أنقرة تؤكد دعمها العملية السياسية في ليبيا

فيما تواصل نقل الأسلحة إلى قوات «الوفاق»

المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)
المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تؤكد دعمها العملية السياسية في ليبيا

المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)
المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)

أكدت تركيا دعمها للعملية السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة في ليبيا، في الوقت الذي أعلن فيه «الجيش الوطني» الليبي أن قواتها سيطرت تماما على قاعدة الوطية، واستمرار الجسر الجوي إلى مصراتة لدعم ميليشيات حكومة الوفاق الوطني في غرب البلاد، برئاسة فائز السراج.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده «عازمة على الاستمرار في إبقاء نافذة الفرص مفتوحة من أجل حل سياسي، قابل للتطبيق وشامل ودائم وسلمي في ليبيا»، مؤكدا دعمها للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
وقيم جاويش أوغلو، في مقابلة صحافية أمس النتائج الأولية لمنتدى الحوار السياسي الليبي بـ«الإيجابية»، وأكد ترحيب بلاده بقرار الأطراف المعنية في ليبيا إجراء انتخابات تشريعية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) القادم. لافتا إلى أن نجاح المنتدى «يعتمد على مستوى التوافق بين أعضائه ومواءمة مواقف جميع الشركاء».
كما نوه الوزير التركي بالجهود «الصادقة المبذولة من أجل تسلم الليبيين مقاليد الأمور لتحقيق الحل السياسي»، لكنه نبه في الوقت ذاته إلى ضرورة عدم تجاهل الصلة القوية بين التقدم السياسي والوضع العسكري الميداني، وضرورة حماية وقف إطلاق النار، لافتا في هذا السياق إلى أن بلاده رفضت منذ البداية مساعي فرض الحل العسكري للصراع القائم في ليبيا.
في سياق ذلك، شدد جاويش أوغلو على أنه «لا حل عسكريا للأزمة في ليبيا، ولولا ضمان تركيا للتوازن لكانت ليبيا قد انجرت إلى الفوضى من خلال عرقلة العملية السياسية لفترة طويلة».
وجاءت تصريحات جاويش أوغلو عقب إعلان الجيش الوطني الليبي، أول من أمس، سيطرة القوات التركية على قاعدة الوطية بالكامل، حيث صرح المتحدث باسم الجيش، اللواء أحمد المسماري، بأن تركيا «تواصل عملية الحشد، ولديها جسر جوي مع الوطية ومصراتة»، لافتا إلى أن فرقاطة تركية رست في ميناء الخمس ليوم واحد.
ويشهد ميناء الخمس في شرق طرابلس عمليات تدريب للقوات البحرية، التابعة للوفاق تحت إشراف عسكريين أتراك.
في غضون ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عودة عدد من المرتزقة السوريين، الذين أرسلتهم أنقرة إلى ليبيا للقتال إلى جانب الوفاق لأسباب صحية، في ظل توقف عودتهم لحوالي ثلاثة أشهر.
ونقل المرصد عن مصادره أن الدفعة الجديدة بلغت 40 مقاتلا، وأن عودتهم لم تكن طبيعية في ظل توقف عمليات العودة، حيث عمدوا إلى دفع رشوة لأطباء في ليبيا، مقابل كتابة تقارير تفيد بأن وضعهم الصحي سيئ ويستوجب عودتهم، وبلغت قيمة الرشوة التي دفعت نحو 500 دولار عن المقاتل الواحد، ثم قاموا بعد ذلك بتقديم هذه التقارير الطبية لقاداتهم ليوافقوا على عودتهم، وهو ما حدث بالفعل، إذ جرى نقلهم إلى تركيا في بداية الأمر، ومن ثم إلى سوريا.
وكشفت المصادر أن المرتزقة العائدين لم يحصلوا إلا على ربع مستحقاتهم الشهرية المتفق عليها، حيث تقاضوا فقط 500 دولار في الشهر، بدلا من 2000 دولار. كما أنهم لم يتقاضوا رواتب منذ أكثر من 5 أشهر.
وسبق أن كشف المرصد عن استياء شديد في أوساط المرتزقة من الفصائل الموالية لأنقرة، بسبب استمرار قادة الفصائل في الاحتيال عليهم، عبر المتاجرة برواتبهم الشهرية، واقتطاع قسم كبير منها. فضلاً عن التأخير بتسليمهم إياها، ولا يستثنى من ذلك إلا المقاتلين التركمان الذين يعاملون معاملة جيدة نسبيا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.