بعيداً عن لعبة الأرقام... بيليه في مكانة مختلفة

سانتوس يعدل الإحصاءات بعد تحطيم ميسي الرقم القياسي المسجل باسم الأسطورة البرازيلي

TT

بعيداً عن لعبة الأرقام... بيليه في مكانة مختلفة

قد يبدو الأمر غريباً إذا نظرنا إلى الوراء الآن، لكن تم الاحتفال بعيد ميلاد الأسطورة البرازيلية بيليه الخمسين بإقامة مباراة استعراضية تضم عدداً من نجوم كرة القدم حول العالم، وتم بث هذه المباراة على الهواء مباشرة في جميع أنحاء المعمورة.
وقبل انطلاق المباراة، التي أقيمت على ملعب «سان سيرو»، ظهر بيليه بنفسه وهو يلوح للجماهير، بينما كان الجميع يقولون «عيد ميلاد سعيد عزيزي بيليه». هل لاحظتم أنني أردد اسم بيليه كثيراً؟ هناك مفهوم في علم النفس يسمى «الإشباع الدلالي»، بمعنى أن يتم تكرار أو سماع الكلمة كثيراً حتى تفقد أي معنى لها.
وفي الستينات من القرن الماضي، أجرى علماء الاجتماع تجارب ردد خلالها الناس كلمة «نافذة» مئات المرات، ثم سجلوا المدة التي سيستغرقها الأمر حتى يبدأ المبحوثون في الشك في أن «نافذة» هي كلمة من الأساس، أو أن النوافذ موجودة بالفعل!
ويمكن القول إن هذا هو ما يحدث بالفعل مع بيليه. فكم مرة نسمع هذا الاسم يتردد؟ وما الذي يأتي إلى ذهنك عندما تسمع هذا الاسم؟ هل يأتي إلى ذهنك قميص ذهبي اللون، أم قصة شعر معينة، أم طريقة معينة للركض، أم رجل يرتدي حلة بيضاء ويلوح للناس داخل ملعب بيسبول؟
لقد تم اختيار بيليه كأشهر شخص في العالم في عام 1970، وتنبأ الفنان الأميركي الشهير آندي وارهول بأن تستمر شهرة وشعبية بيليه «لمدة 15 قرناً». وقد برز اسم بيليه في الأخبار مرة أخرى خلال الشهر الماضي ويناير (كانون الثاني) الحالي، وذلك عندما سجل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي هدفه رقم 644 بقميص برشلونة - وهو عدد الأهداف الذي يقال إنه تجاوز عدد الأهداف التي سجلها بيليه مع نادي سانتوس.
لكن بعد مرور خمسة أيام، رد نادي سانتوس، الذي قال إن بيليه قد سجل 1091 هدفاً بقميص النادي، بما في ذلك الأهداف التي سجلها الأسطورة البرازيلية في المباريات الودية في حقبة الستينات من القرن الماضي.
ولم يكن من الغريب أن يتحول هذا الأمر إلى نزاع، نظراً لأن هناك أنشطة تجارية بملايين الدولارات تسعى دائماً لحماية مصالحها. لكن هناك شيء آخر يجب الانتباه إليه، وهو أن هناك شعوراً بالقلق من التقليل من مكانة بيليه بشكل غير ملائم، وأن تكون هناك «حرب ثقافية» تؤدي إلى إضاعة كل شيء ثمين في هذه العملية.
وقد كان هناك شعور مماثل عندما رحل النجم الأرجنتيني دييغو مارادونا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فنظراً لأننا قد عشقنا مارادونا بسبب «قلبه المتمرد»، فقد أدى ذلك إلى حالة من اللغط بحق بيليه، رغم أن هناك اختلافاً كبيراً للغاية بين شخصية النجمين الكبيرين ولا يربطهما سوى أنهما من أهم وأبرز لاعبي كرة القدم عبر تاريخها الطويل.
وقد لعب مارادونا نفسه على هذا الوتر في حياته، حيث سخر من بيليه واتهمه بعدم تمجيد كرة القدم. ورغم تألق مارادونا داخل ملاعب كرة القدم، فمن المهم أيضاً أن نتذكر أنه كان يهزي في كثير من الأوقات. أما بيليه في المقابل، فإنه لم يتناول المنشطات ولم يخدع أو يغش أو يطلق النار على الناس أو يتسكع مع القتلة. لذلك، ينبغي أن نأخذ كل هذه الأمور في الاعتبار عندما نتحدث عن أساطير كرة القدم.
وبالتالي، لا تجب السخرية من السجل التهديفي لبيليه، وتوجيه الاتهامات بأن هناك تلاعباً في عدد الأهداف التي أحرزها. لكن هناك بعض الأشياء التي يجب أن نشير إليها في هذا الصدد. أولاً، يجب التأكيد وقبل كل شيء أن بيليه أسطورة حقيقية وشخصية رائعة. وعادة ما تكون المقارنات غير مجدية، لكنها قد تكون مثيرة للاهتمام أيضاً. وتجب الإشارة أيضاً إلى أن ميسي وجيله من اللاعبين الآخرين جاءوا في وقت يتم فيه تأريخ وإدارة وتنظيم كل شيء وكل لحظة، وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً أيام بيليه.
ربما لم يكن 2020 هو العام المثالي أو العام المتوقع بالنسبة لأسطورة كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي، ولكنه لم يخلُ أيضاً من ممارسة اللاعب الموهوب والمخضرم لهوايته في تحطيم الأرقام القياسية.
وعلى مدار 2020، مر ميسي بأكثر من أزمة حقيقية كانت كفيلة بالتأثير السلبي بشكل كبير للغاية على مستواه داخل الملعب أو على مواصلته تحطيم الأرقام القياسية مع الفريق.
ولكن الشهور الماضية شهدت مواصلة «البرغوث» الأرجنتيني للوثب على منصات الأرقام القياسية التي كان أحدثها قبل أيام من خلال تحطيم رقم قياسي للأسطورة البرازيلي بيليه، بعدما ظل هذا الرقم صامداً لعقود طويلة دون أن يجد من يحطمه.
لقد أثنى الأسطورة بيليه على النجم الأرجنتيني عبر تطبيق «إنستغرام». وقال: «عندما يفيض قلبك بالحب، يكون من الصعب تغيير مسارك». وأضاف: «أنا مثلك، أعرف ما هو حب ارتداء القميص نفسه في كل يوم. وكذلك أعرف أنه لا شيء يكون لديك أفضل من المكان الذي تشعر فيه كأنه بيتك».
وأضاف بيليه: «التهنئة لك يا ليونيل على رقمك التاريخي. ولكن الأهم من كل شيء، التهنئة لك على مسيرتك الجميلة في برشلونة». وتابع بيليه: «قصص مثل قصصنا، المتعلقة بحب النادي نفسه لفترة طويلة، للأسف ستصبح نادرة بشكل متزايد في كرة القدم. أنا معجب بك كثيراً ليونيل ميسي».
وكان بيليه (80 عاماً)، قد سجل ظهوره الأول مع فريق سانتوس في عام 1956 وهو في الخامسة عشرة من عمره، وواصل اللعب مع الفريق حتى عام 1974، وقد شارك في إجمالي 665 مباراة رسمية، قبل أن يقوم النادي البرازيلي بتعديل أرقامه.
لا يوجد أدنى شك في أن ليونيل ميسي موهبة خارقة للطبيعة، فهو لاعب عبقري ورياضي حقيقي. لكن تظل الحقيقة تتمثل في أن الوقت الحالي هو الوقت المثالي لبروز أي عبقرية كروية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بلاعب يمتلك قدرات وإمكانات مثل تلك التي يمتلكها ميسي.
وفي المقابل، لم تكن هذه الأشياء متاحة في الفترة التي كان يلعب فيها بيليه، فقد وُلد بينما كانت الرياضة البرازيلية تعاني من كثير من المشاكل، وكان يلعب حافي القدمين، وعمل في تلميع الأحذية وبائعاً للفول السوداني المسروق!
ولم يكن بيليه يمتلك أي شيء سوى موهبته الفطرية، التي جعلته أول نجم رياضي عالمي أسود البشرة، ومصدراً لإلهام الآخرين. لقد فاز بيليه بكأس العالم وهو في السابعة عشرة من عمره، وكان يبدو مختلفاً تماماً عن باقي اللاعبين من حوله، كأنه جاء من كوكب آخر.
وتجب الإشارة أيضاً إلى أنه من السخافة أن نقول إن بيليه قد تألق بهذا الشكل لأن كرة القدم في عصره كانت أسهل كثيراً مما هي عليه الآن. وتظل الحقيقة تتمثل في أن مباريات سانتوس الودية تعادل الآن مباريات دوري أبطال أوروبا. فهل كان تسجيل بيليه لثلاثة أهداف (هاتريك) ضد أتلتيكو مدريد في مباراة ودية عام 1966، أسهل من تسجيل ميسي لثلاثة أهداف ضد فيكتوريا بيلزن في مدينة شبه ميتة عام 2011؟ من يعرف؟ لكن الشيء المؤكد هو أن كلاً منهما قد سجل ثلاثة أهداف!
وفي النهاية، أود أن أؤكد أن بيليه هو من أعاد اختراع هذه اللعبة، من خلال فكرة النجومية الفردية في عالم كرة القدم، وبطريقة لا يمكن تكرارها الآن. وسيظل بيليه بمثابة هدية من الله لنا جميعاً، ولا يمكن لأي لاعب مهما كان أن يقترب من مكانته.


مقالات ذات صلة

ميكالي: أسعى لبناء جيل جديد لكرة القدم المصرية

رياضة عربية روجيرو ميكالي مدرب منتخب مصر للشباب (منتخب مصر)

ميكالي: أسعى لبناء جيل جديد لكرة القدم المصرية

يسعى البرازيلي روجيرو ميكالي، مدرب منتخب مصر للشباب، لبناء جيل جديد بعدما قاد الفريق لبلوغ كأس أمم أفريقيا لكرة القدم دون 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية جماهير الزمالك وجهت هتافات مسيئة في مواجهة النادي المصري (نادي الزمالك)

إيقاف طاهر لاعب الأهلي... وتغريم الزمالك بسبب الهتافات

قررت رابطة الأندية المصرية المحترفة لكرة القدم، الثلاثاء، إيقاف طاهر محمد طاهر مهاجم الأهلي مباراة واحدة، وتوقيع غرامة مالية كبيرة على الزمالك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة سعودية العضوية الذهبية للاتحاد السعودي لكرة القدم بميثاق برنامج الواعدين (الشرق الأوسط)

اتحاد القدم السعودي يفوز بذهبية ميثاق الواعدين

أصبح الاتحاد السعودي لكرة القدم، الاتحاد العاشر الذي يحصل على عضوية المستوى الذهبي بموجب ميثاق الواعدين في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
رياضة عربية الوحدات تأهل لثمن نهائي دوري أبطال آسيا 2 (نادي الوحدات)

«أبطال آسيا 2»: الوحدات إلى ثمن النهائي

بلغ الوحدات الأردني الدور ثمن النهائي لدوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم بتعادله مع سباهان أصفهان الإيراني 1 - 1.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عالمية خوليان ألفاريز تألق وقاد أتلتيكو لفوز كاسح على سبارتا براغ (أ.ف.ب)

«دوري أبطال أوروبا»: فوز ثمين لميلان وكاسح لأتلتيكو

حقق كل من ميلان الإيطالي وأتلتيكو مدريد الإسباني فوزاً ثالثاً في خامس مباراة في دور المجموعة الموحدة لمسابقة دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (براغ)

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
TT

بطولة إيطاليا: إنتر للنهوض من كبوة الديربي... ويوفنتوس للعودة إلى سكة الانتصارات

لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)
لاعبو ميلان وفرحة تخطي الجار اللدود إنتر (أ.ب)

يسعى إنتر حامل اللقب إلى النهوض من كبوة الديربي وخسارته، الأحد الماضي، أمام جاره اللدود ميلان، وذلك حين يخوض (السبت) اختباراً صعباً آخر خارج الديار أمام أودينيزي، في المرحلة السادسة من الدوري الإيطالي لكرة القدم. وتلقى فريق المدرب سيموني إينزاغي هزيمته الأولى هذا الموسم بسقوطه على يد جاره 1-2، بعد أيام معدودة على فرضه التعادل السلبي على مضيفه مانشستر سيتي الإنجليزي في مستهل مشواره في دوري أبطال أوروبا.

ويجد إنتر نفسه في المركز السادس بثماني نقاط، وبفارق ثلاث عن تورينو المتصدر قبل أن يحل ضيفاً على أودينيزي الذي يتقدمه في الترتيب، حيث يحتل المركز الثالث بعشر نقاط بعد فوزه بثلاث من مبارياته الخمس الأولى، إضافة إلى بلوغه الدور الثالث من مسابقة الكأس الخميس بفوزه على ساليرنيتانا 3-1. ويفتقد إنتر في مواجهته الصعبة بأوديني خدمات لاعب مؤثر جداً، هو لاعب الوسط نيكولو باريلا، بعد تعرّضه لإصابة في الفخذ خلال ديربي ميلانو، وفق ما قال بطل الدوري، الثلاثاء.

وأفاد إنتر بأنّ لاعب وسط منتخب إيطاليا تعرّض لتمزق عضلي في فخذه اليمنى، مضيفاً أنّ «حالته ستقيّم من جديد الأسبوع المقبل». وذكر تقرير إعلامي إيطالي أنّ باريلا (27 عاماً) سيغيب إلى ما بعد النافذة الدولية المقررة الشهر المقبل، ما يعني غيابه أيضاً عن المباراتين أمام النجم الأحمر الصربي (الثلاثاء) في دوري أبطال أوروبا، وتورينو متصدر ترتيب الدوري.

«كانوا أفضل منا»

وأوضحت صحيفة «غازيتا ديلو سبورت»، التي تتخذ من ميلانو مقراً لها، أن إينزاغي حاول تخفيف عبء الخسارة التي تلقاها فريقه في الديربي بهدف الدقيقة 89 لماتيو غابيا، بمنح لاعبيه فرصة التقاط أنفاسهم من دون تمارين الاثنين، على أمل أن يستعيدوا عافيتهم لمباراة أودينيزي الساعي إلى الثأر من إنتر، بعدما خسر أمامه في المواجهات الثلاث الأخيرة، ولم يفز عليه سوى مرة واحدة في آخر 12 لقاء. وأقر إينزاغي بعد خسارة الدربي بأنهم «كانوا أفضل منا. لم نلعب كفريق، وهذا أمر لا يمكن أن تقوله عنا عادة».

ولا يبدو وضع يوفنتوس أفضل بكثير من إنتر؛ إذ، وبعد فوزه بمباراتيه الأوليين بنتيجة واحدة (3 - 0)، اكتفى «السيدة العجوز» ومدربه الجديد تياغو موتا بثلاثة تعادلات سلبية، وبالتالي يسعى إلى العودة إلى سكة الانتصارات حين يحل (السبت) ضيفاً على جنوا القابع في المركز السادس عشر بانتصار وحيد. ويأمل يوفنتوس أن يتحضر بأفضل طريقة لرحلته إلى ألمانيا الأربعاء حيث يتواجه مع لايبزيغ الألماني في مباراته الثانية بدوري الأبطال، على أمل البناء على نتيجته في الجولة الأولى، حين تغلب على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3-1. ويجد يوفنتوس نفسه في وضع غير مألوف، لأن جاره اللدود تورينو يتصدر الترتيب في مشهد نادر بعدما جمع 11 نقطة في المراحل الخمس الأولى قبل استضافته (الأحد) للاتسيو الذي يتخلف عن تورينو بفارق 4 نقاط.

لاعبو إنتر بعد الهزيمة أمام ميلان (رويترز)

من جهته، يأمل ميلان ومدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا الاستفادة من معنويات الديربي لتحقيق الانتصار الثالث، وذلك حين يفتتح ميلان المرحلة (الجمعة) على أرضه ضد ليتشي السابع عشر، قبل رحلته الشاقة جداً إلى ألمانيا حيث يتواجه (الثلاثاء) مع باير ليفركوزن في دوري الأبطال الذي بدأه بالسقوط على أرضه أمام ليفربول الإنجليزي 1-3. وبعد الفوز على إنتر، كان فونسيكا سعيداً بما شاهده قائلاً: «لعبنا بكثير من الشجاعة، وأعتقد أننا نستحق الفوز. لا يمكنني أن أتذكر أي فريق آخر تسبب لإنتر بكثير من المتاعب كما فعلنا نحن».

ويسعى نابولي إلى مواصلة بدايته الجيدة مع مدربه الجديد، أنطونيو كونتي، وتحقيق فوزه الرابع هذا الموسم حين يلعب (الأحد) على أرضه أمام مونتسا قبل الأخير، على أمل تعثر تورينو من أجل إزاحته عن الصدارة. وفي مباراة بين فريقين كانا من المنافسين البارزين الموسم الماضي، يلتقي بولونيا مع ضيفه أتالانتا وهما في المركزين الثالث عشر والثاني عشر على التوالي بعد اكتفاء الأول بفوز واحد وتلقي الثاني ثلاث هزائم. وبعدما بدأ مشواره خليفة لدانييلي دي روسي بفوز كبير على أودينيزي 3-0، يأمل المدرب الكرواتي إيفان يوريتش منح روما انتصاره الثاني هذا الموسم (الأحد) على حساب فينيتسيا.