق سيطرتها.
وقال: «‏ما يقوم به مرتزقة إيران في اليمن من افتعال لأزمة المشتقات يهدف لابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب سياسية، ونهب مدخرات المواطنين في مناطق سيطرتها، وإنعاش السوق السوداء، التي تديرها لصالح تمويل عملياتها التخريبية وحربها ضد اليمنيين واستهداف الأمن الإقليمي والدولي».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.