القضاء الاسكوتلندي يرفض تبرئة المقرحي من تفجير لوكربي

الدفاع يصف القضية بـ«الكذبة» ويفنّد اتهاماً أميركياً لـ«أبي عجيلة»

صورة تعود لفبراير 1992 لعبد الباسط المقرحي الليبي المدان بتفجير لوكربي (أ.ف.ب)
صورة تعود لفبراير 1992 لعبد الباسط المقرحي الليبي المدان بتفجير لوكربي (أ.ف.ب)
TT

القضاء الاسكوتلندي يرفض تبرئة المقرحي من تفجير لوكربي

صورة تعود لفبراير 1992 لعبد الباسط المقرحي الليبي المدان بتفجير لوكربي (أ.ف.ب)
صورة تعود لفبراير 1992 لعبد الباسط المقرحي الليبي المدان بتفجير لوكربي (أ.ف.ب)

عبّر ليبيون وموالون لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي عن خيبة أملهم، بعد رفض محكمة اسكوتلندية التماساً قدمته عائلة ضابط الاستخبارات الراحل، عبد الباسط المقرحي، لتبرئته من الإدانة في قضية تفجير طائرة لوكيربي عام 1988.
وبعد أكثر من 32 عاما على الاعتداء، رفض قضاة المحكمة الاستئناف الثالث، الذي تقدمت به عائلة المقرحي أمام القضاء الاسكوتلندي. لكن دفاعها عامر أنور قال إنها ستطعن في الحكم أمام المحكمة البريطانية العليا في غضون 14 يوماً، وعبّر عن صدمة وحزن أسرة المقرحي، المدان الوحيد في القضية، مشيراً إلى أن «محكمة الاستئناف الجنائية أيدت أمس الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية، ورفضت السببين المذكورين للالتماس، ولهذا رفضت الطعن المقدم على الإدانة».
وأكد دفاع عائلة المقرحي في بيانه، أمس، مضيّه قدماً في الطعن في القرار خلال 14 يوماً من الآن، بناءً على طلب موكله، المتمثل في أسرة المقرحي ونجله الأكبر بصفته ممثلهم في القضية، والذي جدد عزمه على تبرئة ساحة أبيه، وبراءة ليبيا أيضا، مطالباً الحكومة البريطانية «بتسليم الوثائق ذات الصلة بالقضية إلى الدفاع في أقرب وقت».
وثمن نجل المقرحي دور أسر الضحايا البريطانيين «وموقفهم المساند للقضية والمؤيد للعدالة»، وقال بهذا الخصوص: «سأزور قبر أبي ذات يوم لأخبره بأن العدالة قد تحققت له، ولو بعد مماته». فيما نوه الدفاع بأنه «تلقى عدداً كبيراً من الوثائق الخاصة بالقضية، بعد إعلان المدعي العام الأميركي اتهام ليبي آخر في القضية في 21 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو أبو عجيلة مسعود، وذلك بعد مرور 32 سنة على الكارثة».
وتابع أنور موضحا: «ما يلفت النظر في الدعوى الأميركية هو أن المتهم قال إنه هو من اشترى الملابس التي لُفت بها القنبلة، وهذا يتناقض مع أهم دليل ضد المقرحي، وهو أن شاهد العيان الرئيسي توني غوتشي قال إن المقرحي، وليس رجلا أسود البشرة (مسعود)، هو من اشترى الملابس منه». متابعاً: «لو أن المحكمة اليوم (أمس) أسقطت الحكم فإن القضية الجديدة ضد مسعود تعتبر منتهية وباطلة».
وتطرق دفاع عائلة المقرحي إلى موقف حكومة «الوفاق» في طرابلس العاصمة، وقال «إنها ستكون الآن تحت ضغط كبير لتسليم مسعود إلى الأميركيين. لكن هؤلاء يدركون أن نجاح الاستئناف في المحكمة العليا في لندن يعني أن قضيتهم خاسرة قبل أن تبدأ».
وتابع مستدركا: «لو أن الحكم سقط اليوم (أمس) لكان هذا كشفاً وتعرية للحكومتين البريطانية والأميركية بأنهما فرضتا كذبة لوكربي على العالم على مدى 32 عاماً، ومارستا العقاب الجماعي ضد الشعب الليبي باسمها لمدة عقد كامل».
ورأى أحد مشايخ عائلة القذاذفة أن هذه القضية «تحكمها أهواء سياسية، بعيداً عن كونها تتعلق بحكم قضائي عادل ونزيه»، وقال الشيخ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رافضاً ذكر اسمه: «المجتمع الدولي ومجموعة الـ(ناتو)، الذين دمروا ليبيا عام 2011 يريدون أن يلصقوا أي تهمة بنظام الأخ القائد القذافي، وبالتالي كلما اقتربت القضية من نهايتها سيُخرجون متهماً جديداً، ويقولون إنه مشارك في تفجير الطائرة، ويجب محاكمته، في ابتزاز واضح لبلدنا».
وأدى انفجار طائرة (بوينغ 747)، التابعة لشركة بانام الأميركية، في الجو فوق قرية لوكربي الاسكوتلندية، إلى مقتل 270 شخصاً، من بينهم 189 أميركياً، بالإضافة إلى طاقمها، ومواطنين من لوكربي. وفي عام 1991 وجهت اتهامات إلى شخصين في الاستخبارات الليبية، هما عبد الباسط المقرحي، والأمين خليفة فحيمة. لكن في 21 من ديسمبر الماضي، اتهمت وزارة العدل الأميركية مسؤولا آخر في الاستخبارات الليبية يدعى أبو عجيلة مسعود بضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة، التي أسقطت الطائرة.
وسبق لنظام القذافي أن أقر رسمياً بمسؤوليته عن اعتداء لوكربي عام 2003. ووافق على دفع تعويضات قدرها 2.7 مليار دولار إلى عائلات الضحايا. وأطلق سراح المقرحي عام 2009 لأسباب صحية، لكنه توفي عام 2012 عن ستين عاماً في ليبيا. وقد لجأت عائلة المقرحي إلى اللجنة الاسكوتلندية في مارس (آذار) لمراجعة الإدانات الجنائية، فقررت الأخيرة رفع القضية إلى محكمة العدل، مع عدم استبعادها وجود «خطأ قضائي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.