المعارضة الجزائرية «تتحفظ» عن قانون الأحزاب الجديد

بحجة أن السلطة «ترفض إحداث قطيعة» مع أساليب النظام القديم

TT

المعارضة الجزائرية «تتحفظ» عن قانون الأحزاب الجديد

تبدي قوى المعارضة في الجزائر تحفظا «مبدئيا» شديدا على قانون الانتخابات الجديد، الذي قالت رئاسة الجمهورية إنها ستعرضه على الأحزاب لـ«إثرائه»، قبل إحالته على البرلمان للمصادقة عليه، تمهيدا لتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. فيما يعتزم الرئيس عبد المجيد تبون الاستعانة بتنظيمات ما يسمى «المجتمع المدني» لتكوين كتلة برلمانية موالية له في غرفة التشريع الجديدة، المرتقبة قبل نهاية العام.
وأكد مسؤولون في «جبهة ال وى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادتي الحزبين ترفضان تسلم مسودة تعديل قانون الانتخابات من الرئاسة، رغم أن النص لم يصدر بعد عن «لجنة الخبراء القانونيين»، التي كلفها تبون بصياغة التعديلات.
وبحسب مسؤولي الحزبين نفسهما فإن السلطة «لم تبد أي رغبة في إحداث قطيعة مع أساليب النظام القديم، وعلى هذا الأساس لا يمكننا تزكية مسعى الترتيب لانتخابات برلمانية مبكرة، نعتقد جازمين أنها ستفرز تشكيلة برلمانية موالية للنظام، كما حدث في انتخابات 2017». في إشارة إلى سيطرة حزبي السلطة على البرلمان، الذي أفرزته الانتخابات الماضية، وهما «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي».
وتشير أصداء من «حزب العمال» اليساري أن أمينته العامة، مرشحة انتخابات الرئاسة سابقا لويزة حنون، غير متحمسة للتعاطي مع مشروع الرئاسة، الذي لا يعرف عنه إلا العنوان، وهو «إصلاح منظومة الانتخابات». أما «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، فقد أكد رئيسها عبد الله جاب الله لأطر حزبه أنه «ليس بالإمكان الخوض في أي مسألة تشرف عليها لجنة خبراء القانون العلمانيين».
وسبق لـ«العدالة» أن انتقدت بشدة هيئة المتخصصين نفسها في القانون الدستوري عندما أصدرت الدستور الجديد، بحجة أنها «مكنت للعلمانية فيه، بينما تم تهميش الثوابت الإسلامية والوطنية».
أما الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، المعارض، فلم يستقر على رأي بشأن الموضوع. ويرجح أن قيادته لن تمتنع عن تسلم مسودة القانون الجديد، وستحدد على ضوء قراءة محتوياته موقفها، وإن كانت سترفع مقترحاتها للرئاسة بشأن النظام الانتخابي الجديد. وقد جرى لقاء بينها وبين قيادة «القوى الاشتراكية»، أول من أمس، تم خلاله بحث موضوع قانون الانتخابات، والأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد، ومرض الرئيس تبون، الذي يوجد حاليا بألمانيا لإجراء عملية جراحية.
وبعكس الأحزاب الإسلامية الأخرى، تميل «حركة البناء الوطني» إلى تبني مسعى الرئيس.
وإذا كان رفض المعارضة للمشروع واضح، فإن ذلك لا يعني أنها لن تشارك في انتخابات البرلمان المبكرة. ذلك أن أحزابها ترى أن «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، هو منبر لتبليغ مواقفها من أعمال السلطة، وبالتالي وجودها به، ولو شكليا، يعتبر أفضل من غيابها.
وبعكس هذه الأحزاب، يلقى القانون الجديد دعما كبيرا من طرف «جبهة التحرير» و«التجمع الوطني»، رغم الحرج الذي يجده تبون في إعلان دعمهما له، وذلك لارتباطهما بعهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وسجن كثير من قيادييهما بتهم فساد. علما بأن تبون نفسه كان قياديا في «جبهة التحرير» قبل أن يترشح للرئاسة، ولم يستقل منه بصفة رسمية.
كما يلقى المسعى ترحيبا من «الموالاة الجديدة»، ممثلة في حزب «جيل جديد» (ليبرالي)، المؤيد لسياسات الرئيس تبون بعد أن كان معارضا شرسا لنظام بوتفليقة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.