سلمان بن عبد العزيز.. رجل الفكر وحامل شعار «لنفكر ونبدع»

ثلاثة لا يقبل فيها شفاعة.. الدين.. وأمن الوطن.. وحقوق الناس ودماؤهم وأعراضهم

سلمان بن عبد العزيز.. رجل الفكر وحامل شعار «لنفكر ونبدع»
TT

سلمان بن عبد العزيز.. رجل الفكر وحامل شعار «لنفكر ونبدع»

سلمان بن عبد العزيز.. رجل الفكر وحامل شعار «لنفكر ونبدع»

يعد الملك سلمان بن عبد العزيز، سابع ملوك الدولة السعودية الحديثة ضمن 121 شخصية تاريخية حملت اسم «سلمان»، وهو الذي توج يوم الجمعة الماضي ملكا لواحدة من أكثر الدول العالمية غنى واستقرارا، وتتكئ على تاريخ وإرث حضاري عظيمين، وتجسدت على أرضها أسمى معاني الوحدة قبل قرن امتدادا لقرون قامت خلالها دولتان تحملان الاسم نفسه، وهي الدولة السعودية الأولى والثانية.
ويعد الملك سلمان بن عبد العزيز حالة نادرة في كثير من الخصال التي لا تخفى على الجميع، ولعل أهمها التسامح تجاه الفرعيات والحزم تجاه الأساسيات، والالتزام واحترامه للوقت، وحرصه على استغلال كل ساعات اليوم في ما ينفع نفسه، وبلاده، ومواطنيه، امتدادا لخصاله الكثيرة والمتعددة.
وفي كتابه المثير عن الملك سلمان بن عبد العزيز للراحل زين العابدين الركابي، تناول المؤلف الجانب الآخر من شخصية الملك سلمان، رصدها عندما كان أميرا للرياض، مشيرا إلى أن «الجانب الآخر الضخم للأمير سلمان الذي وددنا أن يشاركنا فيه قارئ هذا الكتاب، هو أنه (رجل فكر)، بمعنى التفكير الخلاق ذي الرؤية الواضحة، المتسمة بالمبادأة من الاستقلال، والنزوع القوي إلى التنوير، وهو (رجل فكر) من حيث إنه صاحب (نظرية الإبداع في ظل لا إله إلا الله)، كما أنه صاحب (رؤية فكرية) مفعمة بالاستقلال والنقد والتعامل مع المفردات والمصطلحات - مثلا - (كمصطلح القرون الوسطى المظلمة)، فهو يرفض تعميم هذا المصطلح على التاريخ الحضاري العربي الإسلامي، استنادا إلى أن تلك القرون المظلمة في أوروبا يقابلها قرون العلم والمعرفة والعقلانية والتنوير في التاريخ العربي الإسلامي، وهو صاحب (رؤية فكرية) سياسية في فن الحكم وفي الجمع المتناغم بين الدين والدنيا والوطنية والعالمية والإثبات والمرونة.. والشورى والحزم.. والأسرة الخاصة والوطن الكبير، والعمومية الرحبة والأخوة الحميمة، فهو أخ حميم تشعر بأخوته الغامرة الصدوقة، كلما اقتربت منه بعقل واحترام وصدق ووضوح».
والكتاب الذي يقع في 8 فصول، يبدأ بالمقارنة بين شخصية الملك عبد العزيز، ونجله الخامس والعشرين «الذي ورث عن أبيه العظيم حظا موفورا من الخصائص والمواهب، كالذكاء المتوقد، وسرعة البديهة، وقوة الإيمان، وقوة الذاكرة التي لا غنى عنها لكل قائد ناجح، وموهبة الانتظام في العمل، وتقدير الوقت إلى درجة أن موظفي الإمارة يضبطون ساعاتهم على وقت الحضور اليومي للأمير. ومن الخصائص المشتركة المهمة أيضا، ذلك الشغف المعرفي والنزوع إلى تحقيق تنوع ثقافي متعدد المصادر، فالأمير سلمان يقرأ في الدين والتاريخ والسياسة والاقتصاد وعلم الأنساب والاجتماع، وهو صديق صدوق للكتاب في السفر مثلما هو في المقام، ولعل مكتبته المنزلية خير شاهد على مستوى اهتمامه بالجانب الثقافي، إذ تحتوي رفوفها على ما يزيد على ستين ألف مجلد تغطي ثمانية عشر ألف عنوان متنوع، تشمل مختلف حقول المعرفة وميادين الثقافة».
ومن السمات المشتركة التي يرصدها الكتاب كذلك، المتابعة النشيطة والاطلاع المتجدد على الأحداث اليومية المحلية والعالمية، وذلك من خلال القراءة المباشرة للصحف، والاتصالات المباشرة، والزيارات والعلاقات الخارجية مع المنافذ السياسية والدبلوماسية المهمة، ومتابعة التقارير اليومية التي تقدم إليه يوميا باعتباره حاكما إداريا، تتم المتابعة كذلك من خلال مكتبه الخاص ذي النشاط الجم الذي يرصد كل شيء في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي ويقدم عنها خلاصة وافية للأمير، من الناحية الإدارية وفن الحكم، يجتمع السلف والخلف على مبدأ بسيط ومهم في آن، وهو التسامح تجاه الفرعيات والحزم تجاه الأساسيات التي لا يُقبل فيها صفح ولا شفاعة، وهي: الدين، وأمن الدولة، وحقوق الناس ودماؤهم وأعراضهم.
ويشدد الكتاب في فصل بعنوان «المفهوم التنويري للدين»، على الشعار الذي عُرف به الأمير سلمان، وهو «لنفكر ونبدع في ظل لا إله إلا الله»، متتبعا في ذلك خطى والده في الفهم المستنير للإسلام، والتمسك بالثبات والتجديد في الوقت ذاته، «فالثبات هو ثبات التلقي من المصدرية العليا وهي القرآن والسنّة المبنية عليه، وثبات مصادر التشريع لا يعني جمود الفهم والتحجر وعدم الانفتاح على كل ما هو جديد ومفيد، وهو الذي قال: (إن الذي لا يتغير أبدا هو القرآن والسنّة، لكن ثباتهما لم يمنع من سَنّ الأنظمة التي تتطور بتطور الأزمنة)».
وأبرز الكتاب في الفصول الأخيرة المهارات السياسية والملامح الإنسانية التي تميز بها الأمير سلمان، ففي الإدارة تقع الشورى في مركز اتخاذ القرار، لكن المرونة والقبول بالآراء المختلفة قبيل الموافقة على القرار، يتحولان بعد اتخاذه إلى حزم وعدم تساهل في التطبيق.
وفي السياق ذاته نجح المؤلف والإعلامي صالح محمد الجاسر في تقديم كتاب تناول فيه من يحملون اسم «سلمان» دون غيره من الأسماء، مضيفا بذلك إلى المكتبة العربية معلومات غير مسبوقة، حيث هناك قلة من الباحثين والمؤرخين اهتمت بالبحث عن الأعلام الذين يشتركون في اسم معين.
وبدأ صالح محمد الجاسر في كتابه الذي صدر قبل أعوام، وحمل عنوان «إتحاف الأنام بمن اسمه سلمان من الأعلام». وبدأ بالإشارة إلى أن اختياره الكتابة عن «سلمان الاسم» جاء حبا في «سلمان الإنسان»، مشيرا إلى أن بين «سلمان الإنسان» و«سلمان الاسم» توافقا عجيبا. و«قديما قيل: (لكل من اسمه نصيب)، وإذا كان هذا المثل ليس مصيبا على إطلاقه، إلا أنه في حالة سلمان بن عبد العزيز مصيب».
ويقول المؤلف: «وجدت أن الكتابة عن سلمان الإنسان مثل خوض غمار بحر عميق يحتاج إلى زاد ومركب وجماعة من أولي العزم، ولهذا لأن سلمان بن عبد العزيز رفض مرات كثيرة أن يؤلَّف عنه كتاب، زهدا بأن يسمع ما يستحقه من ثناء، وإدراكا منه أن ما يقوم به جزء من الوفاء لهذا الوطن وأهله، اخترت الكتابة عن (سلمان الاسم) حبا في (سلمان الإنسان)، وبحثت عمن حمل هذا الاسم من السابقين، فكان هذا الكتاب الذي تضمن 121 شخصية حملت هذا الاسم».
وفي مدخل الكتاب، قدم المؤلف تعريفا بعلماء اللغة للاسم واشتقاقه، ومصادر الأسماء عند العرب، وتناول باختصار منطلقات الأسماء من معنى أو صفات أو أفعال أو أقوال، مشيرا إلى أن بعض الخلفاء يمنح من يسمى باسمه مالا لإنفاقه على المولود تقديرا لمن يسمى باسمه، مما يجعل الاسم ينتشر بين الناس. وفي المقابل كان بعض الحكام لا يريدون أن يسمى أحد بأسمائهم، ويعتبرون ذلك تقليلا من قيمتهم أو استخفافا بأسمائهم. وأورد المؤلف رواية لأبي حامد الغزالي تتعلق بهذا الجانب، إذ يقول: «كان عبد العزيز بن مروان الذي ولي مصر سنة 65هـ واستمر فيها إلى أن توفي عام 85هـ وهو والد الخليفة عمر بن عبد العزيز، أميرا بمصر، فركب يوما بموضع وإذا رجل ينادي ولده: (يا عبد العزيز)، فسمع الأمير نداءه، وأمر له بعشرة آلاف درهم لينفقها على ذلك الولد الذي هو سميه، ففشا الخبر بمدينة مصر فكل من ولد له في تلك السنة ولد سماه عبد العزيز». وضد ذلك، كان الأمير (الحاجب تاش) بخراسان، فاجتاز يوما بصيارف بخارى ورجل ينادي غلامه وكان اسم الغلام (تاش) فأمر بإزالة الصيارف ومصادرتهم وقال إنما أردتم الاستخفاف باسمي».
وأشار المؤلف الجاسر إلى أن «اسم سلمان يعني: (البريء الخالص من العيوب والآفات)، ولهذا يسمى به الرجل تفاؤلا بسلامته من العيوب والآفات. وسلمان اسم جبل، كما أنه اسم رجل كما جاء في (لسان العرب)، وهو مشتق من كلمة (سلم) ومنها اشتقت الأسماء: سليمان، سليم، سلمى، سلام، سلاّم، سلمة، سالم، سلوم، سلامة». ولاحظ المؤلف أن «اسم سلمان من الأسماء القليلة الاستعمال بين الخلفاء والأمراء والسلاطين، فمن خلال تتبع أسماء الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس وسلاطين الدولة العثمانية، وما نشأ من دويلات في عالمنا الإسلامي خلال فترات التاريخ المختلفة، نجد أن اسم سلمان يكاد يكون غائبا عن هذه الدول. وفي الدولة السعودية بمراحلها الثلاث، نجد أن أول من سمي باسم سلمان من أمراء آل سعود هو الأمير سلمان بن محمد بن سعود بن فيصل آل سعود، وثاني من حمل هذا الاسم هو الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض». ولفت المؤلف إلى أن كثيرا من الأسر في السعودية والأردن والعراق وسوريا ولبنان من السنّة والشيعة والدروز يحمل اسم السلمان، وقد ذكرهم بتفصيل عمر رضا كحالة في كتابه «معجم قبائل العرب»، كما ذكر حمد الجاسر الأسر التي تحمل اسم السلمان في نجد، في كتابه «جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد»، وقدم المؤلف 121 شخصية حملت اسم سلمان.



«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
TT

«الرقابة» السعودية: إيقاف قاض وضباط وموظفين تورطوا بقضايا فساد

الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)
الهيئة أكدت استمرارها في رصد وضبط المتعدين على المال العام ومستغلي الوظيفة لمصالحهم (الشرق الأوسط)

أعلنت «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد» السعودية، الخميس، إيقاف قاض وكاتب عدل وضباط وموظفين في جهات حكومية وخاصة بعد مباشرتها عدة قضايا جنائية خلال الفترة الماضية، مؤكدة أن العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحق مرتكبيها.

وأوضحت الهيئة في بيان، أنه جرى بالتعاون مع وزارة العدل، القبض على قاضٍ بمحكمة عامة لحظة تسلمه مبلغ 670 ألف ريال من أصل مليون ريال مقابل إنهاء قضية منظورة لمواطن بشأن نزع مالي بقيمة 19 مليون ريال بمساعدة قاضٍ آخر يعمل بالمحكمة ذاتها «تم إيقافه»، كذلك كاتب عدل ومواطن لحصولهما على 4 ملايين و461 ألفاً و500 ريال لإفراغ أرض بطريقة غير نظامية.

وأشارت إلى إيقاف موظف بكلية صناعية لاستيلائه على مكافآت شهرية عائدة لطلاب منتهية علاقتهم بها بلغت قيمتها مليوناً و492 ألفاً و72 ريالاً من خلال قيامه بالتلاعب في كشوفات الصرف بإضافة حسابات بنكية لأقاربه ومعارفه، واشتراكهم معه مقابل حصولهم على نصف المبلغ، وموظف بشركة متعاقدة مع هيئة حكومية لحظة تسلمه 150 ألف ريال من مالك كيان تجاري متعاقد مع الشركة بمشروع صيانة تابع للهيئة مقابل صرف مستحقات مالية بمبلغ يفوق 800 ألف ريال.

وأضافت الهيئة أنه تم بالتعاون مع وزارة الداخلية، القبض على ضابط برتبة رائد يعمل بـ«مديرية السجون» لحظة تسلمه 60 ألف ريال من أصل 100 ألف ريال من وكيل موقوف أجنبي بسجن الإبعاد مقابل إطلاق سراحه وعدم إبعاده، وضابط صف بمركز شرطة لحصوله على 100 ألف ريال من مقيمين لحفظ قضيتهم وعدم إحالتها للنيابة العامة، وموظف سابق بالأحوال المدنية لتسلمه 20 ألف ريال لإصدار تعميد لكيان تجاري بالشراء المباشر بطريقة غير نظامية، وضابط صف يعمل بالدوريات الأمنية لاستيقافه مقيماً والاستيلاء على 30 ألف ريال.

ونوّهت بإيقاف موظفين اثنين يعملان بأمانة محافظة لحصولهما على 15 ألف ريال من مواطن «وسيط - تم إيقافه» لإنهاء إجراءات معاملة إصدار شهادة إشغال موقع يملكه رجل أعمال «تم إيقافه»، وعمدة حي لحظة تسلمه 800 ريال للتصديق على نموذج كفالة لمواطن، وموظف بـ«هيئة المواصفات» لحظة تسلمه 6 آلاف ريال لإنهاء إجراءات معاملة بطريقة غير نظامية، وموظف بإحدى الهيئات الملكية لإصداره خطاباً من بلدية موجهاً لمحكمة عامة يتضمن معلومات غير صحيحة تثبت ملكيته لعقار، وترتب على ذلك صدور صك لصالحه بذلك.

وبيّنت أنه جرى بالتعاون مع رئاسة أمن الدولة، إيقاف موظف يعمل بقوات الأمن الخاصة لاستيلائه على أجهزة حاسب آلي وملحقاتها من مقر عمله، كما تم بالتعاون مع «وزارة الشؤون الإسلامية»، إيقاف موظف يعمل بالوزارة لتلاعبه في مسيرات رواتب المتعاقدين لاختلاس مبالغ مالية من خلال إضافة حسابات بنكية لأقارب زميل يعمل معه «تم إيقافه» بغرض التمويه عن مصدرها واقتسام المبالغ بينهما.

وأكدت الهيئة استمرارها في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية أو للإضرار بالمصلحة العامة ومساءلته حتى بعد انتهاء علاقته بالوظيفة؛ كون جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم، مشددة على مضيها في تطبيق ما يقتضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون.