منافس نتنياهو يعارض قيام دولة فلسطينية

إدارة بايدن ستسعى لتوسيع نطاق الاتفاقيات بين إسرائيل والدول العربية

TT

منافس نتنياهو يعارض قيام دولة فلسطينية

في الوقت الذي كشفت فيه وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها تلقت رسائل من الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، تفيد بأنه سيواصل سياسة سلفه دونالد ترمب في توسيع نطاق «اتفاقيات أبراهام» لضم دول عربية جديدة، صرح رئيس حزب «أمل جديد»، غدعون ساعر، الذي ينافس بنيامين نتنياهو على رئاسة الحكومة، بأنه يعارض في قيام دولة فلسطينية وسيحاول إقناع الإدارة الجديدة في واشنطن بالتخلي عن هذه الفكرة.
وقال ساعر، خلال لقاءات صحافية عديدة أجريت له مع الصحافة الإسرائيلية والأميركية، أمس الجمعة، إنه في «وضع أفضل» لإجراء حوار مع الرئيس المنتخب، بايدن، أكثر من نتنياهو، وإنه يمتلك أدوات لتجنُّب ما يبدو مسارا تصادميّاً مع إدارة الرئيس الأميركي المقبل.
وقام ساعر بمهاجمة سياسة نتنياهو، «الذي عزز العلاقات بشكل جيد مع الرئيس ترمب، إلا أنه تسبب في نفور العديد من الديمقراطيين»، وتعهد باستعادة الدعم التقليدي من الحزبين الأميركيين لإسرائيل. وقال ساعر إنه لن يوافق أبداً على قيام دولة فلسطينية مستقلة تشمل إزالة المستوطنات، وقال: «أعارض (قيام) دولة فلسطينية في قلب وطننا... أعتقد أنها لن تجلب السلام وسيقوّض قيامها الاستقرار والأمن في المنطقة». وعندما سئل إن لم يكن يخشى من أن يؤدي موقفه هذا إلى «خلاف مع بايدن، الذي يعارض بناء المستوطنات ويفضّل حلّ الدولتين»، أجاب: «سأحاول إقناعه بأن رفض الدولة الفلسطينية يصب في مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة».
وكانت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قد كشفت أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، نقلت في الآونة الأخيرة عدة رسائل إلى تل أبيب، قالوا فيها إن الإدارة الجديدة ستسعى إلى مواصلة عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، التي بدأت خلال الأشهر الأخيرة من ولاية إدارة دونالد ترمب. ولمح إلى ذلك أيضا رئيس دائرة الشرق الأوسط في الوزارة الإسرائيلية، إلياف بنيامين، خلال إحاطة لمندوبين عن عدة معاهد أبحاث وناشطين مؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة، وقال: «لا أعتقد أنه بالإمكان إعادة العلاقات التي أقيمت بين إسرائيل والدول العربية في الأشهر الأخيرة إلى الوراء». وأضاف: «أمام الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة توجد أمور كثيرة على الطاولة قبل أن ينشغلوا بإسرائيل، لكننا على اتصال مع طاقم بايدن، وسمعنا منهم أنهم يؤيدون عملية التطبيع، وأنهم مستعدون لمواصلته وسنعمل معهم على ذلك».
وأكد بنيامين أن إسرائيل تواصل الاتصالات مع دول أخرى في شمال أفريقيا والخليج بهدف التوصل إلى اتفاقيات تطبيع علاقات أخرى. وقال إن «قسما منها مستعد أكثر وقسما مستعد أقل للتوصل لاتفاقيات تطبيع. ولكنني أتوقع انضمام دول أخرى. ولا أعلم إذا كان هذا سيتم خلال أسابيع أو أشهر، لكن ستكون هناك دول أخرى. وأعتقد أن قسما من الدول ينتظر رؤية كيف تقدم العلاقات بين إسرائيل والدول التي وقعت اتفاقيات سلام وتطبيع».
وأشار بنيامين إلى أن طاقما من وزارته موجود، هذه الأيام، في الإمارات من أجل دفع خطوات لفتح سفارة إسرائيلية في أبوظبي وقنصلية في دبي وسفارة في المنامة البحرينية. وأن وفدا إماراتيا وآخر بحرينيا سيصلان إلى إسرائيل بعد انتهاء الإغلاق الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية من أجل مكافحة انتشار فيروس كورونا، من أجل دفع فتح سفارتين لبلديهما في تل أبيب. وهذا مع العلم بأن وزير الخارجية، غابي أشكنازي، عيّن السفير الإسرائيلي السابق في الصين وروسيا وبريطانيا، تسفي حيفتس، مبعوثا خاصا لموضوع فتح مكاتب تمثيل إسرائيلية في الإمارات والبحرين.
وأكد بنيامين أن الرئيس رؤوفين ريفلين، ورئيس الوزراء نتنياهو، والوزير أشكنازي سيقومون بزيارات منفردة إلى كل من الإمارات والبحرين، في القريب، وما يؤخر تنفيذ الزيارات هو القيود التي تفرضها الحكومات بسبب كورونا.
يذكر أن السفير الأميركي المنتهية ولايته لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، أبدى امتعاضه، خلال إحاطة مغلقة قدمها للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، بداية الأسبوع الحالي، بسبب نية بايدن إعادة افتتاح القنصلية العامة للولايات المتحدة في القدس، التي تقدم الخدمات للفلسطينيين. وحض فريدمان على رفض هذه الفكرة ومقاومتها، «لأن خطوة كهذه ستعني رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الأميركي لدى السلطة الفلسطينية، وسيكون ذلك بمثابة إشارة رمزية إلى أن الإدارة الأميركية تعترف بالمطالبة الفلسطينية بأجزاء من مدينة القدس»، على حد تعبيره.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.