صدمة في الأوساط الأمنية الجزائرية بعد مقتل مدنيين في تفجير إرهابي

تنظيم متطرف يبحث عن «الصدى الإعلامي» لأعماله

TT

صدمة في الأوساط الأمنية الجزائرية بعد مقتل مدنيين في تفجير إرهابي

خلَّف مقتل مدنيين في انفجار قنبلة شرق الجزائر أول من أمس، صدمة في الأوساط الأمنية؛ حيث يسود اعتقاد بأن اعتداءات الإرهابيين بالمتفجرات، على أهداف مدنية، انتهت منذ سنوات على خلفية القضاء على عدة متشددين، وتوقف آخرين عن الإرهاب طواعية. وقالت مصادر أمنية محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش سارعت إلى تطويق منطقة وادي خني الروم، بولاية تبسة (600 كيلومتر شرق العاصمة)؛ حيث قتل 5 مدنيين وأصيب ثلاثة بجروح متفاوتة، في انفجار قنبلة تقليدية الصنع، وذلك عندما كانوا داخل شاحنة صغيرة، بصدد المرور بطريق غابي.
وبحسب المصادر نفسها، يعتقد الجيش أن جماعة إرهابية محدودة العدد، فجرت القنبلة بطريقة التحكم عن بعد. مبرزة أن «هدف الإرهابيين إحداث صدى إعلامي، في محاولة يائسة للتأكيد على أن لديهم قدرة على التحكم بالوضع الأمني». واستمر أمس لليوم الثالث، تمشيط منطقة الانفجار، بحثاً عن أثر للمعتدين.
وهذا الهجوم الإرهابي بالمتفجرات الذي لم تتبنَّه أي جهة، هو الأكثر دموية الذي يستهدف مدنيين في الجزائر منذ أعوام.
من جهته، وصف الرئيس عبد المجيد تبون الذي يتلقى العلاج في ألمانيا من «مضاعفات» إصابته بـ«كوفيد- 19» الهجوم بأنه «عمل جبان وهمجي»، وقدم تعازيه لعائلات الضحايا، وفق ما جاء في تغريدة له على «تويتر». وحض رئيس أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة «المواطنين على توخي الحيطة والحذر، وتفادي التنقل في المسالك المشبوهة، والتي يعرفها سكان المنطقة».
وقالت وزارة الدفاع في بيان أول من أمس، إن الجيش قتل جهادياً في منطقة خنشلة المجاورة لتبسة: «في إطار جهود مكافحة الإرهاب» من دون إقامة صلة بين الحادثين.
وأضافت أنه «إثر نصب كمين محكم بواد بودخان، بولاية خنشلة، تمكنت مفرزة للجيش الوطني الشعبي، من القضاء على إرهابي خطير واسترجاع مسدس رشاش، وثلاثة مخازن مملوءة، وجهاز إرسال واستقبال محمول وهاتفين جوالين».
وتستخدم السلطات الجزائرية مصطلح «إرهابي» للإشارة إلى المسلحين المتطرفين الذين يواصلون القتال منذ الحرب الأهلية (1992- 2002). وأوضحت وزارة الدفاع أن العملية متواصلة في خنشلة. وصعَّدت القوات المسلحة الجزائرية عملياتها المماثلة في الأسابيع الأخيرة في شرق وشمال البلاد. وقُتل تسعة جهاديين وأربعة عسكريين خلال مواجهات منذ بداية ديسمبر (كانون الأول)، وفق أرقام وزارة الدفاع. كما أعلنت الأخيرة توقيف «إرهابيين» في مناطق عدة. ورغم وضع ميثاق سلم ومصالحة عام 2005، كان يفترض أن يطوي صفحة «العشرية السوداء» (1992- 2002) للحرب الأهلية التي أودت بنحو 200 ألف شخص، لا تزال تنشط مجموعات مسلحة خصوصاً في شرق البلاد. وأشار الجيش الجزائري في حصيلة عملياته لعام 2020 إلى «القضاء» على 21 جهادياً، والقبض على تسعة، واستسلام سبعة. وأضاف في الحصيلة السنوية أنه أوقف 108 «عناصر دعم للجماعات الإرهابية». وكان الجيش قد قتل 15 جهادياً وأوقف 25 عام 2019. كما ضبط الجيش 40 مسدساً رشاشاً و25 مسدساً آلياً و249 بندقية من أصناف مختلفة، و391 قنبلة ولغماً من أصناف مختلفة عام 2020.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.