البرلمان العراقي يبحث قانون الموازنة وسط استمرار الخلافات السياسية

البرلمان العراقي يبحث قانون الموازنة وسط استمرار الخلافات السياسية
TT

البرلمان العراقي يبحث قانون الموازنة وسط استمرار الخلافات السياسية

البرلمان العراقي يبحث قانون الموازنة وسط استمرار الخلافات السياسية

وسط خلافات حادة، اختتم البرلمان العراقي الأسبوع الأول من مهلة تمديد فصله التشريعي لنحو شهر لمناقشة قانون الموازنة المالية الذي أقره مجلس الوزراء، من دون التوصل إلى نتيجة نهائية.
وفي حين أبقى البرلمان جلساته مفتوحة بهدف التوصل إلى حلول نهائية لمختلف الجوانب التي تخص الإنفاق والمصروفات في الموازنة التي بلغ العجز المالي فيها نحو 70 في المائة منها بواقع أكثر من 60 مليار دولار، فإن اللجنة المالية اختارت دار الضيافة الحكومية لمناقشة فقرات الموازنة على مدار الأسبوع.
وبدا أن الخلاف المزمن بين الحكومية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان يتجه نحو الحل عبر تسليم أربيل واردات نحو 250 ألف برميل نفط يومياً للمركز مقابل رواتب موظفي الإقليم، إلا أن الخلافات بخصوص الجوانب الأخرى ومنها ورقة الإصلاح المالي لا تزال ضمن محاور الخلاف.
وفي هذا السياق، أكد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي خلال لقائه، أمس، وزير المالية علي عبد الأمير علاوي «أهمية الحد من انعكاسات الوضع المالي الحالي على الوضع الاقتصادي في البلاد، والعمل على وضع الخطط والإجراءات المطلوبة لمواجهة الأزمة المالية الراهنة وتجاوز تداعياتها وحماية حقوق المواطنين»، طبقا للبيان الصادر عن مكتب الحلبوسي.
وكانت مداخلات أعضاء البرلمان ركزت على إصلاح القطاعين الزراعي والاستثماري، بمنح المستثمرين العراقيين فرصاً ‏للمساهمة في إصلاح الواقع الاقتصادي وتجاوز الأزمة المالية و«إلغاء جولات تراخيص ‏العقود مع الشركات الأجنبية وكأنها تشارك العراقيين ملكية المشاريع المحلية».
كما طالب النواب بمتابعة إيرادات شركات الهاتف النقال وإلزامها دفع الديون المترتبة عليها والمطالبة بتضمين الموازنة معظم الالتزامات المالية التي تخص تعويضات المواطنين الذين لهم حقوق مترتبة على الحكومة.
في السياق نفسه، فإن الخلافات بين القوى السياسية تمثلت برفض العديد من الكتل السياسة لبعض التخصيصات المالية الفائضة أو «المجحفة». ونتيجة لهذه الخلافات، فإن البرلمان لم يتمكن من تمرير القراءة الثانية لمشروع الموازنة، ما يعني استئناف الجلسات والمناقشات بدءاً من غد السبت.
إلى ذلك، بحث الرئيس العراقي برهم صالح مع وفد كردي يقوده الرئيس المشترك لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني» لاهور شيخ جنكي ملف الموازنة الحالية وحصة إقليم كردستان منها. وقال بيان أصدره شيخ جنكي إن اللقاءً الذي جمعه برئيس الجمهورية حضره «عدد من أعضاء المكتب السياسي والمجلس القيادي للاتحاد الوطني، وأعضاء من كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب العراقي».
وأضاف شيخ جنكي أن «اللقاء شهد التباحث حول تكثيف الجهود لتمرير مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، وضمان حصة إقليم كردستان في مشروع القانون». وشدد على «ضرورة وحدة الخطاب والموقف للأطراف الكردية في بغداد لمعالجة المشاكل في سبيل تحسين الحالة المعيشية لشعبنا وضمان رواتب الموظفين».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.