ارتفاع أسعار الخبز يثير غضب الليبيين

تهديدات بالتظاهر احتجاجاً على الغلاء

جل الأسر الليبية باتت تشتكي من غلاء الأسعار (رويترز)
جل الأسر الليبية باتت تشتكي من غلاء الأسعار (رويترز)
TT

ارتفاع أسعار الخبز يثير غضب الليبيين

جل الأسر الليبية باتت تشتكي من غلاء الأسعار (رويترز)
جل الأسر الليبية باتت تشتكي من غلاء الأسعار (رويترز)

وحّدت الأزمات الاقتصادية بين عموم الليبيين في شرق البلاد وغربها، وسط ارتفاع شكاوى المواطنين من ارتفاع أسعار الخبز منذ بداية الأسبوع، وذلك على خلفية قرار المصرف المركز توحيد سعر الصرف في عموم البلاد بـ4.48 دينار، مقابل الدولار الواحد.
وحمّل نقيب الخبازين، سعيد بوخريص، جانبا من الأزمة لشركات المطاحن العامة والخاصة، وقال إنها رفعت سعر الدقيق لأعلى مستوى، من 150 إلى 210 دنانير للقنطار، أي ما يعادل 47 دولاراً تقريباً، بعد ما كان يباع بـ155 ديناراً فقط، أي نحو 35 دولاراً للقنطار، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخامات المستخدمة في الخبز مثل الخميرة والزيت.
ورفض بوخريص في تصريحات نقلتها فضائية «ليبيا بانوراما»، تحميل أصحاب المخابز المسؤولية بشكل كامل، قبل أن يلفت إلى أن اعتمادات استيراد الدقيق لم تفعّل منذ 8 أشهر، لافتاً إلى أن أسعار الدقيق تشهد ارتفاعاً منذ سنوات، «لكن هناك استغلالا واضحا للظروف الحالية من قبل الشركات المختصة».
ونوه بوخريص في هذا السياق إلى أن نقابة الخبازين حاولت إقناع أصحاب المخابز بالانتظار، وعدم رفع سعر الخبز لأيام، حتى يتم إيجاد حل مع المطاحن والوزارات المعنية، لكنهم لم يستجيبوا.
ولم تعرف ليبيا أزمة خبز خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، إذ كان يباع 20 رغيفاً بدينار واحد، لكن بعد ذلك تراجع العدد إلى أربعة، قبل توحيد سعر الصرف في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ثم تراجع إلى ثلاثة أرغفة مقابل دينار واحد، بعد ارتفاع سعر الدقيق.
وعلى مدار السنوات الماضية، ظلت ليبيا تعتمد سعرين رسميين للصرف: الأول هو 1.40 دينار في مقابل الدولار الواحد، مخصص حصراً للأغراض الحكومية. والثاني 3.9 دينار للأغراض التجارية والشخصية، وقد حدث تعديل سعر صرف الدينار خلال أول اجتماع موحد لمجلس إدارة البنك المركزي الليبي منذ عام 2014.
وحذرت بلدية طرابلس المركز في تصريح أمس جميع أصحاب المخابز داخل النطاق الإداري للبلدية بأنها «ستتابع بالتنسيق مع جهاز الحرس البلدي تنفيذ قرار وزارة بشأن ضوابط تصنيع رغيف الخبز وتحديد سعره»، وتوعدت البلدية بـ«اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين».
يقول عبد الكريم المراجعي، الذي يقيم في بنغازي، مشتكيا من ارتفاع الأسعار في ظل تدني الرواتب: «المواطن الليبي أصبح محاصرا بالمشاكل والأزمات، وبالتالي لم يعد يطيق تحمل مزيد من غلاء الأسعار»، محذراً من أن «الأجواء المشحونة بالغضب ستنفجر في شكل تظاهرات في وجه حكومة عبد الله الثني قريباً، إذا لم تستدرك الأمر».
ونوه المراجعي إلى أن الليبيين «يعيشون اليوم كثيرا من الأزمات، ولا ينقصهم ارتفاع سعر الخبز، خاصة أن الرواتب لم تصرف منذ ثلاثة أشهر، فضلاً عن أنها أصبحت لا تتناسب مع غلاء الأسعار».
وسبق لوكالة الأنباء الليبية، الموالية لحكومة شرق ليبيا، أن نقلت عن النقيب إبراهيم الطلحي، الناطق الرسمي باسم جهاز الحرس البلدي، أن الجهاز تلقى عدة شكاوى من المواطنين بسبب ارتفاع سعر الخبز، داعياً الحكومة والجهات المسؤولة بالتحرك الفور، نظراً لتأثير ذلك على فئة كبيرة من الليبيين «الذين قد يعجزون عن توفير لقمة العيش لأسرهم».
وحتى وقت قريب كان سعر قنطار الدقيق في طرابلس العاصمة لا يتعدى 160 ديناراً، فيما يتراوح سعر لتر الزيت بين ستة وثمانية دنانير. وبحسب بيانات حكومية يستهلك الليبيون 1.3 مليون طن من القمح سنوياً، تستورد الدولة 75 في المائة منها بعدما تراجع الإنتاج المحلي من القمح إلى 250 ألف طن، فضلاً عن استيراد أكثر من 80 في المائة من احتياجاتها الغذائية.
يقول رجل الأعمال الليبي، حسني بي، إن ارتفاع سعر الخبز الذي صاحب توحيد سعر الصرف «أزمة مفتعلة»، لافتاً إلى أن قرار التعديل «خطوة صحيحة، وفي صالح جميع الليبيين».
وأضاف بي في تصريحات تلفزيونية نقلتها قناة «ليبيا الحدث» أنه تم خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إبلاغ موردي القمح بنفاد المخصصات لأغراض عدة، ومنها القمح، منوها بأن المصرف المركزي «طلب من المجلس الرئاسي تعديل نسبة الرسوم على مبيعات النقد الأجنبي. إلا أن طلبه رُفض فتوقف منح الاعتمادات الدولارية لمدة 3 أشهر، وهو ما تسبب في نقص كميات القمح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».